لديكم حكومة ولدت للتو، وفي ساعتها الأولى لا أكثر؛ يواكبها إجراء خارجي حقير، تحقيقاً لرغبات حقيرة. ليس هذا فألاً سيئاً فقط، إنه البداية الأسوأ عملياً، وعنوان على بوابة مرحلة يحدوها الغراب. ،،، كان خالد بحاح يعرف بأمر العقوبات قبل عودته من نيويورك، وكان مطلعاً على الترتيبات التي طلبها هادي وباشرها بنعمر هناك. بل إنه، وخلال حفل توديع مندوب اليمن في المنظمة الدولية الذي كلف برئاسة الحكومة الجديدة، تناقش بحاح ومندوبو الدول الخمس وأعضاء آخرون وبنعمر، في القضية نفسها، وأكد لهم بحاح صعوبة أن يتولى هادي بنفسه التحدث والطلب علناً بفرض عقوبات على الأشخاص الذين ضمنهم رسالته، كون ذلك "يشكل خطراً على حياة الرئيس" أمام الأوساط المناصرة والقواعد الشعبية للمستهدفين بالعقوبات. ونصح أو حبذ وحث - بحاح - السفراء المندوبين أن يجيزوا هم القرار، بحيث يبدو وكأن المجتمع الدولي ناء وحده بمسئولية الفحص والتحقق، وبالتالي إقرار الإجراء العقابي، حرصاً منهم على "حياة هادي"!! هذه التفاصيل جيئ على ذكرها في وقت لاحق على اللقاء التوديعي، خلال اجتماع نيويورك الذي مولته وطلبته الرئاسة اليمنية بمساعٍ عبر بنعمر الذي حمل رسالة هادي لأعضاء المجلس بطلب فرض عقوبات. خلال اللقاء تحدث مندوب روسيا عن عدم طلب هادي، ولا مرة، بصورة علنية فرض عقوبات، بينما يحث ويلح عليهم بطلبها ويتولون هم تحمل مسئولية العواقب؟ ليرد الأمريكي بأن هادي أبلغه بأنهم لا يتحملون المسئولية، ووحده يتحمل العواقب. ثم يتدخل بنعمر، مذكرًا مندوب روسيا بحديث ومنطق بحاح خلال حفل الوداع وذريعة الحرص على حياة هادي. يرد، أيضاً، قول هادي لمندوب أمريكا، إنه يجب أن ينتظروا حتى إعلان الحكومة، وتكون هذه إشارة للتحرك واتخاذ قرار، حتى لا تتولد ردود أفعال تعيق مشاورات تشكيل الحكومة من قبل قيادة حزب المؤتمر المستائين من استهداف صالح، كما ينقل عن هادي سفير ومندوب أمريكا. (جميع هذه التفاصيل وغيرها نشرتها "المنتصف" العدد قبل الماضي) ،،، الشاهد من هذا، أن رئيس الحكومة الجديدة الوليدة التي مهدت ولادتها لقرار دولي كهذا في ساعتها الأولى، كان على دراية واطلاع بما حدث وسيحدث، وهو جزء منه بطريقة أو بأخرى. كل شيء كان معداً ومرتباً وحِيك بعناية عصابة حقيقية (بالفعل، كما وصفهم الشيخ الغولي في تصريح لوكالة "خبر" يوم الأربعاء). تشكيلة الحكومة نفسها تبعث على الارتياب والتوجس. هذه ليست حكومة مرحلة وانفراج، ولن تكون. وستذكرون. الخديعة بدأت مع الحكومة من نقطة التفويض. كان خطيئة لا يمكن التكفير عنها. وبينما فوضوا، وبينما يبذل المؤتمريون حسن النوايا - بطريقة عبثية جداً لا تخلو من سذاجة ومن إعانة على النفس- كان المُفوَّضون بالتشكيل يفوضون وفوضوا الوصاية الدولية بصلاحيات شد الحبل حول رقبة ورأس المؤتمر. وهكذا كان. ،،، إجمالاً، هذه حكومة ووزارة عبدربه والوصاية، وليست حكومة انفراج أو كفاءات. معظم اليقين، لا الظن، أن أمر التفويض وسحب صلاحيات الترشيح والتمثيل والنسب من المكونات إلى يد هادي وبحاح، هو موضوع نوقش وبدأ النقاش فيه من نيويورك، قبل عودة بحاح إلى اليمن. بل، إن ثمة مؤشرات ومعطيات على قدر من الوجاهة والاعتبار، إلى أن خطوطاً عريضة وعناوين واتجاهات وحتى أسماء مرشحين لوزارات بعينها، جميعها هي تفاصيل نوقشت وأخذت بها موجهات وتوجهات منذ تلك الساعات المبكرة وفي نيويورك وربما غيرها، أيضاً. أُخذ الجميع هنا، من الأطراف والمكونات على حين غرة وغفلة وبلاهة عجيبة!! - (ما خلا الإصلاح وما يمثله من وفي المشترك). أعطوا موافقات وتوقيعات بالتفويض على بياض. بنعمر قام على رؤوسهم فرضخوا وأعطوه ما يشاء. هو الآخر كانت عودته ومقدمه نذير شؤم. وكان يحمل عناوين التفويض وغيرها من نيويورك. ،،، من زاوية موضوعية تماماً، على الرؤية أن تُظهر حقيقة كون العقوبات التي اتخذت وتقال، لا تقتصر فقط على تلك الواردة في بيان وإعلان مجلس الأمن بحق 3 أشخاص يمنيين. من غير الممكن الآن، التوقف عن كتابة الجملة المتممة التالية: ليس خياراً ذكياً التهرب من نتيجة معطاة سلفاً في المقدمات؛ أن هذه الحكومة نفسها هي جزء، أيضاً، من العقوبات. إنها كذلك. وإن غداً لناظره لقريب. * صحيفة المنتصف