من داشا أفاناسييفا وألكسندر جاديش شقت قافلة من مقاتلي البشمركة العراقية بعتادهم العسكري طريقها في جنوب شرق تركيا يوم الأربعاء في طريقها إلى مدينة كوباني السورية لمساعدة إخوانهم الأكراد في كسر حصار تنظيم الدولة الإسلامية الذي تحدى الضربات الجوية التي تقودها الولاياتالمتحدة. وتحاصر الدولة الإسلامية كوباني (عين العرب) الواقعة على الحدود مع تركيا منذ أكثر من شهر وأصبح مصيرها يمثل اختبارا مهما لقدرة قوات التحالف التي تقودها الولاياتالمتحدة على محاربة المقاتلين السنة. وفشلت الضربات الجوية التي تقودها الولاياتالمتحدة منذ أسابيع على مواقع المتشددين فضلا عن مقتل المئات من مقاتلي الدولة الإسلامية في كسر حصار كوباني. ويأمل الأكراد وحلفاؤهم الدوليون أن يغير وصول البشمركة مع أسلحتهم الثقيلة موازين القوى على الأرض. وخرج آلاف الأشخاص الى شوارع مدينة سروج التركية الحدودية ونزلوا الى ميدانها الرئيسي الذي تحفه الأشجار وانتشروا في الشوارع الجانبية ورسم البعض على وجوههم ألوان العلم الكردي ووقفوا في انتظار القافلة للترحيب بها. وقال عيسى أحمد (18 عاما) وهو طالب في المدرسة الثانوية كان من بين 200 ألف كردي سوري فروا الى تركيا منذ بدء الهجوم على كوباني "كل الأكراد على قلب رجل واحد. نريد منهم أن يذهبوا للقتال في كوباني وتحريرها." وقال أدهم باشو عضو المجلس الوطني الكردي السوري في كوباني إن مجموعة طليعية من 90 الى 100 مقاتل من البشمركة وصلوا ليلا بالطائرة وسط اجراءات أمنية مشددة في مدينة شانلي أورفا في جنوب شرق تركيا. وبثت قناة تلفزيونية كردية لقطات لما قالت إنها قافلة من مركبات البشمركة محملة بالأسلحة في طريقها إلى المنطقة. وشقت الشاحنات طريقها عبر جنوبتركيا نحو كوباني بعد عبورها شمال العراق. وقال الرئيس المشارك لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري صالح مسلم إن من المتوقع أن يجلب مقاتلو البشمركة معهم أسلحة ثقيلة الى كوباني. وأضاف "في الأساس مدفعية وأسلحة مضادة للعربات المدرعة والدبابات." وأضاف أن الأسلحة ستساعد المقاتلين الأكراد السوريين على صد مقاتلي الدولة الإسلامية الذين استخدموا العربات المدرعة والدبابات في هجومهم على المدينة. وقال وزير البشمركة في كردستان العراق مصطفى سيد قادر لوسائل الإعلام المحلية يوم الثلاثاء إنه لم توضع حدود للفترة التي ستبقى فيها قوات البشمركة في كوباني. وقالت حكومة كردستان العراق من قبل ان قوات البشمركة لن تشارك في القتال في كوباني بشكل مباشر وانها ستقدم دعما بنيران المدفعية. * التشدد الإسلامي وأثار تنظيم الدولة الإسلامية قلق العالم بالسيطرة على مناطق واسعة من العراقوسوريا واعلان الخلافة الإسلامية وإلغاء الحدود بين المناطق التي سيطر عليها في الدولتين وذبح او طرد الشيعة والمسيحيين وطوائف اخرى لا تتبنى تفسيره المتشدد للإسلام. وفي الوقت نفسه استولى مقاتلون من جبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا على بعض الأرضي من قوات المعارضة المعتدلة في الأيام الأخيرة وبسطوا سيطرتهم على أحد المناطق القليلة في شمال سوريا التي لم تقع بالفعل في ايدي الإسلاميين المتشددين. وطبقا لبيانات الأممالمتحدة شردت الحرب الأهلية في سوريا نحو عشرة ملايين شخص وفر أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ من البلاد وأودى الصراع بحياة نحو 200 ألف شخص. وقال سكان مخيم نازحين يوم الأربعاء ان طائرة هليكوبتر سورية أسقطت برميلين متفجرين على المخيم الموجود في محافظة ادلب بشمال البلاد وأظهرت لقطات فيديو أشلاء وجثثا متفحمة. وفي العراق قالت قوات الأمن إنها تقدمت لموقع يبعد كيلومترين عن مدينة بيجي في عملية عسكرية جديدة لتحرير أكبر مصفاة نفطية في البلاد من حصار تنظيم الدولة الإسلامية الذي بدأ في يونيو حزيران الماضي. وهددت الدولة الإسلامية بذبح المدافعين عن كوباني مما أثار دعوة من الأكراد لحمل السلاح في المنطقة. وقالت القيادة المركزية الأمريكية إن الجيش الأمريكي شن 14 ضربة جوية يومي الثلاثاء والأربعاء على مقاتلي الدولة الإسلامية في سورياوالعراق. وأضاف بيان للقيادة ان ثماني غارات دمرت أهدافا للتنظيم قرب كوباني. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا إن 12 قذيفة أطلقها مقاتلو الدولة الإسلامية سقطت على المدينة خلال الليل حيث استمرت الاشتباكات مع وحدات حماية الشعب وهي الجماعة السورية الكردية الرئيسية المسلحة. وأضاف أن الاستعدادات تجري عند بوابة حدودية -حاول مقاتلو الدولة الإسلامية مرارا السيطرة عليها- لاستقبال البشمركة في حين تبادلت وحدات حماية الشعب وقوات الدولة الإسلامية إطلاق النار في معارك على المشارف الجنوبية للمدينة. وقال المرصد أيضا إن 50 مقاتلا سوريا دخلوا كوباني من تركيا ومعهم أسلحتهم على الرغم من أنه لم يتضح إلى اي جماعة ينتمون. وطالبت تركيا بانضمام قوات المعارضة السورية المعتدلة التي تقاتل الرئيس السوري بشار الأسد إلى المعركة ضد الدولة الإسلامية في كوباني. وقال عبد الجبار العكيدي وهو قائد عسكري بالمعارضة السورية إنه قاد 200 مقاتل من الجيش السوري الحر الى كوباني لكن لا يوجد تأكيد لذلك من مصدر مستقل. ويضم الجيش الحر عشرات الجماعات المسلحة التي تقاتل الأسد بدون قيادة مركزية أو بالقليل منها ويتفوق عليهم بشكل كبير المسلحون الإسلاميون. * شراكة معقدة وأقر برلمان إقليم كردستان العراق الأسبوع الماضي نشر بعض قوات البشمركة في سوريا. وتحت ضغط الحلفاء الغربيين وافقت تركيا على السماح لقوات البشمركة بالتحرك من العراق واجتياز أراضيها للوصول إلى كوباني. وقالت جين ساكي المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية في إفادة يومية في واشنطن الثلاثاء "نحن نؤيد ونناقش أهمية السماح للبشمركة بعبور الحدود.. من المهم ان يكون لنا شريك على الارض نعمل معه." وأوضحت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها في التحالف أنهم لا يعتزمون ارسال قوات برية لمحاربة الدولة الإسلامية في سوريا أو العراق لكنهم بحاجة إلى شركاء على الأرض للاستفادة من ضرباتهم الجوية. وقال هنري باركي المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية لرويترز "ماذا تظهر كوباني؟ تلك المقاومة الصلبة على أرض الواقع مع القوة الجوية الأمريكية يمكن أن تدفع الدولة الإسلامية إلى الوراء." وأضاف "يريدون نقل هذا إلى العراق بحيث تنسق البشمركة والجيش العراقي تحركهم معا. انهم حقا بحاجة للنصر... أدركوا أن هذه فرصتهم لأن لديك قوة مقاتلة حقيقية على أرض الواقع ... هذا نموذج." وكان أكراد سوريا قد دعوا المجتمع الدولي لتزويدهم بأسلحة أثقل وذخائر وحصلوا على إمدادات عسكرية أسقطتها لهم طائرات أمريكية. لكن تركيا تتهم جماعات كردية في كوباني بأنها على صلة بحزب العمال الكردستاني الذي خاض حربا استمرت عقودا ضد الدولة التركية وتعتبره أنقرةوواشنطن والاتحاد الأوروبي منظمة ارهابية. وهذا الأمر يعقد الجهود لتقديم مساعدات. وقال مسؤول كردي سوري في باريس يوم الأربعاء ان فرنسا التي تشارك في الضربات الجوية في العراق وفرت للبشمركة العراقية السلاح والتدريب ولم تف بعد بتعهد لدعم الأكراد في سوريا. وقال خالد عيسى ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري "قالت فرنسا انها مستعدة لمساعدة الأكراد لكن السلطات الفرنسية لم تتصل بنا. لا يوجد أي اتصال مباشر أو غير مباشر." وأكد مسؤولون فرنسيون انه لم تعقد اجتماعات وذلك يعود أساسا الى بواعث القلق بشأن الصلات التاريخية مع حزب العمال الكردستاني. وتخشى أنقرة من أن يستغل أكراد سوريا الفوضى وان يسيروا على درب إخوانهم في العراق ويسعون لإقامة دولة مستقلة في شمال سوريا مما يشجع المسلحين الأكراد في تركيا ويعرقل عملية سلام هشة. وأغضب هذا الموقف الأقلية الكردية في تركيا -التي تمثل خمس السكان ونصف جميع الأكراد في أنحاء المنطقة. ويشتبه الأكراد في أن أنقرة تفضل أن ترى مقاتلي الدولة الإسلامية وقد وسعوا من مكاسبهم من الأراضي على ان ترى المسلحين الأكراد يعززون سلطتهم المحلية. (إعداد أحمد حسن للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)