تواصل القصف المدفعي أمس على العديد من مناطق العاصمة صنعاء، بعد يومين ساخنين من المواجهات الدامية بين القوات الحكومية الموالية للرئيس علي عبد الله صالح ورجال القبائل المسلحين من أنصار شيخ مشايخ حاشد صادق بن عبدالله الأحمر. وسمع دوي الانفجارات والقذائف المدفعية الثقيلة من العديد من مناطق العاصمة صنعاء، كما شوهدت مواجهات محدودة وإطلاق رصاص متقطع وعملية نزوح جماعية من المناطق التي شهدت عمليات قصف شديدة خلال اليومين الماضيين. وذكرت مصادر متعددة أن القوات العسكرية والأمنية الموالية للرئيس صالح تستعد لاقتحام ساحة التغيير بصنعاء، كما فعلت في مدينة تعز، حيث اقتحمت ساحة الاعتصام ودمرتها بالكامل. وتتهيأ قوات قبلية مناصرة للشيخ صادق الأحمر لاقتحام المقر الرئيس للتلفزيون الحكومي بصنعاء، حيث أصبحت على مشارف ذلك، بعد سيطرتها على كافة المقار الحكومية القريبة منه. وشهدت العاصمة اليمنية صنعاء قصفا مدفعيا عنيفا ليل الثلاثاء الأربعاء، ومواجهات مسلحة بين قوات الحرس الجمهوري الموالية للرئيس علي عبدالله صالح وقوات قبلية مناصرة لشيخ مشايخ حاشد صادق عبدالله الأحمر، ما ادى لسقوط عشرات القتلى عقب استيلاء القوات القبلية على نحو 9 مبان حكومية في منطقة الحصبة وما حولها، نصفها مقار وزارات سيادية وفي مقدمتها وزارة الداخلية. وأكد الشيخ عبد القوي القيسي، سكرتير شيخ مشايخ حاشد الشيخ صادق الأحمر ل'القدس العربي' أن رجال القبائل المناصرين للشيخ صادق الأحمر استولوا بالكامل على وزارة الداخلية ومعسكر النجدة المجاور لها، بالإضافة إلى السيطرة على مقر حزب المؤتمر الحاكم، ومباني وزارات الصحة والصناعة والتجارة والإدارة المحلية ومقر مجلس الشورى (الأعيان) وقسم شرطة الحصبة، ومؤسسة مياه الريف. وقال إن قوات الحرس الجمهوري قامت بإطلاق قذائف مدفعية وصاروخية بشكل عشوائي من العديد من معسكراتها في الجبال المطلة على العاصمة صنعاء خلال ليل الثلاثاء الأربعاء، استهدفت منزل الشيخ الأحمر في الحصبة ومقار الوزارات، بعد ان تمركز القوات القبلية فيها. كما سقط العديد من القذائف على الحي المجاور لمقر تلفزيون اليمن الحكومي لما تردد من أنباء عن وجود الكثير من رجال القبائل هناك تستعد لاقتحام مبنى التلفزيون الحكومي. وأوضح أن السلطة أرسلت تعزيزات عسكرية وأمنية من القوات التابعة للحرس الجمهوري والأمن المركزي الموالية للرئيس صالح إلى منطقة جولة سبأ، إحدى مداخل منطقة الحصبة من جهة الغرب، والمدخل الشرقي لساحة التغيير المرابط فيها المعتصمون المطالبون بإسقاط النظام، في محاولة من النظام لاستعادة بعض المقار الحكومية المهمة كالمقر الرئيس للحزب الحاكم ووزارة الإدارة المحلية. مؤكدا أنه تم استسلام قوات الحرس الجمهوري التي أرسلت للمنطقة، لأتباع الشيخ صادق الأحمر مع ست عربات عسكرية بعضها مدرعة، ولم تنجح القوات الحكومية في الهدف الذي أرسلت من أجل تحقيقه. واشار إلى أنه نتيجة لذلك اضطرت السلطة إلى تكثيف القصف المدفعي الثقيل على المناطق التي يوجد فيها رجال القبائل المسلحون، في محاولة منها لإنزال أكبر الخسائر بين رجال القبائل بأقل خسائر على القوات الحكومية، وهو ما تسبب في مقتل نحو 10 من رجال القبائل وإصابة أكثر من 30 آخرين، خلال مواجهات الليلة قبل الماضية وحتى صباح أمس. وفي حين ذكرت بعض المصادر أن قوات الحرس الجمهوري أطلقت قذائف سقطت على معسكر الفرقة الأولى مدرع، المقر الرئيس للواء علي محسن الأحمر، إلا أن مصدرا في مكتب الأحمر نفى سقوط أي قذائف على مقر الفرقة الأولى مدرع، وأنها سقطت في المناطق القريبة منه، مشيرا إلى أن مواجهة محدودة وقعت أمس الأول بين قوات تابعة للحرس الجمهوري وأخرى من الفرقة الأولى مدرع بالقرب من جولة سبأ، عند محاولة قوات الحرس الجمهوري اقتحام ساحة الاعتصام من الجهة الشرقية. وفي الوقت الذي لم تكشف فيه المصادر الحكومية عن عدد ضحايا الجانب العسكري الموالي للرئيس صالح إلا أن مصادر طبية تتحدث عن عشرات الضحايا بين قتيل وجريح خلال مواجهات اليومين الماضيين. في غضون ذكرت المصادر أن السفارة الألمانية بصنعاء أغلقت أبوابها إلى أجل غير مسمى، فيما قامت السفارتان الإيطالية والكويتية بسحب بعثاتها الدبلوماسية من صنعاء، بسبب ارتفاع وتيرة أعمال العنف والاقتتال بين القوات الحكومية الموالية للنظام والقوات القبلية المناصرة لزعيم قبائل حاشد. إلى ذلك أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن قلقها البالغ إزاء الأوضاع الإنسانية المتردية في اليمن، وكشف أن العنف اتخذ بعدا جديدا مع اندلاع المواجهات المسلحة في العاصمة صنعاء ومحافظتي تعز وأبين. وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية في اليمن جان نيكولا مارتي، ان 'عواقب الأحداث على الصعيد الإنساني تتفاقم يوما بعد يوم، فهناك مئات المدنيين الذين وجدوا أنفسهم عالقين وسط تبادل إطلاق النار، بينما جرح أو قتل عشرات الأشخاص من كل الأطراف في القتال، الذي جرى في الحصبة شمال مدينة صنعاء، وأما في تعز فالأوضاع تزداد سوءا مع اشتداد المعارك حدة'. وطالب الصليب الأحمر أطراف الصراع بضبط النفس، ومساعدة مقدمي الإسعافات الأولية لإنقاذ الأرواح ونقل المصابين، ومعاملة الرفات البشرية باحترام وتسليمها للعائلات لتأمين دفنها بكرامة.