ماذا لو رفضت توكل كرمان.. جائزة نوبل؟! بعض الذين اعترضوا على حصول "توكل كرمان" على جائزة نوبل، انطلقوا من أنها لم تحصل على هذه الجائزة؛ إلا لأنها تتبنى رؤية تغريبية في تحرير المرأة، والبعض اعترض على شخص "توكل" التي رأوها لم تقدم شيئا لافتا تتفوق به على غيرها من نساء اليمن اللواتي شاركن في الثورة ورفضن الظلم والجور! وأرى أنها بقبول هذه الجائزة أضاعت فرصتين: الأولى خاصة بها، والثانية خاصة بالمرأة اليمنية والمرأة المسلمة عموما، بل وبشعوب العالم الإسلامي في كل مكان! فعلى المستوى الخاص: لو رفضت توكل كرمان هذه الجائزة لكانت بطلة تاريخية، وأثبتت موقفا معبرا عن المرأة المسلمة أمام العالم، وأكدت انحيازها لأمتها ضد مانحي هذه الجائزة العنصرية التي لا تخلو من ظلال صهيوينة، وقد سبق أن رفضها الكاتب الأيرلندي برناردشو؛ لأن مؤسسها هو الصهيوني الفريد نوبل مخترع مادة الموت "الدينامت"، قائلا : "إنني أغفر لنوبل أنه اخترع الديناميت ولكنني لا أغفر له أنه أنشأ جائزة نوبل". ولو وفّقَت توكل لرفضها ثانية، لسجلت موقفا عاما ضد هذه الجائزة، وأنارت الوعي العربي ضد الاستلاب أمام الغرب، الذي جعل هذه الجائزة المشبوهة جائزة الجوائز، ومنتهى ما يمكن أن يصل إليه مبدع أو صاحب إنجاز كبير! إننا في سبيل التخلص من التبعية الغربية، نحتاج أن نتخلص من الانبهار والاندهاش من كل ما يتعلق بالغرب، برفض الجوائز والمنح المشبوهة كجائزة نوبل وما شابهها! مع التأكيد على أننا لا نرفض التواصل الجاد مع الغرب وغيره من الأمم من منطلق الندية لا التبعية. إن منح هذه الجائزة لتوكل كرمان في هذا التوقيت ليس لعبقريتها الخارقة، كما أنه ليس حياديا أيضا، بل هي لفتة لئيمة لإفساد فرحتنا باستقلال شعوبنا في إدارة ثوراتها بنفسها دون ارتباط بالغرب، ومحاولة مد القدم في كل إنجاز نحرزه حتى لو كان من باب التشويش علينا، وجعلنا نفقد الثقة في استقلالية ثوراتنا وخصوصيتها الناصعة، التي جعلت شباب أروبا يقلدون الشباب العرب في ثوراتهم! لقد ظهرت توكل كرمان في قناة الجزيرة الفضائية مساء الأربعاء 12/10/2011 لتعرب عن سعادتها التي فاقت الحدود بحصولها على الجائزة التي اعتبرتها جائزة للمرأة والرجل باليمن. وبدا من حديثها أنها لا تملك رؤية واضحة، وليست صاحبة مشروع كما قدمتها وسائل الإعلام، فهي تنطلق من حماس كبير، وأحلام إنشائية، طالما استوقفها مقدم البرنامج مذكرا إياها باتفاقهم المسبق قبل بدء الحلقة بالبعد عن الخطابة والحديث بموضوعية عن طموحاتها وأحلامها! ذكرني حديث توكل كرمان الحماسي (فقط) بفتاة مصرية في عمرها تقريبا، قدمتها وسائل الإعلام المصرية على أنها من قيادت ثورة يناير، وحين تحدثت للفضائيات قالت: إنها قبل 25 يناير لم تكن تعرف الفرق بين الإحوان المسلمين والسلفيين وتنظيم القاعدة، وكانت تظنهم جميعا إرهابيين (كما يقولون في التلفزيون) الجملة السابقة لفتاة 25 يناير! التشابه هنا يبدو في قلة النضج لدى الفتاتين، وربما كانت توكل تفوق أختها المصرية معرفيا، لكنها تضاهيها في قلة الخبرة، والحنكة، وتتطابق معها في الحماسة والعاطفة والخطابة، ما يؤكد أن الربيع العربي يحتاج إلى جهود متواصلة لإنضاج الوعي العام، لدى الشباب والفتيات، ويحتاج إلى تواصل الأجيال والتحاور البناء الذي يثمر نهضة حقيقة وعاطفة راشدة، وليس هبات حماسية صادقة نقية لا تجد من يسددها أو يستثمرها! * لها أون لاين