تصاعدت مؤخرا جرائم قتل الأقارب وباتت ظاهرة تؤرق اليمنيين في مناطق سيطرة عصابات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران. تقرير حقوقي حديث كشف عن مقتل وإصابة 161 مواطناً يمنياً برصاص أبنائهم الأطفال المجندين لدى عصابات الحوثي الإرهابية، منذ مطلع العام 2021، تحت تأثير دورات الشحن والتعبئة الطائفية الإرهابية.
وأفاد تقرير صادر عن الشبكة اليمنية للحقوق والحريات بأن "الحرب صارت بيئة خصبة لارتكاب أبشع الانتهاكات بحق الأطفال، فقد جندت جماعة الحوثي عشرات الآلاف من الأطفال للقتال ضمن عناوين الخدعة، والقتال بنزعات طائفية ومذهبية متطرفة وعنصرية، إضافة إلى محاولة فرض تطبيق الثورة الخمينية وتجربة الحرس الثوري على اليمن بالقوة".
وأوضح أن العصابة خدعت الأطفال بالقتال تحت عناوين (من أجل تحرير القدس، الدفاع عن الوطن من الغزو الأميركي البريطاني الإسرائيلي... )، وبسبب هذه التعبئة جعلت الكثير من الأطفال في اليمن يقتلون آباءهم وأقاربهم.
وأشار التقرير إلى أن "القتل أصبح لدى جماعة الحوثي مهنة احترافية، وبقدر ما تمثل هذه الجريمة من أنها أكبر انتهاك صارخ لحق الإنسان في الحياة فإنها عندهم قربة وطاعة لأسيادهم وضرورة لتحقيق مشروعهم التوسعي".
وأضاف أن جماعة الحوثي تعمل على تحريض الأطفال بقتل كل من يخالف مشروعها أو فكرتها وتعتبره حلال النفس والمال والعرض حتى ولو كان من أقارب هؤلاء الأطفال، وفي حال قتلهم فإن هذا يعتبر لدى جماعة الحوثي إخلاصا لمشروعهم.
ورصدت الشبكة الحقوقية أكثر من 161 جريمة قتل وإصابة، توزعت بين 121 حالة قتل، و60 حالة إصابة خلال العامين 2021/2022 في 11 محافظة يمنية واقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي.
وأوضحت الشبكة أن جماعة الحوثي تقوم بخداع الاطفال وإيهامهم بأن الأقارب بشكل عام مجرد أعداء إذا لم يلتزموا بمبادئها وأفكارها ومشاريعها، وأقنعتهم بأن طاعة زعيمهم مقدمة على طاعة الوالدين وما دونها من الطاعات الأخرى.
وقالت: "لقد رسخت جماعة الحوثي في ذهن الجاني جملة من الأفكار والقناعات التي تحثه على أن الولاء للحوثي يقتضي البراء من عائلته وأقاربه، فضلاً عن كونه قد شارك في العديد من المعارك ضد الشعب اليمني، وانغمس في الدم وقتل الآخرين إلى أن بات يستسهل القتل والعنف بحق أي فرد من عائلته، حتى وإن كان هذا الفرد زوجته أو طفله".
وأكدت الشبكة الحقوقية أن هذه الجرائم ليست جنائية وانحرافات فردية، بل ظاهرة خطيرة أفرزتها دورات الشحن والتعبئة الدموية والأفكار الإرهابية المتطرفة التي تقوم على ترسيخ العنف والفكر الإجرامي والتحريض على المجتمع، والتربية بالأحقاد والكراهية وتكفير غير المنتمين لها واستباحة الدم واستسهال قتل المخالفين وربط الولاء لقيادة الحوثي بالبراءة من الأسرة والمجتمع.
ولفتت إلى أن العصابة الحوثية تعمل جاهدة لإحداث اختلال خطير في منظومة قيم المجتمع اليمني، التي تردع مثل هذه الجرائم والانحرافات، عبر تعطيل القانون وأدوات الضبط القضائي، وتوفير الحماية لهم، ومنحهم صكا من المساءلة يتعدى ذلك إلى وصف ما يرتكبونه بالفضيلة، وغرس القناعات بداخلهم بأن "ما يفعله يتقرب به إلى الله، طالما كان الضحية مخالفا للميليشيا حتى وإن كان الأب أو الأم".
يشار إلى أن امرأة أقدمت في يونيو الماضي على قتل زوجها طعناً وذبحاً، فبعد ذلك وضعته في التنور لإحراق جثته، ثم تناولت مبيداً حشرياً لتلحق به، منهية بذلك الخلافات المعقدة بينهما، إلا أن محاولة الانتحار فشلت، وهي الآن نزيلة سجن مديرية أمن الحدأ في محافظة ذمارجنوبصنعاء الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي في جريمة هزت الراي العام.
ولم تكن هذه الجريمة الصادمة وحدها لليمنيين خلال هذا العام. حيث أقدمت امرأة أخرى في قرية الجوالح التابعة لمديرية مذيخرة بمحافظة إب (200 كيلومتر جنوبصنعاء) أقدمت على قتل والدتها بإلقاء حجر على رأسها، ثم مثلت بجثتها.
سبقت ذلك، حادثة مروعة أخرى في محافظة عمران القريبة من صنعاء باتجاه الشمال، عندما عاد شاب مما يعرف ب«الدورات الثقافية»، وهي دروس طائفية ينظمها الحوثيون لتعبئة الشباب واستقطابهم؛ ليقدم على تصفية أسرته بالكامل بعد مطالبته بحصته من الميراث؛ رغم أن والده لا يزال على قيد الحياة، إلا أنه أطلق النار على والده وزوجته وزوجة والده وشقيقه، قبل أن ينتحر.
وشهدت مديرية مذيخرة أيضاً، جريمة قتل أسرية أخرى، عندما أقدم شاب عائد من «دورات ثقافية» بدوره، على قتل والده الذي كان طالب إدارة الأمن باحتجازه بسبب تصرفات عدوانية بالرصاص والقنابل نحو منزل والده وأحد جيرانه، وبرغم أن إدارة الأمن استجابت للأب؛ إلا أن قيادياً حوثياً تدخل للإفراج عن الابن الذي غادر الحجز وذهب مباشرة إلى منزل والده ليطلق عليه النار ويرديه قتيلاً.
وفسر باحثون في علم الاجتماع تصاعد جرائم قتل الأقارب بالضغوط المعيشية الكبيرة التي يواجهها اليمنيون إلى جانب تلك "الدورات الثقافية" الإجبارية التي تقوم بها مليشيا الحوثي والتي تُشبه «جلسات غسيل الدماغ».