طوح البحث عن "لقمة العيش" بشاب سوداني جامعي يدعي أنه ابن وزير سابق، حتى أوصله عبر التسلل من الحدود المصرية إلى إسرائيل، حيث عمل حمالا بعد أن تم اعتقاله لفترة في مدينة بئر السبع التي لم يسمح له بتجاوزها، قبل أن يضبط وهو يبيع ال"آيس كريم" بشوارع تل أبيب، حيث يمنع على المهاجرين السودانيين العمل بمدن إسرائيل الوسطى. وقد تقلبت الأيام بابن الوزير من طالب في القاهرة حيث أرسله والده إلى هناك قبل 6 سنوات وتخرج في كلية الحقوق متخصصا في القانون الدولي، إلى باحث عن عمل بعد تخرجه، لكنه -وبحسب كلامه- لم يجد عملا يناسب تخصصه يعيش به عيشة كريمة بعد وفاة والده. ونظرا لصعوبة الظروف في بلده -كما يقول- واليأس من العيش فيه بأمان أصبح مستعدا لأن يطوف الآفاق وأن يعبر البحار. وجاء العرض الأول من شقيقيه المقيمين في كندا فعرضا عليه السفر إليهما في كندا والبحث من جديد عن فرص قد تكون هناك أوفر أو أحسن من التي توقعها في بلده، لكنه لم يتحمس للتجربة وفضل العمل حمالا في مصر كي يعيش أولا، ثم ليوفر زادا يعينه على الخروج من شبح الفقر والبطالة الذي ظل يلاحقه حيثما حل. ثم جاءت المغامرة الثانية عندما سمع عن "جنات إسرائيل" فقرر الهجرة إليها مثل العديد من أصدقائه، فتسلل عبر الحدود، حسبما أوردت جريدة الشرق الأوسط اللندنية في عددها ليوم الأحد 25-1-2009 ظنا منه أنه "سيستقبل بالمن والسلوى". خاب ظنه في الأمل الموعود فقد كان في استقباله الاعتقال والشرطة والتمييز الطبقي؛ فبعد اعتقاله لفترة من الزمن أطلق سراحه على أن يعمل في الجنوب الإسرائيلي، ولم يسمح له مثل غيره من المهاجرين السودانيين والأرتيريين بدخول تل أبيب ولا غيرها من المدن الوسطى في إسرائيل، وتمت هذه الإجراءات وفقا لحديث الشاب بعد الإهانة المتكررة والتحقيق الصارم والشروط القاسية "التي تجعل المهاجر يمقت الحياة قبل أن تثبت براءته من (الإرهاب)". عاد الشاب السوداني -الذي لم تذكر الصحيفة اسمه- إلى مهنته القديمة فعمل حمالا في سوق بئر السبع، ملتزما بالحدود التي ألزمته بها الشرطة الإسرائيلية، ولكنه هذه المرة أضاف إلى مشكلته القديمة مشكلة أخرى تتمثل في اختلافه مع حمالين آخرين لم يستطع التعايش معهم، فهرب مرة أخرى إلى تل أبيب التي يحظر عليه دخولها والعمل بها من قبل السلطات. في تل أبيب أجبرته الظروف من جديد أن يعيش بائعا للآيس كريم، يتجول بين هذا الشارع وذاك، تحدوه الرغبة في مقابلة زبائن يكسب منهم ما يسد به رمقه، ويسوقه الخوف من الاعتقال والضبط من قبل الشرطة لمخالفته نظم الهجرة هناك. وبعد شهرين من التطواف والتخفي حدث ما كان متوقعا: ألقي القبض عليه بالتهمة المعروفة له مسبقا وطالبت شرطة الهجرة بطرده بسبب مخالفته أحكام القانون، قبل أن يصل نبأ اعتقاله لإحدى الجمعيات المدافعة عن المهاجرين فتحاول إبقاءه في إسرائيل متذرعة بالأحوال في السودان ومطالبة ببقائه إلى حين انفراج الأزمة هناك. لم تكد الشرطة الإسرائيلية تصدق كل هذا التناقضات: سوداني، أبوه وزير سابق وأمه مسؤولة كبيرة في الحكومة السودانية حتى اليوم، وخريج كلية الحقوق، مقيم في إسرائيل بشكل غير قانوني، ويبيع الآيس كريم في شوارع تل أبيب، حتى جاءت شهادة العديد من السودانيين اللاجئين في إسرائيل مؤكدة صحة الدعاوى الغريبة التي أحاطت بقصة هذا الشاب. ويبدو أن تلك الشهادات أقنعت مسؤول جمعية رعاية اللاجئين السودانيين في إسرائيل، شالوم يهوشواع، الذي قال إن "الشاب يبدو صادقا ولا يوجد سبب يجعله يخترع هذه القصة". العربية نت