لطالما سمعت وقرأت أن اقواماً في الأزمنة الغابرة صدقوا فدخلوا النار وأن أناساً كذبوا ودخلوا الجنة. ولولا تأكيد الحق عز وجل في كتابه المحكم لما صدقها عاقل.. غير أن واقعنا اليمني المعيش عمل على ترجمتها على الواقع. فرغم أن ثلاثة أرباع ثوار ثورة 11 فبراير لم يثوروا ضد شخص صالح وعائلته فحسب وإنما ضده وضد أركان نظام الفاسدين على حد سواء وفي مقدمتهم جنرال النظام مصاص دماء أبناء الجنوب وصعدة والمناطق الوسطى علي محسن الذي استطاع بمكره أن يقلب الموازين رأساً على عقب وينقذ النظام من حتفه المؤكد ويطيل بعمره من خلال انشقاقه عليه وتأييده للثورة. وما قابله الجناح الاخواني المتطرف المسيطر على الساحات من حفاوة الترحيب وما أظهرته أبواقه الإعلامية من تمجيد وإطراء ومدح وما تلاه من انضمام حلفائه الساقطين من نظام صالح وهو ما أدى لتراجع ثلث الساحات وبالتالي إجهاض الثورة وتحويلها لأزمة. المهم ان ذلك الجنرال العجوز الذي صعد إلى سدة الزعامة الثورية أكد مراراً وتكراراً أن فرقته المنشقة واخواتها جردت من كل وسائل التسليح والتطوير وأنها مجرد بشر فقط، مبدياً استعداده التخلي عن منصبه، مطالباً بسرعة هيكلة الجيش والتي بدأ يرفضها منذ إعلانها ففضحه جحوده لقرارات الهيكلة والتي قبلها على مضض بعد ضغط الخارج وتلبية شروطه خلف الكواليس والتي منها طلبه وقتاً لإخلاء الفرقة بهدف مراوغة تنفيذ القرار.. على العكس تماماً من نجل الرئيس السابق أحمد علي قائد الحرس الذي كان يقود قوة عسكرية ضاربة تستطيع بإشارة منه أن تقلب صنعاء رأساً على عقب فلم يكتف بضبط النفس طيلة فترة الثورة أقصد الأزمة فحسب رغم التوجه الإعلامي المهول الموجه ضده. بل امتثل لقرارات الهيكلة وسارع التسليم لخلفه، وهنا تتحقق العبارة اليمنية (رجال صدقوا فخرجوا من السلطة ورجال كذبوا فبقوا بالسلطة). * صحيفة المنتصف