العراق ضد الإمارات بالملحق الآسيوي.. هل يتكرر سيناريو حدث قبل 40 عاما؟    انهيار مشروع نيوم.. حلم محمد بن سلمان اصطدم بصلابة الواقع    غدا درجة واحدة في المرتفعات    اول موقف من صنعاء على اعتقال الامارات للحسني في نيودلهي    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    هجوم مسلح على النخبة يقوده عناصر مرتبطة بقيادة سالم الغرابي    لماذا قتلوا فيصل وسجنوا الرئيس قحطان؟    ثم الصواريخ النووية ضد إيران    حل الدولتين في فلسطين والجنوب الغربي    قضية الجنوب: هل آن الأوان للعودة إلى الشارع!    إعلان نتائج الانتخابات العراقية والسوداني يؤكد تصدر ائتلافه    جروندبرغ يقدم احاطة جديدة لمجلس الأمن حول اليمن 5 عصرا    تدشين منافسات بطولة الشركات لألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    الكشف عن 132 جريمة مجهولة في صنعاء    هيئة النقل البري تتخبط: قرار جديد بإعادة مسار باصات النقل الجماعي بعد أيام من تغييره إلى الطريق الساحلي    الإعلان عن القائمة النهائية لمنتخب الناشئين استعدادا للتصفيات الآسيوية    ندوة تؤكد على دور علماء اليمن في تحصين المجتمع من التجريف الطائفي الحوثي    الأمم المتحدة: اليمن من بين ست دول مهددة بتفاقم انعدام الأمن الغذائي    الحديدة.. المؤتمر العلمي الأول للشباب يؤكد على ترجمة مخرجاته إلى برامج عملية    شبوة تودّع صوتها الرياضي.. فعالية تأبينية للفقيد فائز عوض المحروق    فعاليات وإذاعات مدرسية وزيارة معارض ورياض الشهداء في عمران    بكين تتهم واشنطن: "اختراق على مستوى دولة" وسرقة 13 مليار دولار من البيتكوين    مناقشة جوانب ترميم وتأهيل قلعة القاهرة وحصن نعمان بحجة    افتتاح مركز الصادرات الزراعية بمديرية تريم بتمويل من الاتحاد الأوروبي    شليل يحرز لقب فردي الرمح في انطلاق بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد بصنعاء    قراءة تحليلية لنص "اسحقوا مخاوفكم" ل"أحمد سيف حاشد"    القرود تتوحش في البيضاء وتفترس أكثر من مائة رأس من الأغنام    مفتاح: مسيرة التغيير التي يتطلع اليها شعبنا ماضية للامام    من المرشح لخلافة محمد صلاح في ليفربول؟    المنتصر يدعوا لإعادة ترتيب بيت الإعلام الرياضي بعدن قبل موعد الانتخابات المرتقبة    تألق عدني في جدة.. لاعبو نادي التنس العدني يواصلون النجاح في البطولة الآسيوية    دربحة وفواز إلى النهائي الكبير بعد منافسات حماسية في كأس دوري الملوك – الشرق الأوسط    عالميا..ارتفاع أسعار الذهب مدعوما بتراجع الدولار    إيفانكا ترامب في أحضان الجولاني    حضرموت.. تُسرق في وضح النهار باسم "اليمن"!    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    تمرد إخواني في مأرب يضع مجلس القيادة أمام امتحان مصيري    عسل شبوة يغزو معارض الصين التجارية في شنغهاي    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    تغاريد حرة .. انكشاف يكبر واحتقان يتوسع قبل ان يتحول إلى غضب    "فيديو" جسم مجهول قبالة سواحل اليمن يتحدى صاروخ أمريكي ويحدث صدمة في الكونغرس    قرار جديد في تعز لضبط رسوم المدارس الأهلية وإعفاء أبناء الشهداء والجرحى من الدفع    مشاريع نوعية تنهض بشبكة الطرق في أمانة العاصمة    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    انتقالي الطلح يقدم كمية من الكتب المدرسية لإدارة مكتب التربية والتعليم بالمديرية    مواطنون يعثرون على جثة مواطن قتيلا في إب بظروف غامضة    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    عدن في قلب وذكريات الملكة إليزابيث الثانية: زيارة خلدتها الذاكرة البريطانية والعربية    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بعد الانفصال.. نظرة عن قرب (3)
نشر في المنتصف يوم 21 - 11 - 2013


:
(إشكالية التمثيل وحجم الحراك الحقيقي)
- وجود قيادة موحدة تمثل الجنوب مهمَّة مستحيلة
- الجنوب سيواجه تسابق الزعامات التاريخية واللاعبين الدوليين وقيادات الداخل والذي سيزيد وضعه تعقيداً
- سيرفض الشمال الذهاب للمفاوضات في حال لم يحصل التيار المؤيد للوحدة في الجنوب على حصته في التمثيل
تمهيد:
هذه الحلقات هي مجرد محاولة استشرافية لمسار الأحداث المتوقع في بلادنا في المستقبل المنظور انطلاقاً من مجموعة من المؤشرات والدلائل والشواهد التاريخية، ورغم تعدد الاحتمالات والفرضيات في هذا المسار، إلا أنني تعمدت سلوك مسار الأحداث الذي يلبي رغبة قوى الحراك حتى إن كان فيه قفز على الواقع في أحيان كثيرة، وذلك لمحاولة معرفة إلى أين سيصل بنا ذلك في نهاية المطاف.. هل إلى الاستقرار أم إلى الحرب الأهلية؟
- تحدثنا في الحلقة السابقة عن الإشكاليات الرئيسة المتوقع بروزها في طريق جهود الوسطاء الإقليميين والدوليين لإطلاق المفاوضات الثنائية بين الشمال والجنوب خارج اليمن، التي يطالب بها الحراك، وقد تناولت بالتفصيل إشكاليتي مكان عقد المفاوضات ومرجعيتها القانونية وبقيت الإشكالية الثالثة المتعلقة بتشكيل وفدي الشمال والجنوب في المفاوضات ومعايير الاختيار ونسب تمثيل القوى والمكونات المختلفة في الوفدين وكما يلي:
إشكالية التمثيل:
لاشك أن مفاوضات بهذه الأهمية البالغة، كون مخرجاتها ستحدد مصير 25 مليون يمني، لابد أن يمثل فيها جميع مكونات وأطياف المجتمع اليمني في الجنوب والشمال، بحيث تكون مخرجاتها معترفاً بها من قبل الجميع داخل وخارج اليمن.
- في اعتقادي أن هناك مشكلتين رئيسيتين ستواجهان عملية تشكيل وفدي الطرفين للمفاوضات، تتعلق الأولى بالمعايير التي سيتم بموجبها تحديد نسبة تمثيل المكونات المختلفة في كل فريق مع الصراع المتوقع بين القوى الرئيسة للحصول على الحصة الأكبر من التمثيل في وفد التفاوض، أما المشكلة الثانية فستكون في صعوبة اتفاق مكونات كل وفد على موقف موحد من القضايا التي ستطرح على طاولة التفاوض وعلى المفاوضات عموماً.
- بالنسبة لإشكالية التمثيل في وفد الجنوب.. أعتقد، جازماً، أن الاتفاق على ممثلي الجنوب في المفاوضات سيكون التحدي الأكبر والعقبة الكأداء التي سيواجهها الوسطاء الإقليميون والدوليون قبل التمكن من إطلاق المفاوضات الثنائية بين الشمال والجنوب لعدة أسباب، منها:
1- عدم وجود قيادة جنوبية منتخبة يمكن اعتبارها ممثلاً شرعياً للجنوب في المفاوضات، فالرئيس هادي رغم كونه القيادي الجنوبي الوحيد المنتخب من الشعب في الفترة الراهنة، إلا أن غالبية قوى الحراك لا تعترف أصلاً بشرعيته أو بكونه قيادياً يمثل أبناء الجنوب، والحال كذلك بالنسبة للنواب الجنوبيين في البرلمان (المنتهية ولايته القانونية)، فالمحسوبون على الحراك استقالوا من عضوية المجلس قبل سنوات كالخبجي، في حين أن البقية محسوبون على أحزاب الاشتراكي والإصلاح والمؤتمر، وهؤلاء لا يعترف بهم الحراك كممثلين عن الجنوب.
2- عدم وجود قيادة موحدة تمثل مختلف قوى وفصائل الحراك والمكونات الأخرى المشاركة في الفعاليات الميدانية في الجنوب، ويبدو أن وجود قيادة موحدة تمثل الجنوب مهمة مستحيلة مع حقيقة عجز قوى الحراك المخزي طوال السنوات الماضية في الاتفاق على قيادة موحدة، بل والفشل حتى في عقد مؤتمر جنوبي – جنوبي للاتفاق على مرجعية موحدة للحراك، إضافة إلى استمرار حالة الانقسام في صفوف الحراك رغم تشظيه إلى ما يقارب ال200 فصيل وكيان، والتي كان آخرها انقسام المجلس الوطني لمؤتمر شعب الجنوب إلى ثلاثة تيارات (تيار يتبنى مشروع الإقليم الشرقي، وهو التيار الذي لم يحضر اجتماع مؤتمر شعب الجنوب في 23 أكتوبر المنصرم.. وتيار يقوده نائب رئيس المؤتمر ياسين مكاوي.. وتيار ثالث يرأسه محمد علي أحمد).
3- الصراع الحاد بين المكونات الرئيسة داخل الحراك على الزعامة ومحاولة احتكار تمثيل الشارع والجنوب عموماً على حساب المكونات الأخرى، وهنا نجد أمامنا مشكلة مركبة، فالبيض يحرص على تقديم نفسه كممثل للحراك الشعبي وكرئيس شرعي للجنوب (رغم أنه لم يكن رئيساً سابقاً وإنما أمين عام للحزب الاشتراكي) مقابل التقليل من حجم وشعبية منافسيه داخل الحراك وفي مقدمتهم حسن باعوم، أما الجزء الآخر من المشكلة فيتمثل في عدم اعتراف قادة قوى الحراك بالمكونات الجنوبية الأخرى خارج الحراك من أحزاب ومستقلين ومثقفين وغيرهم كممثلين عن الجنوب.
- كل ذلك سينعكس سلباً ويرفع من مستوى وحدة الخلاف بين مختلف المكونات الجنوبية بشأن نسبة تمثيلها في الوفد، فالبيض سيحاول الاستحواذ على الحصة الأكبر من التمثيل تحت ذريعة أنه المكون الأكبر حجماً والأكثر نشاطاً في الشارع الجنوبي، وسيشاركه في تلك الحجة بدرجة اقل حسن باعوم، وسيستند هؤلاء إلى المليونيات الثماني التي يتحدث عنها الحراك في إعلامه، في حين سيتحجج ناصر النوبة وباعوم أنهما قادة الحراك الحقيقيين وأول من قاد تظاهراته العام 2007م، كما سيدخل الحزب الاشتراكي على الخط ويقول إن غالبية قيادات وأنصار الحراك هم من أتباعه، وانه الوريث الشرعي لدولة الجنوب السابقة وهكذا.
- في مثل هذه الحالات يحرص الوسطاء على أن يتم مراعاة مجموعة من العوامل في عملية اختيار أعضاء وفد التفاوض قبل التعامل مع الوفد كممثل شرعي عن الجنوب، بحيث يضمن المجتمع الدولي من خلالها تمثيل مختلف المناطق وجميع الأطياف والمكونات في الجنوب في الوفد المفاوض، ومما لاشك فيه أن العامل السياسي سيكون أهم معايير الاختيار كونه يضمن تمثيل جميع المكونات السياسية من أحزاب وتيارات سياسية ومنظمات مجتمع مدني في الوفد، في حين أن نسب تمثيلها سيتحدد وفق شعبيتها وعدد أنصارها ومستوى نشاطها الميداني وتأثيرها على الأرض.
- طبعاً سيكون ذلك في صالح القوى ذات القاعدة الشعبية العريضة والناشطة في الميدان كتيار البيض وبدرجة أقل تيار باعوم للحصول على حصة أكبر في الوفد على حساب القوى الأخرى، لكن ذلك على الأرجح لا يلبي ولو الحد الأدنى مما يطمح إليه البيض وسعيه لاحتكار تمثيل الجنوب أو على الأقل الاستحواذ على ثلثي تمثيل الجنوب لصالح تياره، لكن ذلك غير ممكن عملياً وسيجد معارضة كبيرة من قبل الأطراف الأخرى ومن الوسطاء الدوليين أنفسهم.
- لاشك أن البيض سيتمسك بموقفه المطالب بالحصول على النسبة الأكبر من التمثيل في الوفد الجنوبي، مستنداً إلى اعتبار تياره المكون الرئيس المشارك في غالبية فعاليات الحراك الميدانية والممول لنشاطه، وإذا كان البعض يقر بذلك لكن غالبية القوى وحتى الوسطاء سيشككون في الحجم الحقيقي لتيار البيض.
- فالترويج الإعلامي للمليونيات وذكرها في البيانات الصادرة عن الحراك لا يعني التسليم بها كحقائق، خاصة في حال تم اعتمادها ضمن معايير تحديد نسب تمثيل المكونات الجنوبية، وفي ظل اقتناع غالبية الإطراف الأخرى بوجود مبالغة هائلة بشأن تلك المليونيات مع إدراك الجميع لحقيقة استحالة استيعاب ساحة العروض بخور مكسر بعدن لتلك الأعداد.
- فبحسبة رياضية بسيطة يمكن معرفة العدد التقريبي لتلك الفعاليات، فالمعروف أن طول الساحة 740م وعرضها مع الساحات التي أمام المحال التجارية 10م، فإذا ضربنا الطول بالعرض تكون المساحة الإجمالية للساحة 64400م2، ومن ثم إذا ضربنا الناتج في4 (باعتبار وجود أربعة أشخاص في المتر المربع) يكون الناتج 257600 ألف شخص، وهذه هي القدرة الاستيعابية القصوى لساحة العروض.
- حتى لو افترضنا أن عدد المحتشدين أكثر من ذلك وربما يبلغ ضعف هذا العدد أي تقريباً نصف مليون، لكن حتى هذا العدد لا يمثل سوى واحد إلى عشرة من سكان الجنوب أي عشر السكان، طيب من أجل خاطر عيون أنصار الحراك المظلومين سنتغاضى عن تلك الحقائق وسنعتبر أن ما يقوله الحراك صحيح بأن عدد المحتشدين مليون شخص، وهو ما يمثل واحداً إلى خمسة من عدد سكان الجنوب، مع ملاحظة أن هؤلاء هم أنصار جميع مكونات الحراك وليس تيار البيض فقط، وبناءً على ذلك فإن تيار البيض وقوى الحراك الأخرى لا يحق لهم سوى خمسة مقاعد وفد الجنوب في المفاوضات مع الشمال، ومن غير المستبعد أن يتم التغاضي عن ذلك أيضاً وتمنح قوى الحراك ثلث بل وحتى نصف مقاعد الوفد في حال مارست بعض القوى الإقليمية المؤثرة ضغوطاً بشأن ذلك، لكنه سيفتح المجال أمام قوى في الشمال والجنوب للتشكيك في شرعية الوفد وعدم تمثيله لمختلف مكونات ومناطق الجنوب بطريقة عادلة .
- بناءً على ما سبق ستحصل قوى الحراك المختلفة على 50% من نسبة التمثيل في الوفد، في حين ستتوزع ال50% الأخرى على بقية المكونات من خارج الحراك وبناءً على مجموعة من العوامل والاعتبارات مع ملاحظة وجود تداخل في بعضها وكما يلي:
1- نسبة مخصصة للأحزاب السياسية الجنوبية الرئيسة ويأتي في مقدمتها الحزب الاشتراكي وحزبا الرابطة والتجمع الوحدوي، إضافة إلى القيادات الحزبية الجنوبية في أحزاب المؤتمر الشعبي والإصلاح والناصري .
2- نسبة ستخصص لمعارضة الخارج (حركة تاج، القيادة الموحدة لمؤتمر القاهرة بقيادة علي ناصر والعطاس، تيار المستقلين بقيادة الاصنج، رؤساء الجاليات الجنوبية في الخارج) إضافة إلى المكونات السياسية حديثة النشأة وغير الرسمية كالعصبة الحضرمية وتيار عدن للعدنيين والهيئات الجنوبية المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني بصنعاء، إضافة إلى اللجان الشعبية بابين ولجان الدفاع عن الوحدة .
3- نسبة ستحدد وفق عوامل الجغرافيا والتاريخ والديمغرافيا، فعامل الجغرافيا سيضمن وجود ممثلين عن المحافظات الست في الوفد، في حين أن عامل التاريخ يستدعي وجود ممثلين عن السلاطين وعدن وحضرموت، أما عامل الديمغرافيا فيستدعي وجود ممثلين عن الجنوبيين من أصول شمالية وهكذا.
* لا شك أن تحديد حصة كل من القوى السابقة ستكون صعبة جداً مع الترجيح بدخول قوى خارجية على الخط لزيادة نسب تمثيل بعض المكونات في الوفد ومن ذلك:
- سيرفض الشمال الذهاب إلى المفاوضات الثنائية في حال لم يحصل التيار المؤيد للوحدة في الجنوب على حصة تناسب حجمه، والمرجح إلا تقل بأي حال من الأحوال عن نسبة الثلث في أسوأ الحالات إذا ما اعتمد الوسطاء على تقديرات قيادات في الحراك كتصريح للبيض العام الماضي ذكر فيه أن 70%من أبناء الجنوب يؤيدون الانفصال.
- لاشك أن دولاً مؤثرة ولها أجندات خاصة في بلادنا لن تقف مكتوفة اليدين وستعمل جاهدة لحصول الشخصيات والجماعات الموالية لها على نسبة مؤثرة من التمثيل في وفد التفاوض الجنوبي، فالسعودية، مثلاً، ستعمل على ضمان عدم استحواذ تيار البيض الموالي لإيران على الحصة الأكبر في الوفد وأن تكون متقاربة إلى حد ما مع حصة تيار باعوم.
- كما أن السعودية إلى جانب الإمارات - اللتين يتواجد على أراضيهما العدد الأكبر من المغتربين الجنوبيين – ستدفع نحو حصول أبناء حضرموت على حصة كبيرة تناسب حجم وأهمية المحافظة، كما ستعملان على إيصال ممثلين عن السلاطين في الوفد، وبصورة مقاربة ستعمل بريطانيا - التي تتواجد على أراضيها الجالية الجنوبية الأكبر في الدول الغربية - على تمثيل مؤثر في الوفد للشخصيات الموالية لها وبالذات المطالبين بدولة عدن.
- صحيح أن هناك من يستبعد حصول حضرموت وعدن على نسبة تمثيل رئيسة في وفد التفاوض باعتبار أن عدداً من أبناء المحافظتين سيتواجدون في الوفد ضمن حصص الحراك والمكونات الأخرى، لكن مع التصاعد الأخير في نشاط الجماعات المطالبة بالدولة الحضرمية، وارتفاع صوت تيار عدن للعدنيين، ومع تأكيد قوى الحراك المختلفة في أدبياتها ومسوداتها الخاصة بالدستور المؤقت للجنوب المقدمة من تيارات البيض وباعوم والنوبة ومن شعب الجنوب وجميعها تؤكد على تحديد نسبة تمثيل لكل من حضرموت وعدن في البرلمان المؤقت والسلطة التنفيذية لدولة الجنوب تزيد بمقدار الثلث عن النسب المخصصة لباقي المحافظات.
- كل ذلك يعزز من حظوظ المحافظتين في الحصول على تمثيل مهم في الوفد، ولاشك أن ذلك ينسجم مع رغبة كل من السعودية والإمارات وبريطانيا في وجود عدد من أبناء حضرموت وعدن في الوفد ليس لمجرد انتمائهم للمحافظتين، وإنما ليكونوا ممثلين ومعبرين عن قضيتي حضرموت وعدن في المفاوضات.
- وفقاً لمثل هذا التمثيل سنجد أن وفد الجنوب سيواجه صعوبة في الاتفاق على موقف موحد من القضايا الرئيسة (الوحدة مع الشمال وبقاء الجنوب موحداً)، فسنجد في الوفد من يؤيد الانفصال عن الشمال ومن يتمسك بالوحدة، لكن في إطار فيدرالي أو عبر إيجاد صيغة جديدة لها يضمن الجنوب بموجبها بقاءه كشريك فعلي في السلطة والثروة، وبين التيارين سيظهر تيار ثالث طال انتظاره لمثل هذه الفرصة التاريخية من أجل المطالبة بالدولة الحضرمية ودولة عدن المستقلة، وهذا الفريق سيكون المستفيد الأكبر كون المفاوضات ستمكنه من الظهور كتيار رئيس قادر على طرح قضيته في مفاوضات يرعاها المجتمع الدولي.
- من المتوقع أن يحظى هذا التيار بدعم غير مباشر من بعض الدول، كما تؤشر إليه تحركات السلطان بن عفرير في المهرة وسقطرى بدعم إماراتي واضح، وكذا تركيز عبدالرحمن الجفري نشاطه في الفترة الأخيرة على حضرموت، واستقبال السفير السعودي بصنعاء لوفد الجنوبيين المطالبين بالإقليم الشرقي.
- كما سيستفيد دعاة الدولة الحضرمية وعدن للعدنيين في المفاوضات من استخدام صنعاء المتوقع لورقتي عدن وحضرموت في مواجهة المطالب الانفصالية للحراك خاصة مع وجود تحركات تشير إلى ذلك كإعلان فروع أحزاب المؤتمر الشعبي والإصلاح والاشتراكي والناصري والتجمع الوحدوي والبعث والحق بحضرموت فضلاً عن العصبة الحضرمية وجمعية الحكمة السلفية بتاريخ 7/11 عن تشكيل (مجلس تنسيق المكونات الحضرمية بساحل حضرموت).
إشكالية التمثيل في وفد الشمال:
- لا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة للتمثيل في وفد الشمال، فليس هناك قيادة منتخبة، كما أن غالبية القيادات الرئيسية في النظام في الوقت الراهن من الجنوب، لكن على الأرجح سيشكل الوفد من القوى السياسية الرئيسة (المؤتمر الشعبي وحلفائه والمشترك وشركائه) إضافة إلى جماعة الحوثي والسلفيين والشباب، أما بالنسبة لحجم تمثيل تلك القوى في الوفد، فالمتوقع احتكار المؤتمر والمشترك للحصة الأكبر من التمثيل وبنسب متساوية رغم أن المؤتمر سيطالب بحصة اكبر من حصة المشترك، أما جماعة الحوثي فستحصل على نسبة تمثيل لن تزيد عن 15%، في حين سيكون تمثيل الشباب والمرأة والسلفيين محدوداً وأقرب إلى التمثيل الشرفي.
- لكن الوضع قد يختلف في حال انهار تكتل المشترك، حيث سيحصل المؤتمر وحلفاؤه في هذه الحالة على نصيب الأسد بنسبة تمثيل تصل إلى 35% يليه التيار الإسلامي من إخوان وسلفيين بنحو 25% ثم التيار اليساري من ناصريين واشتراكيي الشمال وبعث ب15% ونسبة مماثلة لجماعة الحوثي والنسبة المتبقية ستوزع بين الشباب والمرأة.. وأعتقد، جازماً، أننا سنسمع أصواتاً تطالب بتخصيص نسب تمثيل في الوفد لأبناء المناطق الوسطى وتهامة ومأرب، لكنها ستكون أصواتاً ضعيفة وغير مؤثرة لافتقادها للدعم الشعبي المؤثر وللدعم الخارجي، وسيتم مراضاتها عبر اختيار شخصيات سياسية واجتماعية بارزة من تلك المناطق لعضوية الوفد بصفتهم الحزبية .
- غالبية القوى الشمالية الممثلة في الوفد سيكون موقفها موحداً من قضية الوحدة باستثناء جماعة الحوثي المؤيدة للانفصال، لكن ذلك لن يؤثر كثيراً في الموقف العام للوفد لمحدودية تمثيل الجماعة فيه، إلا أنه قد يتسبب في بعض الإرباكات داخل الوفد، في حين يتوقع تراجع مستوى تعاطف القوى اليسارية مع مطالب الحراك مع تأييدها لبقاء اليمن موحدا في إطار دولة فيدرالية.
- صراحة لا أعرف كيف سيتمكن الوسطاء من تجاوز الإشكاليات الثلاث المتعلقة بمكان عقد المفاوضات ومرجعيتها القانونية ومعايير اختيار أعضاء الوفدين، وبالذات إشكالية العضوية، التي قد تحتاج إلى وقت طويل قبل توصل مختلف الأطراف لاتفاق عليها، ومن ثم فإن تعثر المفاوضات الثنائية قبل أن تبدأ هو الاحتمال الأقرب للواقع، لكني سأفترض، جدلاً، حصول معجزة ونجح الوسطاء في تجاوز الإشكاليات الثلاث وإطلاق المفاوضات الثنائية.
- في الحلقة الرابعة.. سأحاول استشراف العناوين الرئيسة المتوقعة للمفاوضات بين الشمال والجنوب خاصة ما يتعلق بأبرز الملفات الشائكة في المفاوضات، والأوراق التي سيستخدمها وفد الشمال لإرباك الحراك، ودفعه للتخلي عن المطالبة بتقرير المصير للجنوب، وفي حال فشله في ذلك هل سيلجأ الشمال إلى اتفاقيتي العام 1914م و1934م وكذا اتفاقية عام 2000م للمطالبة بضم عدن وشبوة إليه؟ هذا ما سنتناوله في الحلقة الرابعة بإذن الله تعالى. ...يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.