معلومات خاصة: الرسائل إلى مجلس الأمن كانت تطلب عقوبات ضد صالح وأبنائه، وأن يتبنى المجلس تهديداً للمؤتمر الشعبي بعقوبات أخرى.. لماذا الإصرار على الدفع بقيادات حزبيَّة نحو المواجهة؟ استهداف البيض في مجلس الأمن حوَّله إلى بطل قومي وأضرَّ بالمشاركة الجنوبية في الحوار كيف يتمنَّى الرئيس مشاركة أشخاص (غائبين) في الحوار، ويطالب بمغادرة آخرين مؤيدين له؟ الجهود التي بُذلت لإقناع الحراك من قِبل الأجانب خطأ قاتل.. اللجوء إلى مجلس الأمن لا يحمي الحوار بل يقتله نذكِّر الرئيس بحادثة هو أحد شهودها الأحياء، كاسترو وسياد بري وهيلا ميريام ورفاق الحزب بعدن..
عبّر قيادي رفيع في المؤتمر الشعبي العام، عن أسفه واستغرابه لصمت الرئيس عبدربه منصور هادي تجاه ما تروِّج له قيادات حزبية ووسائل إعلامية تابعة لأحزاب اللقاء المشترك حول تبني الرئيس ووقوفه شخصياً وراء الدعوات والمطالبات بحضر العمل السياسي عن الرئيس السابق علي عبدالله صالح وضرورة اعتزاله عن رئاسة المؤتمر وتولية هادي بدلاً منه. جاء ذلك بعد أيام على صدور بيان مجلس الأمن الدولي، الذي أشار إلى اسم الرئيس السابق على سبيل التنبيه من عرقلة التسوية السياسية والحوار الوطني، وما نشرته وسائل الإعلام عن تبني مجلس الأمن لهذا الموقف بناءً على مذكّرات ورسائل من السلطات اليمنية، بعثها للمجلس الرئيس هادي شخصياً، إضافة إلى أخرى من الحكومة ووزارات فيها. وكشفت معلومات خاصة ل"المنتصف" عن مطالبات في الرسائل والخطابات الموجّهة للمنظمة الدولية بإصدار قرار دولي بمعاقبة الرئيس صالح ومنعه من العمل السياسي وإلزامه بمغادرة البلاد وانتقال رئاسة المؤتمر الشعبي العام إلى الرئيس التوافقي الانتقالي عبدربه منصور. كما استقت "المنتصف" معلومات إضافية غير معلنة مسبقاً بمطالب إضافية إلى التلويح الأممي بمعاقبة المؤتمر الشعبي العام كحزب وكيان سياسي، تحت طائلة ذريعة عرقلة التسوية والحوار.. هذا فيما تضمَّنت المذكرات والخطابات فرض عقوبات على الرئيس السابق علي عبدالله صالح وإلزامه بمغادرة البلاد "هو وأولاده". وكانت الصيغة البريطانية المقدَّمة لمجلس الأمن تتضمَّن تبنّي هذه المطالب، إلاّ أن الممثلين: الروسي والصيني في المجلس، عطّلا القرار والصيغة البريطانية ووقفا موقفاً متشدِّداً جداً ورفضا بشكل قاطع صدور قرار واستبداله ببيان رئاسي فضلاً عن رفض تضمين البيان أية إدانات صريحة بالاسم أو تلويح بعقوبات شخصية. الأمر الذي فاجأ دوائر رسمية عليا وحكومية في صنعاء كانت تترقَّب، بثقة مفرطة، صدور قرار موعود بالصيغة البريطانية.. عليه أن يتحدث مسئول قيادي في الشعبي العام قال ل"المنتصف": كان يفترض بالرئيس هادي أن يبادر إلى تفنيد ودحض الروايات والأقوال التي تم تداولها بأنه شخصياً وراء مطالبات واشتراطات قيادات في المشترك وأطراف أخرى "باعتزال الزعيم صالح للعمل السياسي والتنازل عن رئاسة المؤتمر لهادي"، باعتباره المسئول عن التوافق وباعتبار من يروِّجون لهذه الروايات باتجاهه لايستهدفون صالح فقط وإنما هادي ويعرِّضونه للحرج أمام كوادر وقيادات المؤتمر وعلى طريقة "افهمي يا جارة". وأضاف المسئول المؤتمري: أن الرئيس هادي وهو يشيد بإنجازات الحكومة واللجان في غير مناسبة، كان من الأولى به أن لا يعطي فرصة للمتقوّلين من المشترك بتكريس التصوُّر أنه وراء العملية برمَّتها، فإذا لم ينفِ فإنه يعلم بأن المؤتمريين، جميعاً، في حالة رفض مطلق للتعامل معه في ضوء هكذا معطيات ثقيلة الوقْع، وبالتالي يأتي هذا على حساب مكانته في المؤتمر وكان من المنطقي والصائب أن يُبادر إلى تصحيح الخطأ وإعلان رفضه المطلق له، أما أن تتداول وسائل الإعلام بأن المندوبين: الروسي والصيني، رفضا أن يزجّ باسم المؤتمر في بيان مجلس الأمن، فإن ذلك يشكّل ضربة لعملية التوافق السياسي وهدماً للتسوية بشكل كامل، بما في ذلك شرعية الرئيس التوافقي. صناعة الخصوم وأوضح القيادي البارز في الشعبي العام أن الإصرار على الدفع بأحزاب أو بقيادات نحو ردة فعل إلى عمل سلبي بدلاً من مواقفهم الإيجابية، جرَّاء التصرُّفات الحمقاء ومحاولة كيل التُّهم لهم، إنما يشكِّل خطراً يتهدَّد العملية السياسية، فأي ظلم في التعامل مع الأحزاب والقيادات سيحوِّلها إلى اتخاذ طريق آخر رغماً عنها، بما في ذلك علي سالم البيض نفسه. واستطرد بالقول: إنه كان يمكن أن يبدأ مؤتمر الحوار الوطني بمن حضر من القيادات الجنوبية وحينما يشعر الغائبون أو المتخلّفون بأن ثمة حواراً جاداً وإيجابياً بشأن القضية الجنوبية يدور في مؤتمر الحوار الوطني، فسوف يضطرون إلى اللحاق بالركب والمشاركة في فعاليات الحوار حتى لا يجدوا أنفسهم خارج المشهد والمعادلة السياسية برمَّتها، وعندها أيضاً، يضيف، لن يحول أبناء المحافظات الجنوبية البيض إلى بطل قومي، كما حدث جرَّاء استهدافه من قِبل خصومه السابقين أو من قِبل الوسطاء الذين لا يعرفون عن اليمنيين شيئاً. وتشير المعلومات إلى أن كثيراً من القيادات والكيانات في المحافظات الجنوبية التي كانت تهم بالمشاركة في الحوار أحجمت أو لوَّحت بالتراجع؛ كونها لا تقبل على نفسها أن تكون في كفّة المتهمين بالخيانة للقضية في مقابل الكفّة الأخرى التي وضع فيها البيض بطلاً قومياً للجنوب. وبحسب المصدر المتحدث ل"المنتصف" فإن 50% من الجهد في مؤتمر الحوار الوطني كانت كفيلة بإحضار واستقطاب البيض ومن معه ممَّن لم يشاركوا. فيما أن جهداً كاملاً 100% أو مضاعفاً اليوم لن يحقق نتيجة، فضلاً عن أن الحزب الاشتراكي اليمني سيجد نفسه (وهو المشارك في الحوار) واقعاً تحت ضغط وإلحاح هاجس البيض والتأييد الذي سيناله في الجنوب خصوصاً إذا ما أخذنا بالاعتبار أن معظم منظمات الحزب في الجنوب تعمل في إطار الحراك وعلى صلة وثيقة بعلي سالم البيض. تناقض في الصدد لفت القيادي في المؤتمر إلى أنه كان يمكن للمتابع أو المراقب أن يعاتب أحزاب المشترك على أخطائها للطلب من مجلس الأمن بما تقدَّم ذكره، وغض الطرف عن الوسطاء، حيث إنهم لا يعرفون طبيعة اليمنيين ولكن كيف فات ذلك على رئيس الدولة وهو يعلم علم اليقين أن لعلي عبدالله صالح وعلي سالم البيض مكانة كبيرة ومؤيدين في الشارع بأعداد لا تُحصر، وهو المسئول عن عمل التوافق والحريص على جمع الناس للحوار لا أن يتحوَّل إلى العمل في النقيض من هذا؟ وفيما أنه يتمنَّى حضور أشخاص وقيادات غائبة للحوار، يطالب بمغادرة آخرين مؤيدين داعمين للحوار؟! ويمضي المصدر في سياق حديثه ل"المنتصف" بالقول: إن الجهود التي بُذلت لإقناع الحراك من قِبل الأجانب هي واحدة من الأخطاء القاتلة، فالأصل أن القيادات اليمنية هي من يجب أن تبذل كل جهد في هذا الشأن، وهي تعرف نفسيات وظروف ومفاتيح أشقائها شمال اليمن وجنوبه. أما لغة التهديد من السفير الأمريكي أو غيره من السفراء أو جمال بن عمر فلا تزيد الأمور إلاّ تعقيداً.. مضيفاً: من يعتقد بأن اللجوء إلى مجلس الأمن سوف يحمي الحوار إنما يكون بهذا يطلق رصاصة الرحمة على الحوار وهو ما ظهر من خلال اصطفاف ممثلي الجنوب في اللجنة الفنية والتلويح بقرار الانسحاب لولا الجهود المخلصة التي بذلها الدكتور عبدالكريم الارياني، النائب الثاني لرئيس المؤتمر الشعبي، رئيس فنية الحوار، وتقديمه تنازلات كبيرة ومهمّة لضمان عودتهم إلى اجتماعات اللجنة الفنية. مغادرة الصراع في هذه الأثناء أجمع كُتَّاب ومراقبون على ضرورة أن يغادر كثير من القادة بما فيهم رئيس الجمهورية، المسكونين بنوازع ودوافع الصراع مع القيادات الحزبية، هذه المنطقة الداكنة، كون الحزب والجنوب عامة قد دفعا ثمناً باهظاً في دوامة الصراع على القيادة، بدءاً من قحطان الشعبي وانتهاءً ب13 يناير 86م. وطبقاً للمسؤول الحزبي في المؤتمر الشعبي، فإن الارتباط بتلك الظروف والخبرات واستجرارها دون اللجوء إلى الوسائل التنظيمية ولوائح الأحزاب في تبؤ المناصب القيادية للأحزاب، إنما يذكِّرنا بمآسي الماضي وينسف حاضر الممارسة الديمقراطية التعددية الآمنة، لافتاً إلى أن محاولة فرض وصاية حزب على آخر إنما هو عبث مدمِّر للعملية السياسية القائمة وتدخُّل سافر بشئون الأحزاب الداخلية، وبالمثل إذا اعتقد المبعوث الأممي أو سفير أجنبي أن الوصاية الدولية تحل مشكلة اليمنيين، فإنه يقع في الخطأ ويذهب بالأممالمتحدة إلى ما وقعت فيه في لبنانوالصومال وأفغانستان وبلدان أخرى انتهت فيها أدوار الأممالمتحدة إلى حروب أهلية مدمِّرة. فيما أن الرئيس صالح قد وفَّر للأمم المتحدة ومجلس الأمن فرصة تاريخية لنجاح وساطتها ولا يجب أن تفرِّط والمبعوث الدولي بهكذا فرصة. وأكد القيادي المؤتمري أن الكثيرين يعوِّلون على رئيس الجمهورية رفض تلك الأساليب أو اللجوء للخيارات العبثية، فاليمن باليمنيين جميعاً للوصول إلى الحلول وليس بلغة التهديد والتخوين والترهيب الممجوج. حرب أوجادين ويلتقط استشهاداً من التاريخ: إننا لنذكّر فخامة الرئيس بحادثة هو واحد من شهودها الأحياء، عندما حدث الصراع على إقليم أوجادين بين الصومالوأثيوبيا وجاء إلى عدن الرئيس الكوبي فيديل كاسترو وعمل مع الأمين العام للحزب عبدالفتاح اسماعيل وقيادة الحزب للتوسُّط، ودعا الرئيس الصومالي سياد بري ورئيس أثيوبيا هيلا ميريام، وخلال جلسة التباحث بدرت لغة تحدٍ من الرئيس الأثيوبي ليغادر على إثرها سياد بري مهدِّداً بالاستعداد للحرب ورافضاً أي حوار. وعندما سأل كاسترو وقيادات الحزب الاشتراكي عن سبب انفعال سياد بري وغضبه ومغادرته، أجابوه: إن اليمنيين والصوماليين لا يقبلون لغة التحدي، فسألهم كاسترو: ما هي الوسيلة للمعالجة؟ قالوا له: العُرف اليمني بأن تضع سلاحاً بيد من ناله التهديد، فهرول كاسترو إلى الطائرة التي استقلّها بري وقبَّل رأسه وسلّمه مسدسه الشخصي تحكيماً، قائلاً له: هذا ما يفعله اليمنيون والصوماليون عندما يحكِّمون شخصاً ناله السوء والتهديد. لكن بري كان قد أقسم وفشل كاسترو ومسدسه وقبلاته في إثنائه عن قراره، وكانت الكارثة وحرب أوجادين. للتذكير: ويتساءل المسئول المؤتمري: ألم يكن الرئيس هادي هو من طلب، قبل التوقيع على المبادرة وبعدها، الاستفادة من تجربة علي عبدالله صالح والمؤتمر، قائلاً: إن لم يقف معي الرئيس علي عبدالله صالح صاحب التجربة الطويلة والخبرة ورجل التوازنات، فإنني غير قادر على تحمُّل المسئولية، ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه؟!!