"صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و904 منذ 7 أكتوبر    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    5 دول أوروبية تتجه للاعتراف بدولة فلسطين    وفاة الشيخ ''آل نهيان'' وإعلان لديوان الرئاسة الإماراتي    امتحانات الثانوية في إب.. عنوان لتدمير التعليم وموسم للجبايات الحوثية    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ميونخ ويواجه دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا    إعلان عسكري حوثي عن عمليات جديدة في خليج عدن والمحيط الهندي وبحر العرب    الإعلان عن مساعدات أمريكية ضخمة لليمن    أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية اليوم الخميس    تململ القوات الجنوبية يكرّس هشاشة أوضاع الشرعية اليمنية في مناطق الجنوب    تصاعد الخلافات بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر والأخير يرفض التراجع عن هذا الاشتراط !    "لا مستقبل للتعليم تحت سيطرة الحوثيين": استقالة أكاديميين من جامعة الضالع تُنذر بموت الحلم.    عيدروس الزبيدي يصدر قرارا عسكريا جديدا    الحوثيون يرتمون في محرقة طور الباحة ويخسرون رهانهم الميداني    إجازة الصيف كابوس لأطفال عتمة: الحوثيون يُحوّلون مراكز الدورات الصيفية إلى معسكرات تجنيد    من فيتنام إلى غزة... حرب النخبة وغضب الطلبة    جريمة مروعة تهز مركز امتحاني في تعز: طالبتان تصابا برصاص مسلحين!    بعد وصوله اليوم بتأشيرة زيارة ... وافد يقتل والده داخل سكنه في مكة    العرادة يعرب عن أمله في أن تسفر الجهود الدولية بوقف الحرب الظالمة على غزة    سقوط نجم الجريمة في قبضة العدالة بمحافظة تعز!    قصر معاشيق على موعد مع كارثة ثقافية: أكاديمي يهدد بإحراق كتبه    دوري ابطال اوروبا .. الريال إلى النهائي لمواجهة دورتموند    أحذروهم في عدن!.. المعركة الخطيرة يقودها أيتام عفاش وطلائع الإخوان    قناتي العربية والحدث تعلق أعمالها في مأرب بعد تهديد رئيس إصلاح مأرب بقتل مراسلها    اختيار المحامية اليمنية معين العبيدي ضمن موسوعة الشخصيات النسائية العربية الرائدة مميز    مطالبات بمحاكمة قتلة مواطن في نقطة أمنية شمالي لحج    انفجار مخزن أسلحة في #مأرب يودي بحياة رجل وفتاة..    دورتموند الألماني يتأهل لنهائي أبطال أوروبا على حساب باريس سان جرمان الفرنسي    حقيقة ما يجري في المنطقة الحرة عدن اليوم    اكتشاف مقبرة جماعية ثالثة في مستشفى الشفاء بغزة وانتشال جثامين 49 شهيدا    فريق شبام (أ) يتوج ببطولة الفقيد أحمد السقاف 3×3 لكرة السلة لأندية وادي حضرموت    الوزير البكري: قرار مجلس الوزراء بشأن المدينة الرياضية تأكيد على الاهتمام الحكومي بالرياضة    الولايات المتحدة تخصص 220 مليون دولار للتمويل الإنساني في اليمن مميز    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    الاتحاد الدولي للصحفيين يدين محاولة اغتيال نقيب الصحفيين اليمنيين مميز    تستوردها المليشيات.. مبيدات إسرائيلية تفتك بأرواح اليمنيين    عصابة معين لجان قهر الموظفين    لماذا تقمع الحكومة الأمريكية مظاهرات الطلبة ضد إسرائيل؟    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    رغم إصابته بالزهايمر.. الزعيم ''عادل إمام'' يعود إلى الواجهة بقوة ويظهر في السعودية    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    نيمار يساهم في اغاثة المتضررين من الفيضانات في البرازيل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين وتسقط طائرة مسيرة في خليج عدن مميز    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعياد نيسان في تاريخ مناطق عربستان .. سقوط الدولة وانتفاضات مستمرة
نشر في المنتصف يوم 23 - 02 - 2021

شهر أبريل (نيسان) هو شهر الأعياد ومن معانيه الربيع والزهور والسنابل، ويطلق اسماً على الإناث اللواتي يتّسمن بالحيوية وحب الحياة. وفي إقليم الاحواز مفردة نيسان مرادفة لموسم حصاد القمح، المكون الرئيس لقطاع الزراعة في الإقليم، ولهذا يُعرف عند عامة الناس بشهر الخير والبركة.
سقوط مملكة عربستان.
مملكة عربستان وعاصمتها المحمرة كانت احدى ممالك الدولة القاجارية والتي شملت معظم الاراضي الايرانية الحالية اضافة الي ارمينيا واذربيجان وكانت عاصمتها طهران وتمتعت بحكم متميز يصل إلى حد شبه الاستقلال، إلا أن جيش الشاه رضا البهلوي هاجم مملكة عربستان واحتل الأحواز، ومن ثمّ ذهب أحد ضباطه إلى المحمرة واختطف الأمير خزعل بخدعة ليلة العشرين من نيسان 1925. وقد تم ذلك على الرغم من وعود الشاه للبريطانيين بالحفاظ على حكم الأمير خزعل بعد تسديده إيرادات جمارك المحمرة للدولة الإيرانية.
وخلال حكم الشيخ خزعل الذي دام 28 عاماً تمكّن أن يوحد الإمارات الأربع التي كانت تشكل مملكة عربستان، وهي إمارة البوكاسب في الجنوب وبني كعب في الشرق والحويزة وبني طرف في الغرب وإمارة آل كثير في الشمال.
وفي يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) من ذلك العام، أي بعد الإلحاق القسري لمملكة عربستان إلى الدولة الإيرانية، ارتكبت قوات الجيش البهلوي مذبحة ضد المنتفضين الطامحين لإعادة الحكم العربي، قُتل خلالها 240 أحوازياً في مدينة المحمرة. وقد عُرفت تلك الانتفاضة في القاموس السياسي الشعبي الأحوازي ب"ثورة الغلمان".
وتبعت تلك المذبحة، مجازر متتالية ضد العرب، أهمها عام 1979 بنحو 300 قتيل في المحمرة، وعام 2005، وحصيلتها 53 قتيلاً في مدينة الأحواز وبعض المدن الأخرى، وعام 2019 بنحو 400 قتيل في مدن الأحواز والمحمرة والغالبية من مدينة معشور.

وهنا سنلقي نظرة على انتفاضة 15 أبريل 2005 والمذبحة التي تلتها والتي اندلعت إثر نشر رسالة سرية منسوبة لمحمود أبطحي، مدير مكتب الرئيس الإيراني آنذاك محمد خاتمي تنص على ضرورة العمل لتغيير عدد سكان إقليم عربستان (خوزستان رسمياً) خلال فترة 10 أعوام لصالح غير العرب ليصبح العرب أقلية هناك فانطلقت تلك الانتفاضة من الأحواز العاصمة وشملت مناطق الحميدية والكورة ومناطق أخرى، وأربكت النظام الإيراني الذي اعتقل الألوف من العرب، بل وقام باعتقالات وقائية في المحمرة وعبادان للحيلولة دون التحاق هاتين المدينتين بالانتفاضة الشعبية.
وكان الشعب الأحوازي وسائر الشعوب في إيران يأملون وعقب ثمانية أعوام من رئاسة خاتمي في أن يتم تطبيق بعض بنود الدستور التي تنص على تعليم لغاتهم القومية في المدارس بعد إهمال دام عقوداً، غير أن ذلك لم يحصل، ولم يمضِ شهر على الانتفاضة السلمية والجماهيرية، إلا ووقعت سلسلة عمليات تفجير في مؤسسات حكومية بمدينتي الأحواز ودسبول أدت إلى عسكرتهما. وقد تم إعدام أكثر من 30 شخصاً بحجج علاقتهم بتلك الأحداث خلال الفترة ما بين عام 2006 وعام 2009. وبسبب هذا الوضع المتأزم في عربستان، لم يجرؤ، لا الرئيس الإيراني آنذاك أحمدي نجاد ولا مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي أن يزورا الإقليم إلا بعد مرور عام ونصف من وقوع تلك الأحداث.

تأثير الانتفاضة داخل عربستان وخارجه
وقعت انتفاضة نيسان 2005 بعد مرور ربع قرن على قيام ثورة فبراير (شباط) 1979، وما أعقبها من حراك جماهيري سياسي وثقافي للشعب الأحوازي وكذلك القمع الدامي لذلك الحراك في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) من ذلك العام، وهذا يعني أن انتفاضة نيسان لعبت دوراً توعوياً مهماً لجيل لم يعِش فترة الثورة وما بعدها، وأصبحت أساساً لاحتجاجات وتظاهرات وانتفاضات لم تهدأ خلال الأعوام ال17 الماضية.
وهذا ما تشهد عليه شوارع وساحات وأحياء مدن عربستان، من دست ميسان والحميدية والسوس، مروراً بالأحواز وتستر والفلاحية والخلفية إلى معشور وعبادان والمحمرة. فلم ينحصر تأثير انتفاضة نيسان على الكفاح القومي والوطني، بل أثر في حراك الطبقة العاملة في الإقليم، بما فيها الإضرابات والتظاهرات والاعتصامات التي فاقت نظيراتها في أي مكان آخر في إيران. وعلى المستوى الثقافي، شهدت عملية النشر باللغة العربية في الإقليم نسبة لا بأس بها، تجاوزت السيطرة شبه التامة للغة الفارسية، واتسعت رقعة القراءة باللغة العربية أكثر فأكثر، بل أصبحت هناك ثقة بالنفس لدى المثقف والمتلقي الأحوازي، المتفاعل مع الأدب والفكر والفن والسياسة في العالم العربي، بعدما كانت عينه في السابق على ما يُنتج في طهران. كما نشاهد العودة إلى الزي الوطني والثقافة الأحوازية وكل ما يتعلق بالهوية القومية. واجتماعياً، تجلى هذا الأمر في تعاضد مختلف المناطق مع المدن والقرى التي تعرّضت للفيضانات المتعمدة في مارس (آذار) 2019، إذ شاهدنا فرق الإغاثة والمساعدات من عبادان ومعشور والمحمرة ورامز ودسبول والخلفية للمنكوبين في الأحواز والحميدية والخفاجية، وهذا ما أثار خوف النظام الإيراني الذي لم يتحمل مثل هذه المشاهد من التضامن الاجتماعي بين أبناء الشعب الواحد، بل وصلت بعض المساعدات إلى المنكوبين من مناطق الساحل الشرقي للخليج.

وفي خارج الإقليم، لم تمضِ ثلاثة أشهر على انتفاضة نيسان الأحوازية، إلا وشاهدنا احتجاجات وتظاهرات تعمّ معظم مدن كردستان الإيرانية إثر اغتيال أحد نشطائهم الموصوف ب"شوانة قادري"، أدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى. كما انطلقت انتفاضة عارمة في إقليم أذربيجان يوم 22 مايو 2006 واستغرقت أياماً عدة، احتجاجاً على إساءة صحيفة "إيران" الرسمية للشعب التركي الأذري، سقط خلالها نحو تسعة أشخاص وجُرح المئات وتم إحراق عدد من البنوك والدوائر والمؤسسات الحكومية، بخاصة تلك التي تحمل اسم "بارس" و"بارسيان" أي فارس والفرس. كما انعكست أخبار انتفاضة نيسان في الإعلام الإقليمي والعالمي، وطُرح اسم الأحواز على مستوى لم يسبق له مثيل ببركة التلفزة والإنترنت.

وللشعب الأحوازي فضل على سائر الشعوب في نضالها ضد الاضطهاد والقهر خلال العقدين الأخيرين، لا يقتصر على انتفاضة نيسان، بل كان هذا الشعب سبّاقاً أيضاً في انتفاضة نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 عندما خرجت الجماهير في معظم المحافظات والمدن الإيرانية، احتجاجاً على رفع أسعار الوقود، راح ضحيتها 1500 شخص، إذ أشعل الأحوازيون شرارة التظاهرات في الأحواز العاصمة أولاً، ولم تنتهِ إلا باغتيال نحو 400 عربي في ميناء معشور.
وهذا يعني أن العربي في جنوب إيران، وعلاوة على التمييز السياسي والاقتصادي والبيئي والثقافي واللغوي، يواجه تنكيلاً سيكولوجياً يتمثل في صراعه اليومي مع الأقلية غير الفارسية المتشبعة بعدائه في الإقليم، وكذلك تعرّضه للإساءة والتحقير في الكتب والإعلام والملاعب والمناسبات والتظاهرات في طهران، التي يُردد فيها وبصراحة هتاف "الموت للعرب". فإن كل هذه الأمور، وعلى الرغم من مرارتها، تشحذ الإحساس القومي والوطني لدى المواطن الأحوازي كي يتحرك ويناضل باندفاع أكثر من أجل حقوقه المغصوبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.