لقد جاء اختيار المنظمة الأسلاميه للتربية والثقافة والعلوم " ايسسكو" مدينه تريم بمحافظة حضرموت عاصمة للثقافة الأسلاميه 2010 م لما تزخر به هذه المدينة بالتراث الإسلامي وتقدير لدورها الدعوي في نشر الإسلام في آسيا وإفريقيا . في البدء لا بد أن نسلم أن اليمنيين الحضارم كان لهم الدور البارز في انتشار الإسلام وثقافته في قارة العالم القديم والجديد ،فقد أسهموا في نقل الإسلام إلى شرقاً وغرباً في ربوع المعمورة وجعلوا من استقرارهم هناك كفاحاً من أجل أنفسهم وعقيد تهم تمثل بالاندماج والانصهار في تلك البلدان سياسياً واجتماعيا واقتصاديا وثقافياً. لكن هذا التفاعل المحافظ على كل عاداتهم وقيمهم جعل الكثير من أبناء هذه الأسر تولوا المناصب قيادية هامة . إن لكل تلك الإنجازات المستمرة إلى يومنا هذا للمهاجر اليمني، حتى وان كان يحمل جنسية بلد الإقامة . تضل سمات الشخصية اليمنية المشبعة بالوجدانية والاجتماعية ،هي الدفة الموجهة لمشاعره ، وأحاسيسه ، وانتمائه . والمجتمع الحضرمي يضرب أروع الأمثال الناجحة بما حققوه من نجاحات وانجازات على صعيد المستوى العملي وفي التعاون والتكافل في السر والضر فيما بينهم . وما يقوم به كبار رجال الأعمال الحضارم وعلى وجه الخصوص في المملكة العربية والسعودية الشقيقة و دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام . وأخص بالذكر هنا أكثرهم كرماً وجودً . كلاً من الشيخ / عبد الله سعيد بقشان و والشيخ / محمد عبود العمودي و الشيخ / خالد بن محفوظ . من خلال تقديم المساعدات الخيرية و الإسهام بالدفع بعجلة التنمية وللتخفيف من آثار الفقر , ودعم إعادة تأهيل البني التحتية لتكون حضرموت من البيئات الجاذبة للاستثمار بمختلف قطاعاته . وما احتفالات ومهرجانات تريم كعاصمة للثقافية ألإسلامية لعام 2010 م واستعداد الجميع بالمشاركة والدعم لدليل واضح على حب الوطن والانتماء اللذان يعكسان عمق الأصالة والقيم الروحية والوجدانية . فتريم لعبت دوراً هاماً وبارزاً في الثقافة الإسلامية بوجهيه الأدبي والروحي . وما تلك الأسماء المشهورة الواردة في المكتبة الإسلامية والعربية هي كثيرة وكبيرة بحجم الإنتاج الأدبي والمضمون الفكري. لقد كان اليمنيون ولا زالوا حتى يومنا هذا قوة مؤثرة على محيطهم أينما تواجدوا . إن هذا التأثير الأدبي والفني والغنائي جعل من الأغنية اليمنية سفير لكل وطننا الواسع العربي والإسلامي . وبرنامج تريم العاصمة الثقافة الإسلامية 2010 م سيكون حافلاً بالمفاجآت من حيث المحتوى والمضمون بالنسبة لنا اليمنيين وللمهتمين بالثقافة والعراقة اليمنية قديماً وحديثاً وحتى لا نحرق هذه المفاجأة لن نسهب في تفاصيل محتوى البرنامج الذي سوف يكرس لخمسة محاور تقريبا منها للتعريف بأهمية تريم ودورها الإسلامي والحضاري قديماً وحاضراً ومستقبلاً , إن تنوع مفردات هذه الظاهرة الثقافية في برنامجها الموسيقي والغنائي والسياحي والأدبي بشتى صنوفه . وسيتم إقامة أسابيع ثقافية لعدد من الدول العربية والإسلامية منها ماليزيا – واندونيسيا – تركيا – سوريا – كينيا – تنزانيا . ومما سيثري هذا البرنامج تلك الندوات الهادفة، التي ستتناول تريم جغرافياً , تاريخياً , قديماً وحديثاً من خلال الدراسات معمقة واطروحات علمية ، و ترجمة للنقوش الأثرية القديمة , و وتقييم نقدي للكتابات التي أشبعت المكتبة العربية الإسلامية . ومما لا شك فيه إن المدن الأثرية السياحية ، كشبام المدينة التاريخية ، العالمية التي دخلت ضمن اهتمام الأممالمتحدة، لما تحتله هذه المدينة من طراز معماري نادر و بديع . جعل من المهتمين والمتخصصين ، وضعها تحت المجهر لمعرفة عمق هذه الثقافة المعمارية التي سبقت كل العصور، وخصوصاً في بناء ناطحات السحاب من جهة ومن جهة أخرى لا أنه لا تزال هذه العمارات الشامخة و صامدة ومأهولة بساكنيها ، حتى يومنا هذا . وأخيراً أقول أن المهرجان الاحتفالي بمدينة تريم كعاصمة للثقافية الإسلامية للعام 2010 م في هذا التوقيت بالذات يعكس حقائق كبيرة ، وجمالية ، للتدليل على قوة وعمق الإنسان اليمني لحبه لأرضه وانفتاح شخصيته اليمنية ، على مفردات الحداثة والمعاصرة والعولمة , كما إن هذه المفردات هي السمات الرئيسية لقدرات اليمنيين على بلورة الصورة النمطية لدى الآخرين، و بأن اليمن ساهمت في بناء الحضارات قديماً، وهي قادرة على المواكبة والتصدي للمتغيرات والتحديات العالمية الراهنة . كاتب وباحث [email protected]