عندما خرجوا طلبا للرزق من ميناء المشروع الرابع يوم الرابع من الشهر الرابع لهذا العام لم يكن بحارة العبري العمود السبعة يعلمون أن رحلتهم هذه ستتحول إلى مغامرة مميتة امتدت فصولها لأكثر من شهر على مسرح المحيط الهندي تحت رحمة قراصنة صومال لا يرقبون إلا و لا ذمة في كل سفينة تمر تحت ناظريهم. و في المشهد الأخير الذي جاء فرجاً من بعد كرب على يد القوات التركية المنقذة و المحررة لطاقم العبري من يد القراصنة فعاد العبري العمود بسلامة الله وحفظة إلى مرسى رأسه بالمكلا محملاً بصيد غير الذي خرج له. وحال وصولهم وتسليمهم صيدهم لأمن الميناء بقياده ضابط بحث الميناء محمد عبد المجيد الشعيبي بحضور الرائد / مروان الجرموزي من قسم بحث الميناء والملازم طلال الأثوري والأستاذ صالح سعيد بايمين رئيس جمعية ساحل حضرموت للعباري و الأخ عمر قنبيت رئيس الاتحاد التعاوني بمحافظة حضرموت تم مباشرة التحقيق و في ذلك الحين باشرنا نحن أيضا الاستماع لتفاصيل المغامرة من ربان العبري و بعض بحارته و إليكم ما اصطدناه في تلك المقابلات : صافرة الإبحار يقول عبدالله عبدو سالم باليل نوخذة العبري العمود المحرر :( غادرنا ميناء المكلا على متن العبري العمود بعد أن استعدينا لأيام بالمؤن و المياه و عتاد الطبخ لهذه الرحلة الاعتيادية بالنسبة لنا كبحارة و صيادين أملاً في رحلة موفقة بالصيد الوفير وبعد أيام من مغادرتنا وعلى بعد عدة أميال في عمق البحر تعرضنا لهجوم مباغت في الليل من قاربين صغيرين على متنه أربعة عشر قرصانا مسلحا بالكلاشنكوفات و قاذفات ال آ ربي جي حيث اعترض احد القوارب مقدمة العبري وصعد القراصنة العمود وسيطروا عليه . معارك العبري القرصان وطيلة أيام الاختطاف و القراصنة يجولون بنا عرض البحر وسط المحيط بحثا عن سفن تجارية و ناقلات نفط أو أي باخرة و قد حالفهم الحظ في احد المرات بسفينة تجارية لاحت في الأفق فأسرع سبعة من القراصنة إلى قاربهم الصغير و انطلقوا نحو السفينة مدججين بأسلحتهم و عندما وصلوا إليها لم تستسلم السفينة و قاومت القراصنة بضراوة في معركة نارية شرسة أعادت القراصنة إلى العبري بخفي حنين بينما كنا نشاهد من بعيد ما يجري و ألسنتنا تبسبس بالدعاء على القراصنة بان يتم قتلهم و أن لا يعودوا إما السبعة البقية فسنتدبر أمرهم بأنفسنا. لا مشكلة في الغذاء و ظللنا على هذه الحالة لأيام و الإمدادات الغذائية لا تنقطع عن القراصنة من القوارب الصغيرة التي تأتي بين اليوم و الآخر وحتى عندما نفذ ما في حوزتنا من وقود الطبخ أتانا القراصنة ببرميل كبير تم قصة بحرفية و ملئ بالفحم لمواصلة القرصنة على السفن وهكذا تغلب القراصنة على مشكلة الأكل و الإمدادات. تجاهل القوات الامريكية و التركية تحررنا وفي ذات يوم مرت أحدى القطع العسكرية و هي فرقاطة ترفع العلم الأمريكي من القوات الدولية التي تجول المنطقة لحماية السفن و مكافحة عمليات القرصنة إلا أنها لم تلقي لنا بالا و لم تكترث لإشاراتنا إليها و مرت بجانبنا فقط . ويوم التحرير من قبضة القراصنة طافت فوقنا مروحية عسكرية لعدة دقائق ثم غادرت ففقدنا الأمل من جديد انتهاء الأزمة مع القراصنة إلا أنها بعد وقت قصير عادت و معها سفينة حربية ترفع العلم التركي فتوقفت المروحية فوق العبري و السفينة بجانبه ولما رأى القراصنة الأسلحة التي وجهت نحوهم و القوة النارية التي تمتلكها السفينة الحربية استسلموا بدون مقاومة وصعد الجنود الأتراك العبري و قاموا بتقييد القراصنة و تحريز ما لديهم من أسلحة و أجهزة اتصالات و تفقدوا أوراق القارب و تراخيص العمل ثم غادروا وأمرونا بالعودة إلى بلادنا و تسليم القراصنة . الانتحار اليائس و في الطريق حاول القراصنة أكثر من مرة الانتحار بالقفز في البحر و هم مربطين الأيدي و الأرجل و أنقذناهم من الغرق.وواصلنا الإبحار حتى وصنا إلى ميناء المكلا وانهينا هذه الرحلة التي عانينا فيها كثيرا تحت رحمة القراصنة في البحر ليس معنا غير الله ). بينما قال الضابط محمد عبد المجيد الشعيبي مدير بحث الميناء عند استلامه لصيد العبري من القراصنة :( في البداية نشكر القوات الدولية على هذا الانجاز الكبير و إنقاذهم للبحارة و العبري و نتمنى أن تستمر هذه العمليات ضد القرصنة التي نعاني منها و يعاني منها العالم بأكلمة . القراصنة الآن في أيدينا و يتم التحقيق معهم ومعرفة شركائهم و إحالتهم للجهات المختصة ليحاكموا و يلقوا جزائهم العادل و الرادع ). كما طالب رئيس جمعية ساحل حضرموت للعباري باتخاذ الإجراءات القانونية ضد القراصنة وكل من له صله بهذه العمليات الإجرامية التي تهدد حياة الصيادين و تعرقل عملهم وتضر بالاقتصاد البحري الذي يرفد ميزانية الدولة بالملايين مع مراعاة حقوق الإنسان و الأعراف الإنسانية لهم كما طالب كذلك بتعويض مالكي العبري عما لحق بهم من خسائر فادحة وشدد على ضرورة اتخاذ الجهات المعنية الإجراءات اللازمة لعدم تكرار ما يحدث من عمليات اختطاف و قرصنة للقوارب و الصياديين اليمنيين و ضمان أمنهم و سلامتهم ).
للمزيد من الصور أضغط هنا أو الناشر يتفرد بصور القراصنة في المكلا بعد عملية تحرير عبري العمود علي يد القوات الدولية