ما دامت داعش تتصرف بوصفها (دولة)، فمن المنطقي أن يكون لها- كأي دولة - جاليات في دول أخرى؟ كل دولة في العالم لديها جاليات في دول أخرى. وبالطبع، ما من بلد عربيّ اليوم، إلا ولديه (جالية) داعشية.
ولذلك، يتعيّن علينا الاعتراف بوجود مشكلة حقيقية نشأت وتطورت بفعل هذا الواقع، عنوانها العريض وجود (جاليات) لداعش في مجتمعاتنا الممزقة.
هناك مواطنون يشعرون أنهم لا ينتمون لمجتمعاتنا، وأنهم (مواطنون من دولة داعش) المجاورة، بأكثر مما هم من مواطنينا؟ وهناك، أيضاً، مثقفون، أساتذة جامعات، شعراء وكتاب وخطباء مساجد وربما من موظفي الدولة الكبار، يشعرون- بعمق وجداني- أنهم غرباء في مجتمعاتنا، وهم يتوقون للحظة يكون فيها بوسعهم أن يصبحوا مواطنين في هذه (الدولة الأخرى). إنهم يتحرّقون شوقاً لانتصارها.
كل هذا يعني أن المعركة مع الإرهاب والتطرف الديني، لم تعد معركة. وهي أكبر من حرب.
لقد تخطّت المعركة أو الحرب ضد الإرهاب، الحاجز الوهمي للمعركة أو الحرب، وباتت مشكلة داخلية معقدّة.
بكلام آخر، أصبحت مشكلة مواطنين يشعرون بالغربة عنّا، وهم مستعدون في أي- وكل- لحظة ليكشفوا عن حقيقة مشاعرهم وأفكارهم. وهذا يعني أن السؤال المطروح هو: كيف نتعامل مع (الجالية) التي تحلم وتقاتل من أجل انتصار (الدولة الأخرى)؟ لم تعد المعركة او الحرب مجرد معركة أو حرب ضد جماعة شبحيّة اسمها داعش. الأدّق، أنها باتت ضد (دولة أخرى) لديها رعايا في بلداننا، ولنقل جاليات منظمّة وقوية ونخبويّة.
لم يعد كافياً القول إن الحرب ضد الإرهاب تتطلب تجفيف منابعه المالية وتطويق أفكاره الظلامية. ثمة مشكلة كبرى من نوع آخر: