*- خاص ل شبوة برس احتلّت جريمة اغتيال الرئيس إبراهيم محمد الحمدي مكانة سوداء في الذاكرة الوطنية، ليس فقط لوقوعها، بل لقسوة الخيانة التي واكبتها. في منزل رئيس الأركان أحمد الغشمي استضاف أحمد الغشمي وعلي عبدالله صالح الرئيس الحمدي على وجبة غداء؛ لكن اللقاء تحول إلى فخ مميت. بحسب ما ترويه الوقائع، باغتوا الحمدي بطعنة غادرة ثم أطلقوا النار عليه، فيما سبق ذلك قتل شقيقه عبدالله الحمدي قائد قوات العمالقة، ثم أُلقي بجثتيهما في فيلا مهجورة، إلى جانب جثتين لعاهرتين فرنسيتين جُلبتا لتكونا جزءًا من سيناريو هذه المؤامرة.
مرّت سنوات قبل أن يعلّق شيخ مشائخ حاشد، عبدالله بن حسين الأحمر، على تلك الفعلة الشنيعة في مذكراته، مستنكراً وحاملاً في سرده إدانة أخلاقية لما حدث. وبرزت في الذاكرة تساؤلات موجوعة: هل كان الحمدي ضحية طيبته وسذاجته أم ضحية نذالة من حوله؟
تُشير الرواية إلى أن الحمدي أنقذ بعض الذين ساهموا لاحقاً في إسقاطه: أنقذ الغشمي من حكم بالإعدام، وتدخل لدى قبائل لتسليم غريمهم مقابل الدية، وقدم مساعدات طبية ومادية لمن احتاجها من رفاقه. ولعل في هذه التفاصيل مرارة إضافية؛ رجل صنع منهم قادة وأنقذهم، فكان مصيره الخيانة والاغتيال.
تتداخل في هذه الواقعة عناصر من السياسة والانتقام والطمع بالسلطة: اتهامات باتت تدور حول تحالفات ومصالح داخلية وخارجية، وتورط شبكات من المتآمرين الذين رتبوا لسيناريو مُحكم انتهى بجريمة تهز الضمير العام. بعض الروايات تشير إلى محاولات سابقة لاغتيال الحمدي، ولعبت فيها أسماء وشخصيات معروفة أدواراً مضللة ومتضاربة قبل أن تقع الجريمة الفاعلة.
في نهاية المطاف، لا تقل أهمية هذه الحادثة عن أبعادها السياسية؛ فهي تذكير مرير بأن الخيانة لا تُقاس فقط بعمل وحش، بل بقبحها عندما تأتي من من وضعوا ثقتهم في يد من أنقذهم. تظل ذكرى الحمدي محط أسئلة ونداءات للعدالة والتذكّر، وهو ما يفرض على الذاكرة الوطنية ألا تتهاون في مواجهة مثل هذه الفظائع وحفظ حق الضحايا في الحقيقة والكرامة.