اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    المبادرة المُطَالِبة بالكشف عن قحطان تثمن استجابة الشرعية وتحذر من الانسياق وراء رغبات الحوثي    الحوثيون يواصلون افتعال أزمة الغاز بمحافظتي إب والضالع تمهيد لرفع الأسعار إلى 9 آلاف ريال    طعن مواطن حتى الموت على أيدي مدمن مخدرات جنوب غربي اليمن.. وأسرة الجاني تتخذ إجراء عاجل بشأنه    قائد الحراك التهامي السلمي يعقد لقاء مع المعهد الديمقراطي الأمريكي لبحث آفاق السلام    الحوثيون يواصلون حملة اعتقال الطلاب الفارين من المراكز الصيفية في ذمار    المشهد العسكري... وحدة القيادة والعقيدة واستقلال التمويل!    الدولة العميقة ومن يدعمها هدفهم إضعاف الإنتقالي والمكاسب الجنوبية    اعضاء مجلس السابع من ابريل لا خوف عليهم ويعيشون في مأمن من تقلبات الدهر    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    تحميل لملس والوليدي إنهيار خدمة كهرباء عدن مغالطة مفضوحة    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    بيان عاجل لإدارة أمن عدن بشأن الاحتجاجات الغاضبة والمدرعات تطارد المحتجين (فيديو)    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    استعدادات حوثية للاستيلاء على 4 مليار دولار من ودائع المواطنين في البنوك بصنعاء    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    "نكل بالحوثيين وادخل الرعب في قلوبهم"..الوية العمالقة تشيد ببطل يمني قتل 20 حوثيا لوحده    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    متهم بقتل زوجته لتقديمها قربانا للجن يكشف مفاجأة أمام المحكمة حول سبب اعترافه (صورة)    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    سيف العدالة يرتفع: قصاص القاتل يزلزل حضرموت    ما معنى الانفصال:    إشاعات تُلاحق عدن.. لملس يُؤكد: "سنُواصل العمل رغم كل التحديات"    برشلونة يتخطى سوسيداد ويخطف وصافة الليغا    اليمن تجدد رفضها لسياسة الانحياز والتستر على مخططات الاحتلال الإسرائيلي    مقتل عنصر حوثي بمواجهات مع مواطنين في إب    البوم    انخفاض أسعار الذهب إلى 2354.77 دولار للأوقية    شهداء وجرحى جراء قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على شمالي قطاع غزة    السفيرة الفرنسية: علينا التعامل مع الملف اليمني بتواضع وحذر لأن الوضع معقد للغاية مميز    السعودية: هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    الاكاديمية العربية للعلوم الادارية تكرم «كاك بنك» كونه احد الرعاة الرئيسين للملتقى الاول للموارد البشرية والتدريب    صراع الكبار النووي المميت من أوكرانيا لباب المندب (1-3)    دموع ''صنعاء القديمة''    من أراد الخلافة يقيمها في بلده: ألمانيا تهدد بسحب الجنسية من إخوان المسلمين    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    تشافي: أخطأت في هذا الأمر.. ومصيرنا بأيدينا    ميلان يكمل عقد رباعي السوبر الإيطالي    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    رسميًا: تأكد غياب بطل السباحة التونسي أيوب الحفناوي عن أولمبياد باريس 2024 بسبب الإصابة.    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    بسمة ربانية تغادرنا    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" الناشر " ينشر كلمات القادة الجنوبيين المشاركين في دبي


كلمة الرئيس علي سالم البيض أضغط هنا
علي ناصر: التعاطي السلبي مع أي طرف في مرحلة بهذه الحساسية ينقلنا من الخطأ إلى الخطيئة
السادة قيادات وكوادر الحراك الجنوبي السلمي وأطياف العمل السياسي
سعادة السفير جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أتقدم بأحر التحيات إلى أبناء شعبنا في الداخل والخارج، وأحيي لقاءنا هذا الذي يجمعنا اليوم سوياً مع سعادة السفير جمال بن عمر، وكنا نأمل أن يشاركنا الأخ علي سالم البيض وكل الفرقاء الجنوبيين للتشاور في ما يخص قضية شعبنا الجنوبي حاضره ومستقبله، وتلبية لنداء الجماهير التي خرجت في ذكرى التصالح والتسامح في 13 يناير المنصرم، لنخرج بالتوافق على رؤية موحدة خلاصتها الأولى والأخيرة هي تحقيق الخير لشعبنا ووطننا وتحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة لكي تنعم بالأمن والسلام ولوطننا التقدم والارتقاء أسوة بباقي دول العالم، ونأمل ألا يجمعنا فقط جمال بن عمر، وجمال العواصم والمدن التي نلتقي بها، بقدر ما يجمعنا الشعور المشترك بقضيتنا وبما تحمل من مأساة تتطلب صحوة الضمير والعمل بمصداقية لإنقاذ بلادنا.
وفي إطار التوصيف المختزل لهذه المأساة، لا يمكن لأحد أن يفسر المشكلة اليمنية شمالا وجنوباً سواء قبل العام 90 أم بعده، دون أن يذكر الوحدة بوصفها العنوان الأبرز والأهم والحاكم لكل تعقيدات الأزمة المقيمة في اليمن، وغني عن القول بأن الوحدة كانت هدفا استراتيجياً لنا في الجنوب، وارتبطت بها بشكل وثيق مختلف الصراعات التي كانت قائمة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والحال هذه بالنسبة لبعض الأحداث في الشمال، بل إنها في الجنوب كانت المحور الأساس الذي تشكلت على أساسه الصراعات السياسية التي لم تكن على السلطة، بقدر ما كانت على الوحدة مع الشطر الشمالي، وكيفية تحقيق ذلك الحلم الجميل الذي تغنى به الجنوب قيادة وشعباً، وبات اليوم ينظر إليه على أنه كابوس مفزع. ولئن كان أمراً مؤسفاً، إلا أن له ما يفسره موضوعياً، بدءاً من الطريقة التي اتبعتها قيادتا الشطرين في إعلان الوحدة العام 90، بصورة اندماجية وغير مدروسة، ومرورا بأزمة 93 السياسية ذات الطابع "التقاسمي"، ووصولا إلى حرب 94 الظالمة وتبعاتها وآثارها المدمرة للأرض والإنسان في الجنوب من خلال الرؤية الخاطئة لدى بعض قوى الشمال، والتي تتحرك وفق فكرة عودة الفرع إلى الأصل والاستيلاء على الثروة، الأمر الذي تراكم سلبياً على مستوى الممارسات الممنهجة والهمجية ضد شعب بأكمله، وأسست هذه الحالة المراهنة على الباطل على انبلاج صوت الحق المتمثل بانطلاقة الحراك الجنوبي السلمي كأول ثورة سلمية سبقت ثورات الربيع العربي، بل تجاوزتها بخصوصياتها الذاتية والموضوعية، فوق أنها انبنت على أرضية التصالح التسامح التي يحاول البعض النيل منها حتى اللحظة كتجربة حضارية رائدة، ولكن دون جدوى، فقد وعى شعبنا دروس الماضي، واستلهم منها الدروس التي تبعث على تجاوز الأحقاد والنظر إلى المستقبل الأفضل من خلال عودة الحقوق وتصحيح المسار، حتى ارتفعت المطالب بسبب عدم الالتفات إلى المطالب المشروعة والإمعان في الظلم، لتصل إلى تقرير المصير. وعندما ساهمنا مع مختلف الأطراف الداعية والراعية للحوار الوطني المرتقب في 18 مارس، في مختلف اللقاءات، إنما كنا نستهدف التأكيد على ضرورة إشراك الجميع بمختلف خياراتهم المطروحة.
إن الاحتقان السياسي الذي اتخذ عنوان الأزمة العامة في اليمن، كان نتيجة طبيعية لسياسات حكم فاشلة تعتمد الحروب العبثية، كما حصل في صعدة خلال 6 حروب، وتعتمد أيضاً إنهاك البلاد اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وصلت إلى حد الاستنزاف للمال العام وللبنى التحتية، وحتى البنية النفسية للمجتمع، من خلال إرساء أزمة أخلاقية مزمنة وتعميم ثقافة الكراهية، والتي شكلت مجتمعة بيئة خصبة للصراع بين مراكز نفوذ وأحزاب سياسية ومصالح اقتصادية متضاربة وعلاقات اجتماعية شائكة، فكانت الأزمة المتفاقمة نواة لاندلاع ثورة الشباب في 11 فبراير 2011، لتشكل البعد الجديد المتمم للثورة التحررية في الجنوب، والمشكلة الصعداوية، وتنامي ظاهرة الإرهاب والانهيارات الأخرى على مختلف الأصعدة، وبذلك فقد النظام شرعيته بالكامل، فتحركت عجلة التغيير الذي بشرنا به في وقت مبكر عندما أطلقنا شعار "التغيير أو التشطير"، وتلقفه الشباب الذين لا يزالون ينتظرون ثماراً حقيقية لثورتهم، مثلما ينتظر الجنوب حلاً عادلاً لقضيته بعد تضحيات جسام وشهداء وجرحى ومعاقين ومخفيين. ولا تزال الحالة القمعية مستمرة من خلال أحداث متنقلة وممارسات سلطوية تزيد الطين بلة. كما أن تعثر هذا التغيير وعدم اكتماله، وما رافق ويرافق هذه العملية من إخفاقات مشهودة، تجعلنا نخشى أن يتخلق بسببها شعار جديد هو "الحوار أو الحرب"، ونريد في كل جهد قمنا ونقوم به أن نضع حداً لهذا التدافع الكارثي من أجل المصلحة العليا للوطن، وحفظ حقوق المواطنين، وإعادة توجيه الحياة العامة بطريقة تضمن العدالة والسلام لشعبنا، ولا تصطدم مع المصالح الإقليمية والدولية التي ينبغي أن تكون ضامنة للجميع، وليست ضامنة لطرف على حساب طرف آخر، فلم يعد للإقصاء بكل أشكاله أي أفق، ولن يؤدي ذلك إلا لمزيد من تكثيف الأزمات التي قد تنتقل إلى حرب لا يمكن لجمها والتحكم بمساراتها، وستأتي على الأخضر واليابس، ولن يسلم منها أحد، وستؤثر بطبيعة الحال على ما بعد حدود بلادنا، وعلى المصالح في المنطقة.
ومن هنا يكتسب هذا اللقاء كامتداد للقاءات سابقة، أهمية بالغة، وعلينا أن ندرك أن توقف جهود إشراك الجميع في الحوار الوطني لن يكون في مصلحة هذا الحوار الذي لطالما أكدنا أنه الوسيلة المثلى لحل المشاكل وفك عقد الأزمات فيما لو اتخذ مساراته الحقيقية، وتوفرت شروطه وآلياته بحسب موضوعاته، وتساوت أطرافه، وعُزِلت عنه مصادر ومراكز القوة والنفوذ، وكان جاداً وعادلاً ومنصفاً لا يستقوي فيه طرف على طرف، بل يمضي في جو من الندية والإيمان بحق الآخر في التعبير عن قضيته بالطريقة التي يراها مناسبة حتى التوصل إلى قواسم مشتركة، والمرحلة بحاجة ماسة اليوم لأن يجري تغليب المصلحة العليا وصولاً إلى بر الأمان، وفي هذا الإطار علينا أن نتفهم ثقافة الاختلاف، وأن نشعر بنبض الشارع لا أن نستوحيها من رؤية بعض النخب، لاسيما وأن التعدد والتمزق بات يشمل كافة القوى، ويدفع إلى ضياع البوصلة والذهاب نحو المجهول، وهنا ينبغي التركيز على نبذ العنف وعدم الانجرار إليه، فالعنف لا يولد إلا العنف، ونخشى توسع مظاهره التي طفت على سطح الأحداث مؤخراً في مناطق جنوبية، وخاصة في عدن، وهي جريمة كبرى ترتكب بحق شعبنا في الجنوب.
إننا من خلال هذا اللقاء نأمل أن نفتح ثغرة للنور في جدار أزمة الثقة المستعصية بين مختلف الفرقاء، ولن يتأتى ذلك إلا بإبداء حسن النوايا بالأفعال وليس الأقوال، وبالضمانات وليس العقوبات، فالأقوال سئمها شعبنا، والعقوبات واقعة عليه منذ زمن طويل، وشعبنا وحده من دفع أثماناً باهظة لأخطاء لا ناقة له فيها ولا جمل.
كما أن الالتزام بالعهود يعتبر مؤشراً من مؤشرات تقليص أزمة الثقة، ومن هنا شددنا في مناسبات عديدة على ضرورة التهيئة للحوار وتوفير المناخ المناسب لإجرائه بالنظر لآراء مختلف الفرقاء، ومن بينها الرؤية التي تقدمنا بها للجنة الاتصال، إضافة إلى الرؤى التي تقدمت بها أطراف أخرى، وكذلك شددنا على أهمية أن نرى النقاط ال20 التي أقرتها اللجنة الفنية للحوار، واقعاً ملموساً.. كما كان لزاماً البدء بخطوات إجرائية عملية فورية كمرحلة أولى لإزالة آثار حرب عام 1994 على الجنوب، وهذا الأمر وغيره من القضايا سبق أن تقدمنا برؤية تفصيلية حيالها، ونطرحها في وثيقة مرفقة في هذا اللقاء، على مبدأ: فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين..
وباعتبار أن هذا اللقاء مكرس على الحالة الجنوبية كقضية عادلة وكحراك سلمي وكخيارات سياسية وكمكونات وقيادات متعددة، فإنه يتعين أن تستوعب مكانة القضية الجنوبية وقدسيتها كما هي في قلوب أبناء الجنوب، وعلى هذا الأساس يتفهم الجميع محليين ودوليين، أن سياسة فرض الأمر الواقع بأي قوة كانت، غير ذي جدوى، كما أن التعاطي السلبي من أي طرف أياً كان موقعه في مرحلة بهذه الحساسية، ينقلنا من الخطأ إلى الخطيئة، وفي الوقت الذي نقدر فيه جهود الدول الراعية للتسوية السياسية والحوار الوطني، نأمل أن تسهم في التوصل إلى ضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار، وإن كان أمراً لاحقاً لقضايا التهيئة للحوار من أساسه.
إن حل القضية الجنوبية لم يعد حاجة وطنية، بل ضرورة إقليمية دولية، وعليه يجب أن تدرك كافة الأطراف أن هذا الحل لن يرى النور دون استشعار أهمية الحوار الجنوبي الجنوبي، ومن ثم الحوار مع الأطراف المعنية، وأن تتم هاتان العمليتان على أساسين، هما: أن الجنوب ليس حزباً بل شعب ووطن، وأن تقرير مصير الجنوب لن يمر إلا بالجنوبيين المؤمنين بعدالة قضيتهم، وبتعاون الأشقاء والأصدقاء... كما لا يجب على أحد أن ينسى أننا نعيش جميعاً في محيط واحد تؤثر كل طقوسه على كل قاطنيه.
وختاماً.. أتمنى لهذا اللقاء النجاح والتوفيق، وأن يكون بمستوى التحديات الراهنة والمستقبلية، وأن يكون مقدمة للقاء موسع يشارك فيه جميع الفرقاء الجنوبيين دون استثناء، يخرج برؤية ومرجعية سياسية توافقية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
علي ناصر محمد
رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الأسبق
الجفري: نؤكد على أهمية صدور مبادرة خاصة لحل القضية الجنوبية تنطلق من مطالب شعب الجنوب في التحرير والاستقلال
سعادة السيد جمال بن عمر
مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوثه الخاص إلى اليمن الموقر
تحية وتقدير..
نبدأ مذكرتنا بقول الله، عز وجل: "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً"، صدق الله العظيم.. ومن هنا، فإن ما جرى –ويجري– من قتلٍ للعزّل وقمعٍ واعتقالاتٍ لشعبنا في الجنوب، وصل حد انتهاك حرمات البيوت وقتل أهلها بدم بارد أمام أسرهم وأطفالهم، كله أمرٌ مدانٌ بأوضح العبارات وأشدّها طبقاً لكل الشرائع السماوية والمواثيق والقوانين المحلية والدولية.. وما زال عددٌ من أهلنا وشبابنا يقبعون في الزنازين والمعتقلات ظلماً وعدواناً، بناءً على وهمٍ لدى تلك السلطات أن هذا سيخضع شعبنا لآلة القتل والقمع؛ في حين أن هذا يزيد شعبنا إصراراً على النضال الشعبي السلمي حتى تتحقق كامل أهدافه.
كما أنه يؤسفنا أن نشير في هذا الصدد إلى ذلك الصمت غير المفهوم من قِبَل المجتمع الدولي تجاه ما يتعرض له شعبنا في الجنوب من اعتقالات وقتل، وآخرها ما حدث في 19 و20 و21 فبراير الماضي، وما يحدث حتى يومنا هذا من قتل وتنكيل واعتقالات دون أي مصوغ قانوني أو أخلاقي.
ومن جهة أخرى، نشيد بالجهد الصادق والمخلص الذي تبذلونه، ويبذله أشقاؤنا في دول الخليج وأصدقاؤنا الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي، من أجل حقن الدماء بين القوى المتصارعة في صنعاء.
وكما تعلمون سعادتكم أن ما تم بشأن الوحدة لم يكن سوى مجرد إعلان لها في 22 مايو 1990، وتم من الناحية القانونية رسمياً إذابة الشخصيتين الاعتباريتين للدولتين في شخصية اعتبارية جديدة.. ولكن بقي كل شيء كما كان: القوانين، ومؤسسات الجيش والأمن والقضاء والإدارة، بل حتى انتخابات 1993 كانت مقسمة.
ومن المعلوم أيضاً، أنه لم يُستفتَ الشعب في الجنوب على الوحدة قبل إعلانها، وتم الاستفتاء على الدستور بعد الوحدة.
وبعد تلك الانتخابات، ظهرت الخلافات.. واتفق الجميع على ضرورة صياغة وثيقة للعهد والاتفاق، إلا أنه قد تم مسخها واستخدامها في الصراع الذي ترتبت عليه حرب صيف 1994، التي بدأت بعد خطاب الرئيس آنذاك في 27 أبريل 1994، بميدان السبعين في صنعاء، والذي كان بمثابة إعلان حرب.. فحدث على إثره الصدام المسلح في "عمران" شمال صنعاء الذي قام به "اللواء الأول مدرع –شمالي" ضد "اللواء الثالث مدرع –جنوبي" أثناء وجود الوسطاء، ومنهم الملحق العسكري الفرنسي، الذين كان وجودهم لنزع فتيل التوتر.. ولكن لم ينجح الوسطاء في مسعاهم؛ فكان أن تم تدمير "اللواء الثالث مدرع –جنوبي"، وأُسِرَ ضباطه وجنوده.. ونكرر مصطلح (أَسْر) الذي أطلقه النظام في صنعاء.. و(الأَسْر) لا يتم إطلاقه إلا بين المتحاربين من دول مختلفة، وليس في إطار الدولة الواحدة.
في 4 مايو 1994، تم ضرب "لواء باصهيب الجنوبي" في "ذمار" الشمالية.. وفي نفس الوقت تحركت قوات شمالية في عدن (شرطة عسكرية وأمن مركزي وحرس جمهوري) ببدء القتال في محاولة لاحتلال مطار عدن، ففشلت؛ وقامت الحرب الشاملة، التي شنّها نظام صنعاء، على كامل التراب الجنوبي، وبكل أنواع الأسلحة الثقيلة، وشمل ذلك الطيران والصواريخ والمدفعية... إلخ، وانتهكت فيها كل الشرائع الدولية وحقوق الإنسان، وحتى الماء تم قطعه عن محافظة عدن.. وكل ذلك يخالف ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي العام.. فأصدر مجلس الأمن قراريه 924 و931 تحت عنوان "الحالة اليمنية"، ونصّا على وقف إطلاق النار وعدم جواز حل الخلافات السياسية بالقوة طالباً استئناف الحوار بين أطراف النزاع.. ولم يلتزم نظام صنعاء بهما ولا بتعهداته للمجتمع الدولي يوم 7/7/1994.. وبالتالي تم إعاقة تنفيذ إعلان الوحدة بالطرق السلمية.
وعند ذلك تم فرض السيطرة على الجنوب بالقوة، مما حوّل الأمر إلى احتلال بكل معانيه.. فأثناء وبعد الحرب، تم، وبصورة منظمة، تدمير البنية الاقتصادية والاجتماعية، ومنعت سلطات الاحتلال، بأساليب شتى، أي تطور في تلك المجالات، وهذا يخالف ليس القانون الدولي العام فقط، بل والقانون الدولي الإنساني.. وتحول الأمر بالفعل إلى استعمار باعتراف علني "متلفز" من أهم رموز النظام السابق والحالي، والذي أعلن أن الحالة في الجنوب هي استعمار.. ونحن نطالب بوضع نهاية لما يعانيه شعبنا في الجنوب، ويحتوي ميثاق الأمم المتحدة على أحكام عدة تتعلق بحق الشعوب في الاختيار لمستقبلها وتقرير مصيرها، هذا الحق الجوهري والهام من حقوق الإنسان.. ومن تلك الأحكام:
الفقرة 2 من المادة 1، والتي تنص على أن "إنماء العلاقة الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ القاضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكل منها حق تقرير مصيرها".
إن احتلال الجنوب يعد إنكاراً لحق من حقوق الإنسان (حق كل الشعوب في تقرير مصيرها).. ومن هذا المنطلق، فإننا نرى ضرورة وضع نهاية سريعة وغير مشروطة للاحتلال.
ومن هذا المنظور يجب النظر إلى المطالبات الشعبية السلمية في الجنوب التي تُوّجت في 7/7/2007، بإعلان "الحراك السلمي الجنوبي" المنادي بتحرير واستقلال الجنوب وبناء دولة جنوبية حديثة على كامل أرض الجنوب؛ فهو حق تقرّه كل المواثيق والقوانين الدولية.
تجاهل النظام في صنعاء كل ما مثله الحراك الشعبي السلمي الجنوبي من مطالب مشروعة، وواجه النظام هذه الحركة السلمية بالقتل والقمع والاعتقال والمطاردة.. وساعده في استمراره في البطش، التجاهل الكامل من المجتمع الدولي؛ ورغم هذا فإن الحراك السلمي الجنوبي وثورته الشعبية السلمية ظل بعيداً عن التطرف والعنف، وسيظل كذلك؛ فسلمية حراك شعبنا أمر استراتيجي، ولا يحيد عنه رغم محاولات الدس التي يحاولها أطراف في النظام في صنعاء وخلق الفتن وتوزيع السلاح في الجنوب واكتشاف شحنات الأسلحة في ميناء عدن، والتي تختفي مع من يقف وراءها.. ثم ظهرت ثورة التغيير السلمي من القوى الشعبية والشبابية في الشمال؛ وتطورت تداعياتها إلى ظهور صراع بين مراكز القوى في صنعاء حول الثروة والسلطة والنفوذ.. وبدأ صراع مسلح أودى بحياة العشرات؛ فأسرعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى محاولات لمنع المزيد من إراقة الدماء، فصاغت المبادرة الخليجية التي نجحت في منع تفاقم الوضع بين القوى المتنفذة في الشمال.. ونقدّر، بصدق، هذا الجهد الخليجي.. وتُوّجَ بالتوقيع على اتفاق، بين أطراف الصراع في الشمال، في الرياض.. والذي على ضوئه ظهرت حكومة "الوفاق".
إن الواضح وضوح الشمس أن هذا الصراع في صنعاء على السلطة والثروة والنفوذ قد انحصر في أطراف لا يوجد بينها أي طرف أو شخصية جنوبية، مما يعني أن لا وجود فعلي للجنوب أو لأي طرف جنوبي في هذه الدولة وسلطاتها وثرواتها ونفوذها، ويؤكد ما قاله اللواء علي محسن من أن الجنوب تحت الاستعمار.
وبالتالي، فإنه من الطبيعي أن تأتي المبادرة الخليجية والجهد الدولي المتعلق بها خاليين من أي معالجات للقضية الجنوبية، وإن ظهرت في سطر واحد في الآلية التنفيذية التي تلت التوقيع على تلك المبادرة.. وهذه المبادرة قد نجحت حتى الآن في منع تفاقم الأوضاع في صنعاء.
إن القضية الجنوبية والأوضاع في الجنوب تستدعي مبادرة خاصة لحل القضية الجنوبية عبر آليات وإشراف إقليمي ودولي لاتخاذ الإجراءات الضرورية التي تحقق خيارات وتطلعات شعب الجنوب نحو الحرية والاستقلال وإقامة دولته الجنوبية الفدرالية المستقلة.
كما أن شعب الجنوب اليوم في حاجة ماسة إلى موقف إقليمي ودولي يمنع استمرار قمعه وقتله واستنزاف ونهب ثرواته.
ونؤكد أن حل القضية الجنوبية بما يحقق خيارات شعب الجنوب هو المدخل للأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة، مما يؤمن مصالح شعبنا ويضمن تأمين وتحقيق مصالح الآخرين المشروعة.. وعليه، نكرر تأكيدنا على أهمية صدور مبادرة خاصة لحل القضية الجنوبية تنطلق في أسسها من حيثيات عدالتها ومطالب شعب الجنوب في التحرير والاستقلال وبناء دولته الحديثة الفيدرالية، ومن المبادئ السامية التي قامت عليها الأمم المتحدة، وهي تلك المبادئ المنتصرة لحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير المصير.
كما نرى أن هذا سيساهم في إزالة جدار الكراهية مع الأشقاء في ما كان يسمى "الجمهورية العربية اليمنية" الذي سببته ممارسات سلطات الاحتلال والنهب والفيد والقمع.. وسيعيد أواصر المودة بين الشعبين بما ينمّي علاقات متميزة وتبادل المصالح خاصة لو تمتع إخواننا، شمالاً، بنظام فيدرالي في دولتهم يحقق التوازن بين مناطقهم المختلفة، ويزيل المظالم.. كما أننا نرى أن نتجه نحن، دول شبه الجزيرة العربية، إلى تطوير علاقاتنا البينية من خلال اتفاقية تعاهدية "كونفدرالية" بين دولنا، فيتحقق لنا، جميعاً، ترسيخ للأمن والاستقرار، وبناء للتنمية المستدامة، تأخذ بعين الاعتبار تمكين المرأة والشباب، وتطوير لآليات التعاون، وتأمين لتبادل المصالح البينية ومع العالم.
لقد كان لقاء عدد من الشخصيات الجنوبية، يعكس غالبية اتجاهات الطيف الجنوبي، بمعالي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي والأمين العام المساعد للشؤون السياسية، في الرياض بتاريخ 18/12/2012، حدثاً إيجابياً، حيث أجمعنا على مذكرة تم تقديمها، ونالت ترحيباً من القوى الجنوبية، أكدت على هدف شعب الجنوب في التحرير والاستقلال وإقامة دولته الجنوبية التي يقوم نظامها على أساس دولة فدرالية تراعى فيه خصوصيات كل المحافظات الجنوبية ال6 وفقاً للمعايير الدولية.. كما طالبت بمبادرة خاصة لحل القضية الجنوبية وفق خيار شعب الجنوب.. وطالبت المذكرة أيضاً برعاية خليجية لتوحيد القوى الجنوبية، حيث لاقى هذا الطلب استحساناً.
في الختام، نود أن نعبّر عن شكرنا وتقديرنا لهذه الدعوة الكريمة للقاء، وعلى أهمية الجهود التي نرجو ونأمل أن يبذلها مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمم المتحدة وأصدقاء بلادنا في هذه الظروف الصعبة والعصيبة، من أجل حل القضية الجنوبية وفق خيارات شعب الجنوب.
نسأل الله الرحمة لشهدائنا الذين أُزهقت أرواحهم وهم يناضلون نضالاً سلمياً ويواجهون آلة القتل والدمار بصدور عارية فداءً للقضية الجنوبية العادلة.. ونسأل الله، العلي القدير، الشفاء الكامل للجرحى، وفك أسر المعتقلين.
وبالله التوفيق.
محسن محمد بن أبو بكر بن فريد - الأمين العام
عبدالرحمن علي بن محمد الجفري - الرئيس
بن عمر: الحراك الذي بدأ كقضية حقوقية أصبح أكثر راديكالية بعد سنوات من الوعود لفارغة
يقف اليمن اليوم على مفترق طرق خطير في العملية الانتقالية، إذ لا يزال أمامه خلال أقل من سنة، مراحل دقيقة تتمثل في مؤتمر الحوار الوطني المقبل، وصوغ دستور جديد، وإجراء إصلاح انتخابي. فاليمن أنجز بداية العملية الانتقالية فقط، ولا يزال أمامه الكثير من المهام.
يتزامن ذلك مع ازدياد الأزمة الإنسانية استفحالاً وسط نقص حاد في التمويل، واقتصاد هش لم يشعر اليمنيون في ظله بتأثير ملموس على حياتهم اليومية بعد، واستمرار نزاعات عدة في أنحاء البلاد، بما فيها الوجود الخطير لتنظيم القاعدة ومجموعات مسلحة أخرى. ولا تزال الإصلاحات المعلنة لإعادة هيكلة القوات المسلحة وتوحيدها رهن التطبيق. وتنتشر الأسلحة في البلاد، مع حدود مفتوحة لشحنات الأسلحة الجديدة وغير الشرعية. وقد أقر مجلس الأمن في القرار 2051 وبيانه الرئاسي الأخير بهذه التحديات، بما فيها عرقلة العملية الانتقالية.
تعكس الاضطرابات الأخيرة في الجنوب تداعيات المظالم المزمنة. فالحراك الذي بدأ كحركة حقوقية، أصبح أكثر راديكالية بعد سنوات من الوعود الفارغة. يجب معالجة هواجس الجنوبيين بطريقة شاملة تحفظ كرامتهم. وأثني على الرئيس هادي لقيادته ومبادرته زيارة الجنوب الأسبوع الماضي. ومن المهم استمرار التواصل مع قادة الحراك الجنوبي لضمان نبذهم العنف وموافقتهم على الحوار كطريق وحيد لحل القضية الجنوبية.
ثمة قضايا أخرى تتطلب الاهتمام. إذ يجب المضي في خطوات وضع سجل جديد للناخبين لكي تجرى الانتخابات في 2014. ولن يساعدنا السعي إلى خيارات ذات تقنيات عالية في تحقيق ذلك.
لا تزال مسألة العدالة الانتقالية من دون معالجة: فالقانون لا يزال معلقاً في البرلمان من دون توافق على كيفية معالجة إرث الماضي، ولا يزال على الحكومة الوفاء بوعد تشكيل لجنة تقصٍّ في أحداث عام 2011. عبر هذه الخطوات فقط يمكن لليمن فتح صفحة جديدة، وضمان السير نحو المصالحة الوطنية.
الخبر السار هو أن مؤتمر الحوار الوطني يصنع سياسة جديدة في اليمن. وقد عمل فريقنا على مدار الساعة مع اليمنيين للتحضير للمؤتمر. وشهدنا أكثر لجنة شاملة في تاريخ اليمن السياسي، تعمل معاً، حيث جلس شباب ونساء جنباً إلى جنب مع قادة أحزاب سياسية والحوثيين وممثلين من الجنوب، وتوصلوا إلى رؤية مشتركة حول هيكلة المؤتمر وتنظيمه. والخطة التي وضعوها هي أفضل ما شاهدته الأمم المتحدة في أي عملية حوار وطني انخرطت فيها.
طورت الأمم المتحدة في اليمن برنامجاً متكاملاً، وأسست صندوق استئمان لجمع الدعم الدولي لهذه الجهود ضمن إطار عمل مشترك. تبلغ قيمة التعهدات حالياً 15.6 مليون دولار. وقد تلقى الصندوق مساهمات من الدنمرك والمملكة المتحدة. وتعهدت هولندا والسويد وقطر واليابان وألمانيا وتركيا المساهمة، ونأمل أن يتبعها قريباً المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي وآخرون. لقد مكّن هذا الدعم المهم الأمانة العامة اليمنية للمؤتمر من تشكيل نفسها وإطلاق عملها المضني استعداداً للحوار.
أريد أن أختم بالإشادة في قيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء محمد باسندوة، وعزمهما على دفع العملية الانتقالية قدماً. لقد بذل أعضاء مجلس الأمن، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، والاتحاد الأوروبي، والسلك الدبلوماسي في صنعاء، وجميع أصدقاء اليمن، جهوداً جبارة لدعم العملية الانتقالية في اليمن. دعونا نضمن استمرار جهودنا المشتركة لدعم اليمن، النموذج المثالي للتغيير السلمي في المنطقة.
جمال بن عمر
مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.