مرّت مرور الكرام، حادثة عرضية ليست ذا أهمية، ببساطة: الضحية مواطن بسيط من تهامة، ليس له قبيلة ولا ينتمي إلى الزُمرة كي يحظى بأدنى اهتمام. بالأمس كان ثلاثة مرافقين لأحد مشائخ أولاد الأحمر يضربون شاباً من زبيد يُغالبُ الحياة بعرق جبينه لا بتحويش الأراضي أو استحداث نقاط التفتيش.. ضربوه حدّ الموت. هنا تجلت بساطة الزبيدي الذي يستمد طبعه البسيط من الساحل,, وصلافة المرافقين الذين يستمدون جلافتهم من الجبل,, هنا تظهر قيمة السحنة السمراء والعاديون الذين لا تعلم بهم دكاكين المنظمات الحقوقية، وعنف العنيفون الذي يتسمون بملابس رثة وعقلية تُقدس فخامة الشيخ. اقتربت سيارة الشيخ هاشم الأحمر ضابط وخريج كلية عسكرية باكستان، كان فاشلاً في دراسته المهم، اقتربت السيارة من الورشة التي يعمل فيها الزبيدي، وبعد أن قام بسروستها، طلب منهم 1500 ريال فقط، لكنهم قالوا بأنهم لن يدفعوا غير 1000 ريال. وبعد أن تطورت المشادة، انهالوا على جسمه النحيل بأعقاب البنادق حتى الموت. أستطيع الآن تنبؤ ماكان يدور في ذهن الزبيدي: «نحنُ بعد الثورة، في زمن رئيس جديد، في عهد قلّص من نفوذ المشائخ، إن لم أكن أنا والشيخ سواسية فعلى الأقل أنا ومرافقه». مات الزبيدي، هذه المرة لم يُحرك "ياسر العواضي" ساكناً للدفاع عن حقوق "أولاد الشغالات"، ويلتزم بالصمت مع القاتل، القاتل سيء ومن يتفيأ ظلاله مقابل منفعة أسوأ، ودرجات السوء لا تُقاس. ليس سيئاً تصفية الحسابات بين الرؤوس المشيخية في البلد، لكن الأسوأ أن يكون الضحايا من "أولاد الشغالات"، وهم أولئك الذين أطلق عليهم ""( "ياسر العواضي ذات جريمة موجعة، كان ضحيتها أيضاً مواطنان من وصاب. ياسر العواضي يبدو أنه في مرحلة مُهادَنة مع عيال الأحمر، لذا لم يدافع عن التهامي النحيل. إلى متى سنظل نتملق الجميع، ونغطي وجوهنا وراء الحقائق الموجعة!؟ متى سنثور على هذا الدور الهامشي الذي أدمننا من عقود؟ * المنتصف نت