بعد أيام من معارك شرسة خاضتها قوات الجيش اليمني ضد تنظيم القاعدة بمديرية لودر بمحافظة أبينالجنوبية، أعلنت وزارة الداخلية أنها شددت إجراءاتها الأمنية في مختلف أنحاء البلاد تحسباً لوقوع هجمات إرهابية يقوم بها عناصر التنظيم ، وأوفدت أحد أبرز قادتها إلى أبين للإشراف على ملاحقة عناصر القاعدة التي حولت المحافظة إلى منطقة نفوذ لها في الآونة الأخيرة. وأوضحت مصادر أمنية أن قيادة الوزارة طالبت برفع حالة التأهب الأمني ونشر الدوريات في المحافظات والعاصمة صنعاء مع تشديد إجراءات الحماية على المرافق والمنشآت الحيوية في مختلف المحافظات. وشدد بيان للوزارة على ضرورة الاستمرار في ملاحقة المطلوبين أمنياً من العناصر الإرهابية والخارجة على القانون. وتعهدت "الداخلية" ب "محاسبة أي قائد أمني يقصر في أداء واجباته، وخاصة في المحافظات التي تشهد هجمات على رجال الأمن والنقاط والدوريات الأمنية". وكان 9 جنود يمنيين قتلوا امس السبت في هجوم شنه عناصر يشتبه في انتمائهم للقاعدة، على دورية عسكرية بمدينة جعار بمحافظة أبين. وقال مدير مديرية جعار أحمد غالب الرهوي، لموقع "نيوزيمن" الالكتروني، إن ما يقارب من 6- 10 مسلحين يعتقد أنهم من عناصر تنظيم القاعدة هاجموا بالأسلحة الرشاشة وقذائف ال ار بي جي النقطة التي تقع في الطريق المؤدية إلى منطقة باتيس أثناء تناولهم وجبة العشاء. وكان ما يقارب من 15 جنديا يمنيا قتلوا الاسبوع الماضي في اشتباكات وقعت بمدينة لودر بأبين. وتعتبر مدينة جعار هي أكبر مدينة في محافظة أبين ، وتأتي بعدها مدينة زنجبار عاصمة المحافظة . وتقع جعار إلى الشمال من زنجبار ، وتبعد عنها نحو 21 كيلومتراً، ، وتبعد 40 كيلو من محافظة عدن. مخاوف من تدخل واشنطن عسكريا يأتي هذا في الوقت الذي تجددت فيه مخاوف اليمنيين من طبيعة التداعيات المحتملة لرفع الولاياتالمتحدة سقف تدخلها العسكري في الحرب القائمة بين الحكومة اليمنية وتنظيم القاعدة، خاصة عقب الكشف مؤخراً عن خطط أمريكية لتوسيع الأنشطة العسكرية في اليمن من خلال تكثيف العمليات القتالية الموجهة ضد "القاعدة"، كونه يمثل تهديداً أكثر خطورة على الأمن القومي الأمريكي من التنظيم في باكستان. واعتبر الباحث الأكاديمي اليمني المتخصص في علم الاجتماع السياسي أحمد شرف الدين أن ما "تداولته الصحافة الأمريكية، مؤخراً، وبشكل مكثف، من تقارير حول هذا الموضوع، يتمحور في الغالب حول توسيع تدخلها العسكري في الحرب ضد تنظيم القاعدة وليس تدشين مثل هذا التدخل كون الولاياتالمتحدة تشارك عسكرياً وبشكل مباشر في العمليات العسكرية ضد القاعدة، سواء بالاشتراك مع السلطات اليمنية أو بتنفيذ عمليات قتالية بشكل منفرد منذ مطلع عام 2009". وأشار شرف الدين في حديثه لصحيفة "الخليج" الاماراتية، إلى طبيعة التداعيات التي يرى أنها ستواجه اليمن بشكل غير مسبوق في حال وسعت واشنطن من تدخلها العسكري المباشر في الحرب ضد القاعدة بالقول: "سيستعيد تنظيم القاعدة حضوره المعنوي كتنظيم جهادي وليس إرهابياً، بخاصة في أوساط القبائل التي تشهد مناطقها الحرب القائمة ضد القاعدة، والتي بدأت في الأشهر الأخيرة في التزام الحياد في الصراع بين الحكومة اليمنية وعناصر التنظيم". من جهته، يري إبراهيم أحمد الأكوع، الباحث الإسلامي المتخصص في دراسة تاريخ الحركات الأصولية، أن التدخل العسكري الأمريكي المباشر في الحرب ضد القاعدة سيشهد نقلة نوعية خلال الفترة القادمة من مرحلة العمل العسكري السري وغير المعلن إلى مرحلة العمل العسكري المعلن . ويعتقد أن "التدخل العسكري الأمريكي بشكل معلن سيتسبب، في حال حدوثه، بتداعيات خطيرة من قبيل إسقاط الحكومة الحالية وتعزيز وجود القاعدة في البلاد". كما اعتبر الشيخ ناصر أحمد صالح فراس، أحد وجهاء القبائل في مأرب، شرقي البلاد، أن الوجود العسكري الأمريكي في اليمن مرفوض شعبياً، وأن إقدام الولاياتالمتحدة بالتدخل العسكري المباشر وبشكل مكشوف في الحرب ضد القاعدة سيضاعف من قوة هذا التنظيم لاعتبارات أهمها أن هذه القوات لن تواجه فقط القاعدة، لكنها ستواجه قبائل يمنية مسلحة ستقاتل ليس لنصرة تنظيم القاعدة، ولكن دفاعاً عن الأرض والعرض، فنحن لا نقبل وجود الأمريكيين في العراق فما بالك لو وجدوا في اليمن" . في سياق متصل، اكد خبير امريكي في مكافحة الارهاب ان بلاده اكثر قلقا حيال خطر تنظيم القاعدة في اليمن، وتنوي مضاعفة الضغوط على عناصره. وقال "لا يشعرون انهم محاصرون، على الاقل حتى الان، على قدر الحصار الذي يخضع له اصدقاؤهم في المناطق القبلية" في باكستان. واضاف ان "كل من التزم الوقوف في صفوفنا يدرك ضرورة تغيير ذلك". وذكرت صحيفتا "وول ستريت جورنال"، و"واشنطن بوست"، ان هذا الادراك لخطر القاعدة في اليمن قد يؤدي الى تكثيف عمليات "سي. آي. ايه" في البلاد، بما في ذلك عبر هجمات طائرات من دون طيار. وازدادت خلال الاشهر الماضية هجمات القاعدة على القوات الامنية والمسؤولين الحكوميين في جنوب اليمن الذي كان دولة مستقلة حتى العام 1990 والذي يشهد ايضا حركة احتجاج واسعة ازداد طابعها الانفصالي بشكل كبير وتعرف باسم الحراك الجنوبي. خروج مسلحو "القاعدة" من لودر مسلحو القاعدة في اليمن كانت تقارير صحفية ذكرت امس السبت، أن هناك أنباء تتردد في محافظة أبينبجنوب اليمن عن صفقة "مشبوهة" بين السلطات المحلية ومسلحي تنظيم القاعدة، قامت بها شخصيات عسكرية كبيرة في صنعاء قضت بالسماح لعناصر القاعدة بالخروج من مدينة لودر وعدم التعرض لهم، مقابل وقف الاشتباكات التي تسببت بالكثير من المآسي لسكان المدينة. جاء هذا هذا في الوقت الذي عاد فيه الهدوء الحذر إلى منطقتي زنجبار ولودر، بعد معارك الأيام الماضية بين قوات الجيش وتنظيم القاعدة. ونقلت صحيفة "الوطن" السعودية عن شهود عيان قولهم: إن الأوضاع في المنطقتين عادت إلى الهدوء في ظل ترقب لما يمكن أن تسفر عنه الفترة المقبلة، خاصة بعد تمكن عناصر القاعدة من الفرار إلى خارج المدينة. وكانت وكالة الانباء اليمنية "سبأ" قد نقلت عن نائب وزير الداخلية، اللواء الركن صالح حسين الزوعري، قوله ان "الاجهزة الامنية في مديرية لودر ادت واجبها بكفاءة ومهنية عالية في تصديها للعناصر الإرهابية في مديرية لودر ومداهمة اوكارها وملاحقتها للعناصر الفارة منها". واضاف ان "الاجهزة الامنية لقنت العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة درساً قاسياً ووجهت لها ضربات موجعة واجبرت تلك العناصر الارهابية، التي كانت تحاول التخفي في لودر، على الفرار بعد مقتل واصابة العشرات من بينها". إلى ذلك حذر حارس شخصي سابق لزعيم القاعدة أسامة بن لادن من تصاعد القتال بين التنظيم والسلطات اليمنية. وقال ناصر أحمد البحري إن "الهجمات الأخيرة التي نفذتها القاعدة جنوب اليمن تعد مؤشراً على ازدياد قوتها". وأضاف البحري أن "القاعدة تركز جهودها في جنوب اليمن لأن الجنوب، ساخط على الحكومة ولديه نزعات انفصالية". وذكر أن القاعدة طلبت منه العودة إلى الانضمام للتنظيم. يذكر ان البحري، مثله مثل العديد من الأعضاء السابقين في القاعدة الذين عادوا إلى اليمن، وقع اتفاقاً مع الحكومة تعهد فيه بالتزام القانون. كانت مصادر محلية بمنطقة لودر في مديرية أبينجنوب اليمن، كشفت في وقت سابق عن تفاصيل جديدة تتعلق بمشاركة أجانب تابعين لتنظيم القاعدة في هذه المعارك. وقالت المصادر ل "الوطن" إن المواطن السعودي الذي قتل في معارك لودر كان قد قام بتنفيذ عملية انتحارية ضد قوات الجيش ، مشيرة إلى أنه قاد العملية الانتحارية مع ثلاثة من الأجانب هم باكستاني ومصري وأفغاني، وأنه تقدم على المجموعة فأطلق قذيفة دمر بها إحدى دبابات الجيش اليمني، إلا أنه قتل بعدما رد الجيش عليه. ولم تستطع المصادر المحلية أن تقدر عدد السعوديين المشاركين في المواجهات الأخيرة، إلا أنها قالت إنه لأول مرة يشاهد السعوديون وبأعداد كبيرة، وهم يتجولون بأسلحتهم في شوارع المدينة مع عناصر أخرى من دول مختلفة بينها مصر والسودان وباكستان والجزائر، بالإضافة إلى عناصر التنظيم من اليمنيين. "انهيار الجيش وسقوط النظام" وتأتي مواجهات "لودر" بعد ايام قليلة من تقرير لقائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال جيمس ماتيس، رسم فيه صورة قاتمة للوضع في اليمن، بعدما أبلغ لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي وجود "دلائل على تراجع قدرة الرئيس اليمني على ضبط الوضع"، بعدما "كان قد أدار هذه التهديدات عن طريق المفاوضات وبتسلسل مع خصومه". وأشار ماتيس، في ردّ مكتوب قبل مثوله أمام اللجنة يوم 27 يوليو/ تموز الماضي للنظر في تعيينه، إلى أن مجموعة من العقبات المختلفة في التحديات المذكورة "يمكن أن تستنفد موارد صنعاء العسكرية والأمنية ودفع الوضع نحو نقطة الانهيار". وأوضح ماتيس، الذي عمل مع الجيش اليمني، أن نظام حكم الرئيس اليمني مهدد بالثورات وفشل الاقتصاد وضعف الوضع الأمني وتراجع احتياطيات النفط الخام. ونقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية عن ماتيس، قوله: إن "ست سنوات من الصراع المتقطع في شمال غرب اليمن بين الحكومة اليمنية والثوار الحوثيين يهدد الاستقرار". وأوضح ماتيس أن الوضع في اليمن يتطلب تقديم مساعدات عسكرية أمريكية إضافية، فيما خصصت الإدارة الأمريكية 150 مليون دولار مساعدة عسكرية وأمنية لليمن في العام المالي الحالي الذي ينتهي في 30 سبتمبر/أيلول المقبل. وشدد ماتيس على أن مثل هذه المساعدة يجب أن تكون مصحوبة بمساعدة مدنية لتحسين الخدمات الحكومية في اليمن، موضحاً أنه "ينبغي علينا أن نعمل مع اليمن ليس فقط في بناء القدرات العسكرية والاستخبارية، ولكن يجب علينا أيضاً أن نشجع، وحيثما كان ذلك ممكناً، برامج تنموية والمساعدة الإنسانية والفنية". وقال: "إن التزاماً أمريكياً طويل الأمد تجاه اليمن وشعبه، وخاصة الأنشطة التي تساعد اليمن في توفير الحكم الرشيد والخدمات لشعبه، سيكون أكثر فعالية في تعزيز قدرة الحكومة وزيادة الاستقرار وحرمان المتطرفين من ملاذ آمن". محيط