مجلس الأمن يتخذ قرار بشأن العقوبات المفروضة على قيادات في اليمن    وديا: السعودية تهزم كوت ديفوار    توخيل: نجوم انكلترا يضعون الفريق فوق الأسماء    عبوة ناسفة تودي بحياة جنديين في أبين    وقفات شعبية في إب وفاءً لتضحيات الشهداء وتأكيدًا على الجهوزية    قراءة تحليلية في نص "زواج الخمس دقائق" ل"أحمد سيف حاشد"    أمين عام الإصلاح يعزي رئيسة دائرة المرأة في وفاة زوجها    واشنطن تطلق عملية عسكرية تستهدف فنزويلا ومادورو يعلن الاستعداد للرد    الارياني يرفض إعادة الآثار المنهوبة وبعضها بيع في باريس(وثائق)    اتحاد الإعلام الرياضي بعدن    حين قررت أعيش كإنسان محترم    بن حبتور يهنئ الطاهر أمينا عاما للمؤتمر القومي العربي وبن جدو نائبا له    رونالدو مهدد بالغياب عن كأس العالم 2026    بنفقات 76 مليار دولار.. "النواب المغربي" يصادق على مشروع موازنة 2026    الكشف عن لوحة تاريخية للرسام السويدي بيرتل والديمار بعنوان Jerusalem    محافظ عدن يكرّم الأديب محمد ناصر شراء بدرع الوفاء والإبداع    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    بينها السعودية ومصر.. 25 دولة متهمة بالتواطؤ لتزويدها "إسرائيل "بالنفط    حارس الجلاء يصنع الفارق ويقود فريقه إلى نهائي كأس العاصمة عدن    الصين تعلن اكتشاف أكبر منجم ذهب في تاريخها    تواصل المنافسات الرياضية في ثاني أيام بطولة الشركات    رغم اعتراض أعضاء الرئاسي والقانونية.. قرارات الزبيدي تعتمد رسميا    نمو إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة في الصين بأضعف وتيرة منذ أكثر من عام    أبين.. حريق يلتهم مزارع موز في الكود    وجهة نظر فيما يخص موقع واعي وحجب صفحات الخصوم    جيش المدرسين !    الانتقالي والالتحام بكفاءات وقدرات شعب الجنوب    استشهاد جندي من الحزام الأمني وإصابة آخر في تفجير إرهابي بالوضيع    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    خبير في الطقس: موجة اشد برودة خلال الأسبوع القادم    بعد صفعة المعادن النادرة.. ألمانيا تُعيد رسم سياستها التجارية مع الصين    الدفاع والأركان العامة تنعيان اللواء الركن محمد عشيش    مهام عاجلة أمام المجلس الانتقالي وسط تحديات اللحظة السياسية    عدن تختنق بين غياب الدولة وتدفق المهاجرين.. والمواطن الجنوبي يدفع الثمن    بطاقة حيدان الذكية ضمن المخطط الصهيوني للقضاء على البشرية باللقاحات    الرئيس المشاط يعزي في وفاة اللواء محمد عشيش    حكام العرب وأقنعة السلطة    جمعيات المتقاعدين والمبعدين الجنوبيين تعود إلى الواجهة معلنة عن اعتصام في عدن    مي عز الدين تعلن عقد قرانها وتفاجئ جمهورها    الرئيس عون رعى المؤتمر الوطني "نحو استراتيجية وطنية للرياضة في لبنان"    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    هالاند يقود النرويج لاكتساح إستونيا ويقربها من التأهل لمونديال 2026    الرياض.. توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز الطاقة في اليمن بقدرة 300 ميجاوات بدعم سعودي    عدن.. البنك المركزي يغلق منشأة صرافة    غموض يلف حادثة انتحار مرافِق المخلافي داخل سجنه في تعز    وزير الصناعية يؤكد على أهمية تمكين المرأة اقتصاديا وتوسيع مشاركتها في القطاعات التجارية    القصبي.. بين «حلم الحياة» و«طال عمره» 40 عاما على خشبة المسرح    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    شبوة:فعالية تأبينية مهيبة للإعلامي والإذاعي وكروان التعليق الرياضي فائز محروق    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن: خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء
نشر في المنتصف يوم 01 - 01 - 2014

شهد المسرح اليمني خلال الأسبوع الأخير من العام المنصرم تطورات جديدة حملت في طياتها إضافات سيئة ما كان اليمن بحاجة اليها . وأعني بذلك تمرد قبائل حضرموت التي هاجمت مواقع الجيش الرسمي وقطعت خط النفط الاساسي الذي ينقل البترول إلى الخارج، وذلك ثأراً لزعيمها الذي قتلته وحدة عسكرية حكومية . وفي أقصى الشمال تقدم الحوثيون في وادي أبوجبارة على خصومهم السلفيين . في هذا الوقت ارتكبت القوات الحكومية مجزرة عن طريق الخطأ في خيمة عزاء في محافظة الضالع الجنوبية .
تزامنت هذه التطورات الدرامية مع خروج "مؤتمر الحوار" بصيغة للحكم تعتمد الدولة الفدرالية الاتحادية من دون أن يعين أقاليمها . وترك لرئيس الجمهورية قرار تشكيل لجنة دستورية تعد اقتراحاً ملزماً بهذا الخصوص الأمر الذي تسبب بانقسامات حادة في كنف التيارات السياسية الأساسية في البلاد . فقد رفض الصيغة كل من حزب المؤتمر الشعبي العام وقبلها نائب رئيس الحزب ورئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي فضلاً عن الدكتور عبدالكريم الارياني ممثل الحزب في هيئة الحوار . وعارضها التيار الناصري، وقسم مهم من حزب الإصلاح بزعامة الشيخ الزنداني ورفضها الحزب الاشتراكي اليمني والحراك الجنوبي وعارضها جزئياً مجلس شباب الثورة .
يذكر أن مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر وافق على هذه الصيغة معتبراً أنها تفتح الطريق أمام إصلاحات جديدة وتوزيعاً عادلاً للثروة ولا مركزية إدارية وتضع حداً لمأساة الجنوبيين الذين عانوا التمييز .
واللافت أن الوثيقة تعطيهم نصف المقاعد في مجلس النواب وتعطيهم الحق في نصف الوظائف بل ستكون لهم الأولوية في التعيينات وفي الجيش إلخ .
واللافت أيضاً أن الاعتراض على الوثيقة من معظم الأطراف الأساسية في لجنة الحوار لم يبق في حدود التصريحات الهادئة، فقد تلقى جمال بن عمر وهو مغربي الأصل تهديدات بالقتل طالت أيضاً السفارة المغربية . وذلك كله يضع مخرجات مؤتمر الحوار في مازق صعب فهي الوحيدة التي حظيت برضى المبعوث الدولي ورئيس الجمهورية، وربما رعاة الحوار الاجانب لكنها بالمقابل لا تحوز على اجماع يمني، فهل تتحول إلى عقبة جديدة وتضاف إلى التعقيدات اليمنية الاخرى ؟
ليس من السهل تقديم إجابة أو إجابات قاطعة عن السؤال، وإن كانت التقديرات الأولية تذهب في الاتجاهات التالية .
أولاً: لا يمكن الاطمئنان إلى صلاحية الصيغة الفدرالية في حكم اليمن فمن المعروف ان هذا النوع من الحلول تعتمده الدول القوية والثرية القادرة على رعاية تعايش سلمي بين اجزائها والدول التي تملك مؤسسات قوية وقادرة على لعب أدوار ناظمة للمتحدات الفدرالية الامر الذي لا ينطبق على واقع اليمن واليمنيين الذين يمكن لهذه الصيغة ان تباعد بينهم وان تكون سببا في تقاتلهم خصوصاً أن الجنوبي الذي يطمح إلى الانفصال سيعتبرها محطة على الطريق هذا ان قبل بها والاخرون سيعتبرونها شكلية وسيتعاطون معها على
هذا الأساس بانتظار ظروف أفضل لاستئناف الوحدة الاندماجية .
ثانياً: إن نظاماً سياسياً في أية دولة اتحادية يستدعي الارتكاز إلى محور قوي في الحكم والمجتمع فقد صمد النظام الفدرالي الأمريكي لأنه استند إلى انتصار الكتلة التاريخية الشمالية في الحرب الأهلية في القرن التاسع عشر، ولأن الولايات المتحدة أشبه بالقارة التي يصعب حكمها عبر نظام مركزي اندماجي . ونجح النظام الألماني الاتحادي استناداً إلى الثقافة السياسية الالمانية الاتحادية المعمرة، وإلى غنى الشمال ووسائله الضخمة التي وضع القسم الاكبر منها في إعادة تأهيل ألمانيا الشرقية الشيوعية وهو ما تفتقر إليه اليمن التي فقدت مع الربيع العربي كتلتها الشمالية والجنوبية المختلطة التي ربحت حرب العام 1994 من دون أن تخلفها كتلة أخرى يمكن أن يدور حولها النظام الاتحادي . ويفتقر اليمن لثقافة سياسية مجربة في التعايش الطويل الآمد بين متحدات متعددة الحساسيات السياسية . كما أن البلاد تفتقر لثروة طافحة تمتص غضب المتضررين من تفكيك النظام الحالي الاندماجي أو تعالج غضب المتضررين من النظام الشطري السابق .
ثالثاً: تنطوي الصيغة الفدرالية على بؤر توتر ستتسبب بالضرورة باضطرابات خطيرة ولن تسهل عمل النظام الاتحادي واعني بذلك منح الافضلية الوطنية والدستورية لجنوب اليمن كي لا يبادر إلى الانفصال وكي يغري الجنوبيين بالابتعاد عن طروحات البيض الانفصالية . إن اعطاء الجنوبيين الافضلية في الوظائف الحكومية يحل مشكلة ويخلق مشكلة اخرى تماما كقسمة مجلس النواب مناصفة بين الطرفين الذي يطرح مشكلة في التمثيل الديمقراطي لانه يعني أن صوت المقيم في جنوب اليمن يساوي خمسة أصوات شمالية اذا ما اعتمدنا حجم السكان في المنطقتين وهذا من شأنه التسبب بتمييز جديد والتأسيس لمظالم مقبلة وفي ظني إن حل مشكلة التمييز لا يمكن أن يكون عبر تمييز جديد وإنما عبر المواطنة المتساوية بين كافة أبناء اليمن .
رابعاً: لم تتم الإشارة إلى ضرورة المصالحة الوطنية بين اليمنيين، وهي الشرط الأساسي لأية صيغة حكم أو انطلاقة سياسية جديدة . وفي تاريخ اليمن الحديث أمثلة رائدة لعل أبرزها التصالح بين الجمهوريين والملكيين في أوائل السبعينات في المملكة العربية السعودية والتصالح بين كافة الفئات السياسية وتجميعها في المؤتمر الشعبي العام في بداية نشوء النظام السابق . يفصح ما سبق أن الربيع اليمني الذي انطلق عام 2011 نجح في تفكيك النظام السابق وفشل في بناء نظام بديل فاختار أصحابه الهروب إلى الأمام نحو الصيغة الفدرالية وهي الاسم الحركي للخراب المقيم والمرشح للاستمرار ما لم يخرج اليمنيون من هذه اللعبة ويدخلون في مصالحة أهلية هي الشرط الحسام لإنقاذ بلادهم ولانطلاقة وطنية جديدة .
* "الخليج" الإماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.