" الدهيمية" اسم لقرية غابت عن وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية والإنسانية وحضرت بقوة وبشكل غير مسبوق في أذهان وخطط مليشيات الحوثي والمخلوع صالح. إحرى قرى محافظة إب وسط اليمن تعرضت خلال اليوميين الماضيين لسلسلة من الجرائم والإنتهاكات التي تزيد على أكثر من 50 جريمة وانتهاك وخسائر تصل عشرات الملايين. "الدهيمية" قرية تقع في منطقة الأبعون بعزلة الأسلوم بمديرية حزم العدين غرب المحافظة وفيها تجسدت وحشية المليشيات الغازية وتجلى سلوك العصابات وقطاع الطرق والمجرمين والقتلة بشكل واضح لدى أبناء المنطقة والقرى المجاورة لها. خلال يوميين فقط فجرت المليشيات 8 منازل ولغمت منازل أخرى وهجرت السكان من القرية وطردتهم من بيوتهم ونهبت محتويات المنازل والبيوت وسط غياب المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية. البداية.. بدأت الحادثة عند السادسة من فجر يوم الخميس 26 يناير الجاري حين وصلت القرية خمسة أطقم تابعة لمليشيات الحوثي وصالح الإنقلابية وعلى متنها عشرات المسلحين اقتحموا القرية وأطلقوا الأعيرة النارية بشكل جنوني بغية ارهاب الأهالي وبهدف اختطاف بعض المواطنين. حين قدم مسلحو مليشيات الحوثي وصالح قبيل طلوع شمس الخميس وأفرغوا نيرانهم بشكل مرعب على المنازل وتسببوا بحالة من الرعب والخوف لدى الأهالي خصوصا الأطفال والنساء والذين استيقظ كثير منهم على وقع لعلة الرصاص وروائح البارود. رفض الأهالي عملية الإقتحام والإختطاف وذلك ليقينهم بأن من يقوم بتلك الممارسات يستخدم التنكيل والتعذيب والإهانة والإخفاء القسري بحق المختطفين وأحيانا يجري استخدامهم دروع بشرية وهو ما دفعهم لرفض تسليم أنفسهم واضطروا لمقاومة المليشيا الإنقلابية بأسلحتهم الشخصية. الدفاع عن النفس.. يقول عدد من أبناء القرية: الحقيقة بأن ما أقدموا عليه من تعذيب وتنكيل بمن يختطفوهم جعل فكرة مقاومة الحوثيين من باب الدفاع عن النفس ولأنهم لا يمثلون دولة وليس لديهم لا نظام ولا قانون ولا ضمير، ولم يؤمن بفكرة مقاومة الحوثيين سوى مواطنين قليلي العدد والسلاح لكنهم اضطروا لذلك ولم يكن من خيار أمامهم. وبحسب الأهالي فقد قاد عملية الرفض المجتمعي أربعة مواطنين فقط وبأسلحتهم الشخصية وحدثت اشتباكات مسلحة أجبرت المليشيات على الخروج من القرية وأعطبوا أحد الأطقم العسكرية. وأفادت مصادر متعددة بأن الإشتباكات التي جرت خلفت قتلى وجرحى في صفوف الحوثيين وقوات المخلوع صالح ومن بين القتلى قيادي حوثي كبير وأصيب قيادي آخر يدعى أبو أحمد وينتمي لمحافظة عمران ونقل إلى مستشفى الثورة بمدينة إب. وتسببت المواجهات في انقلاب أحد الأطقم التابعة للمليشيات في أحد الطرق الوعرة بمنطقة الأبعون وجرح عدد من المسلحين الذين فروا على متنه. وخلال الساعات التي أعقبت الإشتباكات تمكن الأهالي من النزوح للجبال وقرى مجاورة خوفا من تطورات الأوضاع وخرج الأطفال والنساء بشكل شبه كامل من القرية وبين شروق الشمس وتمركزها بكبد السماء صار الأهالي مشردين ونازحين يلتحفون السماء ويفترشون الأرض دون سابق اشعار أو انذار. اقتحام.. وفي مساء الخميس عززت المليشيات مسلحيها وجاءت سبعة أطقم وعليها عشرات المسلحين وأسلحة ثقيلة بغية استعادة هيبتها المكسورة والتي مرغت أنفها بالتراب من قبل أربعة مواطنين وبسلاح شخصي كواحدة من أبرز تجليات المقاومة المجتمعية العفوية والتي تغيب عنها التخطيط والدعم والإهتمام. وتمكنت المليشيات من اقتحام القرية التي أضحت خالية على عروشها بعد النزوح الجماعي منها. وعقب الإقتحام أقدمت المليشيات على عمليات نهب واسعة للبيوت والمنازل وممتلكات المواطنين وشوهدت سيارات تنقل تلك المنهوبات في مشهد وصفه الأهالي بالهمجي والأرعن ويكشف سلوك العصابات واللصوص وقطاع الطرق. تفجير 8 منازل واختطاف أطفال ومرضى وكبار السن.. ولم تكتف المليشيات الإنقلابية بنهب المنازل والبيوت وتشريد الأهالي بل قامت بتفجير ستة منازل مساء يوم أمس الأول وسط تلغيم منازل أخرى استعدادا لتفجيرها. ويوم أمس فجر مسلحو المليشيات منزلين بذات القرية لترتفع عدد المنازل التي فجرت إلى ثمان منازل ولا يزال الرقم مرشح للزيادة. ومن بين المنازل التي فجرتها المليشيات: منزل عبدالله سعيد غانم الحاتمي منزل أولاد عبده مرشد علي السلمي منزل أبناء عبدالله علي السلمي منزل فواز عبده مرشد منزل عبده عبدالله سعيد منزل ردفان محمد عبده مرشد منزل محمد بن محمد عبدالله علي منزل مختار صادق مرشد واختطفت المليشيات عدد من الأهالي الذين ترددوا من عملية النزوح خوفا على منازلهم بحسب أبناء القرية وتم اقتيادهم إلى جهة مجهولة ولا يعرف مصيرهم حتى اللحظة، ومن بينهم مرضى وكبار سن يورد "الصحوة نت" أسماء بعضهم: المسن صادق مرشد 65 عام المسن علي عبدالله أحمد الحاتمي 60 عام وهو مريض ومصاب بإعاقة في قدمه ولا يستطيع الحركة بحسب العديد من أقاربه. الطالب معاذ محمد علي 18 عام الطفل هشام عبدالقوي علي عبده 17 عام ومن بين المختطفين مواطن مريض ومصاب بحالة نفسية وعصبية وهو حاجب عبدالله سعيد السلمي. نهب وخسائر بالملايين.. قبيل تفجير المنازل أقدم مسلحو الحوثي صالح على نهب البيوت والمنازل بشكل غير مسبوق وتحدث الأهالي عن خسائر كبيرة جراء النهب لممتلكاتهم والتي تقدر بعشرات الملايين. ومن بين المنازل التي نهبت منزل المواطن مرشد حمود علي ومنزل المواطن أحمد عبدالله علي وعدد من المنازل الأخرى التي نهب منها كل المحتويات والأثاث وتصل الخسائر المالية لعشرات الملايين والتي ذهبت لمنازل قيادات حوثية بعضها بحزم العدين وبعضها تم اخراجها خارج المديرية. كما نهبت المليشيات عدد من السيارات التي كانت مركونة بجانب المنازل بينها سيارة المواطن أحمد عبدالله علي. أضرار كبيرة بعدد من المنازل.. قرية الدهيمية فيها 46 بيت ويعتمد الأهالي على المحاصيل الزراعية والإغتراب كمصادر وحيدة لعملية الرزق، ومباني القرية تمتاز بالعمران الحديث والجميل وأغلبها مكون من طابقين إلى ثلاثة إلى أربعة وبعضها مباني قديمة ظل الأهالي يحافظون عليها كتراث ويسكنون فيها. وتعرضت عدد من المنازل لقذائف المليشيات وبعضها لتهديم جزئي وبعضها لأضرار كبيرة نتيجة قربها من منازل تم نسفها بالكلية، ومن بين المنازل التي تعرضت للتفجير الجزئي ولأضرار بالغة منزل المواطن علي عبدالله أحمد والمعروف ب"الأزرق" وأيضا منزل المواطن سيف عبده علي والذي تهدم فيه الطابق الثاني بشكل كلي مخلفا أضرار على الدور الأرضي. وتقع هذه القرية على منحدر صخري قابل للانزلاق، ومع شدة الانفجارات والاهتزاز التي أحدثتها عملية التفجير للمنازل من قبل مسلحي مليشيا الحوثي وصالح، تشققت وتصدعت كثير من البيوت مع برك مائية وخزانات أرضية. تفجير 3 منازل قبل أشهر وقبل أشهر قليلة اقتحمت المليشيات الإنقلابية القرية ذاتها ونهبت عدد من المنازل وروعت الأطفال والنساء ولم تكتف بما أقدمت عليه آنذاك، بل قامت بتلغيم ثلاث منازل بالمتفجرات وفجرتها بشكل كلي. ومن بين المنازل المفجرة منزل المواطن مقبل عبدالله علي وكانت البيت بعمرانها من النوع الحديث وكلفتها تصل عشرات الملايين. ومنزل المواطن محمد علي عبدالله علي ومنزل المواطن عبدالغني حميد علي عبده. نداء استغاثة.. ووجه الأهالي والمواطنون نداء استغاثة للمنظمات وكل من يهمه الأمر لوضع حد لمعاناتهم وتمكينهم من حق العودة لقريتهم ولمنازلهم. وقال عدد من الأهالي بأن النساء والأطفال خرجوا من البيوت دون أن يتمكنوا من حمل شيء من أثاثهم ونفذوا بأرواحهم وأجسادهم إلى العراء فلا مأوى ولا مأكل أو مشرب يجدونه سوى ما تفضل عليهم به بعض الأهالي بالقرى المجاورة وهم أيضا يعانون تبعات الأوضاع الإقتصادية المتردية. وقال الأهالي بأنهم يدخلون اليوم السبت ثالث يوم وهو مشردون بلا مأوى وحاولوا العودة للبيوت لكن مسلحي الحوثي وصالح منعوهم من دخول القرية وهددوهم بالقتل والإختطاف وتفجير ما تبقى من منازل.