دعت منظمة سام للحقوق والحريات إلى وقف فوري لعقوبة الإعدام ذات الدوافع السياسية في اليمن، ومراجعة جميع الأحكام الصادرة عن المحاكم التابعة لسلطات الأمر الواقع في صنعاء، مؤكدة أن هذه المحاكمات تفتقر لأبسط معايير العدالة وتشكل انتهاكا صارخا للحق في الحياة. وقالت المنظمة، في بيانٍ لها بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، إن اليمن يعيش واحدة من أسوأ فترات استخدام هذه العقوبة لأغراض سياسية وانتقامية، مشيرة إلى أن المليشيا حولت الإعدام إلى "أداة لتصفية الخصوم وإسكات المعارضين"، في انتهاك جسيم لكل الضمانات القانونية للمحاكمة العادلة.
وأوضحت "سام" أن عدد أحكام الإعدام في مناطق سيطرة الحوثيين تجاوز 550 حكما منذ عام 2014، معظمها استند إلى تهم ملفقة واعترافات انتزعت تحت التعذيب، وأصدرتها محاكم تفتقر للاستقلالية، مؤكدة أن تلك الممارسات تمثل إعدامات سياسية خارج نطاق القانون.
واستشهدت المنظمة بجريمة الإعدام الجماعي لأبناء تهامة في سبتمبر 2021، حين أعدم تسعة مواطنين في ميدان التحرير بصنعاء بعد محاكمات صورية واعترافات انتزعت تحت التعذيب، واعتبرتها "وصمة لا تسقط بالتقادم وجريمة ضد الإنسانية".
كما لفتت إلى قضية الناشطة الحقوقية فاطمة العرولي، التي صدر بحقها حكم بالإعدام في ديسمبر 2023، بعد محاكمة شابتها مخالفات جسيمة، أبرزها حرمانها من حق الدفاع واحتجازها قسرا لثمانية أشهر، قبل تلفيق تهم تجسس ضدها.
وأشارت إلى قضية الصحفي طه أحمد راشد المعمري، المحكوم عليه بالإعدام ومصادرة ممتلكاته المقدرة بأكثر من 2.2 مليون دولار، رغم إقامته في الخارج منذ عام 2015، معتبرة أن الحكم يعكس "استغلالا سياسيا واقتصاديا ممنهجا لقمع الأصوات الحرة ونهب الممتلكات".
وأكدت المنظمة أن ما يعرف ب الإعدام السياسي أصبح ممارسة راسخة لدى سلطات الحوثيين، تستخدم لترهيب المجتمع وإخماد أي معارضة فكرية أو سياسية، محذرة من أن استمرار هذه الانتهاكات يهدد ما تبقى من منظومة العدالة في اليمن.
وشددت "سام" على أن الحق في الحياة حق غير قابل للتصرف أو التفاوض، وأن استمرار تنفيذ أحكام الإعدام خارج إطار العدالة يمثل جريمة ضد الإنسانية، داعية المجتمع الدولي إلى تجميد فوري لجميع أحكام الإعدام السياسية ومراجعة القضايا المنظورة أمام المحاكم الجزائية المتخصصة التابعة للحوثيين.
وطالبت المنظمة الأممالمتحدة والمجتمع الدولي بإنشاء آلية رقابية دائمة ترصد أحكام الإعدام ذات الطابع السياسي، وتسمح بزيارة السجون وتوثيق الانتهاكات، إلى جانب إطلاق مسار قضائي دولي لمحاسبة المسؤولين وضمان إنصاف الضحايا وتعويضهم.
كما دعت "سام" الحكومة اليمنية إلى اتخاذ موقف واضح وحازم من الإعدامات السياسية، وتوحيد الجهود الحقوقية والقضائية لتوثيق هذه الجرائم، والعمل على إلغاء النصوص القانونية الفضفاضة التي تستخدم لتجريم الرأي والمعارضة، تمهيدا ل إلغاء عقوبة الإعدام في القضايا ذات الطابع السياسي والفكري.