تتعرّض الرتبة العسكرية اليمنية الى انتهاكات خطيرة، وفي وقت تشهد كافة جوانب الحياة في العاصمة صنعاء كساداً غير مسبوق، فإن سوق التعيينات والترقيات العسكرية يعيش أزهى وأبهى عصوره. ومنذ اجتياح العاصمة نهار ال 21 من سبتمبر 2014م، شهدت الساحة المحلية سلسلة ترقيات عسكرية لشخصيات هاشمية حوثية لم تدخل يوماً السلك العسكري، ولم تشارك في معركة، حتى وإن كانت تكتيكية، هذا دون الحاجة الى القول بأن أصحاب تلك الترقيات لا يجيدون شيئاً في علوم القتال واستخدام السلاح سوى استخدام البندقية أو المسدس الشخصي. شخصيات كثيرة فرضت نفسها، واختصرت أعواماً كثيرة من العناء والجد والبذل والتضحية والمخاطرة والشجاعة، وأصبحت ب "شخطة قلم" على ذات المستوى العسكري مع قيادات أفنت عمراً طويلاً في ميدان الجندية. ومن طرائف الواقع – إن جاز لنا التعبير – أدرك المواطنون البسطاء في العاصمة هذه الحقيقة المرة، فبدأت تجارة جديدة بالرواج والانتشار، حيث بدأت العديد من محلات الخياطة العسكرية "الميري" بإضافة قسم في المعروضات خاص بالرتب العسكرية، وما عليك الا اختيار ما تراه مناسباً لطموحاتك " عقيد – عميد – لواء – لواء ركن " أو حتى فريق. ويذكرنا هذا المشهد البائس بعدد من القصص لشخصيات حوثية أصابت منصباً عسكرياً كبيراً لكونها تنتمي الى أسر هاشمية ذات حظوة، ومنها وزير النقل في حكومة الإنقلاب زيد الشامي والذي أصبح بين ليلة وضحاها الى لواء ركن، وهو الذي لم الخامسة والثلاثين من عمره بعد. كذلك كانت قصة نائب وزير داخلية الإنقلاب عبدالحكيم الخيواني (أبو الكرار)، حيث تمت ترقيته الى رتبة لواء بعد أن كان عاطلاً قبل عامين في أحد أسواق مدينة صعدة الشمالية. وتتشابه قصة أبي الكرار الحوثي مع قصة القائد العسكري البارز في الجماعة "أبو علي الحاكم"، حيث لم يكن الأخير يمتلك أي صفة عسكرية أو مدنية، ولكنه حصل على ترقية عسكرية أوصلته بسرعة البرق الى رتبة "لواء ركن". وتسببت سياسة الترقيات بالجملة الى بروز حنق وغضب لدى قادة عسكريين، إذ وصل بهم الأمر حد القسم بعدم تقديم التحية العسكرية اليهم، لكنها وفي ظل توغل المليشيا وازدياد توحشها وتوغلها في المؤسسة العسكرية وفي بقية مؤسسات الدولة في صنعاء بالذات كتمت غيظها وأذعنت للأمر الواقع.