ضحي عدد كبير من أبناء مصر بدمائهم خلال ثورة مصر العظيمة من أجل الحرية والكرامة ، وكان الشاب أحمد بسيوني أحد الباحثين عن سبل تغيير نظام الفاسد، هذا النظام الذي راح ضحيته شهداء نزلوا إلى ميدان التحرير وغيره من الميادين للمطالبة بحقوق الشعب بأكمله ، وكانت فى انتظارهم رصاصات الغدر كرد فوري على هذه المطالب. الفنان أحمد بسيوني غنيم ولد 25/10/1978 تخرج من كلية التربية الفنية عام 2000 ، حصل على الماجستير عام 2007 ، وعمل مدرس مساعد بقسم الرسم والتصوير بالكلية ، متزوج ولديه طفلين ، ونزل يبحث عن غد أفضل لأطفاله ، فلم يعد إليهم مرة أخري ليستمر سؤال ابنه آدم "المظاهرات خلصت بابا مرجعش ليه؟" أحمد بسيوني رسم آخر لوحاته بمداد من دمائه الطاهرة بميدان التحرير أملاً في ولادة مصر جديدة بدون فساد أو قهر أو ظلم ، لذلك دفع حياته ليري لحظة جديدة ولكنه لم يعيشها معنا ، ربما تركها لأبنائه وزوجته ولوالديه وإخوته ولنا جميعاً .
محمد بسيوني وفي نفس اليوم الذي كانت تضع فيه اخته مولودها خارج القاهرة توقي أحمد بسيوني ، يقول محمد بسيوني والد الشهيد لبرنامج "صباح دريم" على قناة دريم 2: : توفي ابني يوم السبت الموافق 29 /1 أثناء تواجدا فى المحلة مع أخته ، وتم إبلاغنا بعد عودة الاتصال أن أحمد بمستشفي الهلال ، كما احضر لنا أحد المتظاهرين الجاكت الذي كان يرتديه ، وبه البطاقة وكل أوراقه ، ذهبنا على الفور إلى المستشفي بعد علمنا بنبأ استشهاده ، ولكننا وجدنا جثة مجهولة تشبه ملامح ابني في الملامح ولكن من الأصابع تأكدنا أنها ليست جثته بعد تحضير الكفن ، ثم بدأنا في البحث مجددا ولم نترك مستشفي خاصة أو عامة إلا وبحثنا ،واتصلنا بالشخص الذي أحضر لنا الجاكت حيث أكد لنا أن الشهيد تم ضربه بالرصاص المطاطي برأسه ثم بالشوم ثم جاءت سيارة الأمن المركزي لتدهسه وتقضي عليه ، وقام البعض بتوصيله إلى مستشفي الهلال . وأضاف : بحثنا عنه لمدة 3 أيام دون توقف إلى أن وجدناه أخيراً بمستشفى أم المصريين بالجيزة بأحد الثلاجات ومصاب في رأسه بالرصاص المطاطي ، فخيرتنا المستشفي بين الدفن أو أخذ حقه بعرض الجثة على المشرحة ، وبالفعل ذهبنا إلى مشرحة زينهم الذي أثبتت ثبت من التشريح المبدئي للجثة أن لديه تكسير في الضلوع وتهتك في الرئة اليسرى وتهتك في القلب نتيجة الدهس بالسيارة ، وتبين أن قام أحد المارة بتوصيله إلى المستشفي بعد أن أكد طبيب مشارك بالمظاهرة أنه توفي فى الحال ، وتم إبلاغ للنائب العام بالحادثة. أحمد بسيوني كان لا يخاف على نفسه من مواجهة الأمن وأسلحتهم رغم أنه أصيب بطلقات في رجله وجروح بأيام سابقة ولكنه أصر على تحقيق النصر ، ويردف والد الشهيد بسيوني : كان ابني دوماً يؤكد أنه لن يتوقف ابداً عن المناداة بالحق لإنهاء الفساد ويجب أن نعبر عن آرائنا بحرية، وكان لا يحمل أي توجه سياسي على الإطلاق ولا يقرأ حتى الجرائد ، وكان كل اهتمامه مقتصر على الفن ويصرف كل أمواله على الدورات التدريبية المجانية للطلبة بالرغم من حصوله على "ملاليم" من الجامعة لكنه حصل على العديد من الجوائز العالمية من بعض المعارض الفنية. والد أحمد لم يراه قبل الحادثة بأربع أيام عندما كان ينصحه بعدم الذهاب لاستشارة الطبيب بسبب خوفه عليه من المظاهرات ، وكان يدعو كل الشباب للنزول إلى الشارع للمشاركة لأنه كان يشعر بالظلم ، ولم يستطيع بسيوني حبس دموعه طويلاً وبكي بشدة ، بالرغم من استشهاد ابني أنا اشعر الآن بالأمان ، وفخور به لأنه بطل مثل كل شهداء مصر الذين خرجوا في ثورة سلمية بيضاء بدون سلاح أو حتى حجر ، كما يأمل في أن يعثر على كاميرا أحمد المفقودة التي كان يوثق عليها حياته وفنه وكان يطارد بها القتلة بالمظاهرات لإعادتها من جديد إلى الأسرة.
والدة أحمد بسيوني أما والدة الشهيد أحمد لم تتغيب في جمعة التنحي لتتواجد لأول مرة هناك مع شباب مصر ، وعن إحساسها بهذه اللحظة قالت : عندما نزلت لأول مرة بعد الأحداث شعرت برائحة ابني هناك ، تصلبت رجلي في الأرض ولم استطع التحرك لدقائق ووجدت نفسي انهمر في البكاء ، لكن فرحة الشعب المصري في هذا اليوم جعلتني انسي البكاء وأشاركهم فرحتهم ، وهناك ذهبنا إلى محامي بباب اللوق لعمل إجراءات ورفع قضية لاستعادة حق ابني الذي ذهب إلى الميدان ولا يحمل إلا كاميرته التي لا يمتلك سواها ، واستخدمها لرصد القتلة وتصويرهم وتوثيق الجريمة التي تحدث بالصور ، وكان جزاء فعلته القتل بطريقة بشعة . وبحسرة ممزوجة برضا أكدت أنها حذرت ابنها من نزول المظاهرات قبل الحادث بيوم ليكون بجوار أخته في اليوم التالي ولكنه طمئنها ، ومع انقطاع الاتصالات لم تتمكن الأسرة من الاتصال به للاطمئنان عليه ، وعندما عادت الاتصالات تلقط أخته مكالمة من تليفون أخيها من احد المتظاهرين يبلغها أن أخوها في المستشفي وفي حالة خطرة كتمهيد لاستقبال الخبر المفجع ، ثم بدأت رحلة بحث الأسرة لتستقر وتهدأ عند ثلاجة أحد المستشفيات. والدة أحمد بسيوني راضية بقضاء الله وتحتسب ابنها شهيد عند الله ، ولكنها تريد القصاص العادل من الجناة ، مطالبة كل مصري أن يضع أحمد مكان ابنه حيث كان ينادي بالحق وانتزاع الكرامة لكل مصري ، وفى النهاية قالت : " لو عادت هذه الأيام مرة أخري ، لن أرضي لابني سوي هذه النهاية ، وإذا كانت حالتي الصحية تسمع بالنزول إلى المظاهرات لشاركت المصريين في ذلك".