تنتظر "أم حسام" يوميا في ساعات الصباح الأولى ل"وايت الماء" الذي يوزع كسبيل للمواطنين بشكل يومي، حيث يعمل فاعلوا الخير على توزيع الماء في غالبية أحياء العاصمة صنعاء منذ أكثر من عام بعد تفاقم المعيشة لدى الكثير من الأسر. تجلس الأم الأربعينية برفقة أطفالها إلى جوار عدد من العبوات البلاستيكية التي تملأ بها الماء ومعها عدتها التي تساعدها على التعبئة من الوايت الذي يزدحم بالنساء والأطفال كلا يبحث عن حصته اليومية التي ينتظرونها كل صباح.
تقول أم حسام ل "الصحوة نت" أنها تعتمد كليا على وايتات السبيل في توفير الماء لأسرتها المكونة من خمسة أطفال، بعد أن تدهورت المعيشية جراء انقطاع راتب زوجها الذي كان جندي في القوات المسلحة.
وتضيف "أن وايت ماء السبيل يصل يوميا إلى حارتهم من قبل فاعلي الخير في حي السنينة" والذي يعد من الأحياء المكتظة بالسكان من المواطنين الفقراء والطبقة المتوسطة والذين تضرروا كثيرا منذ بداية حرب حيث وأن اعتمادهم على الدخل المحدود من الرواتب المنقطعة منذ عدة أشهر.
تكافل اجتماعي لا تنقطع وايتات السبيل عن جميع الحارات، حيث تصل يوميا وينتظرها الناس بأوعيتهم حيث يحصل كل شخص على كمية من الماء يستطيع استخدامها طوال اليوم تصل إلى 80 لتر من الماء للاستخدام المنزلي. من جانبه قال "صالح البعداني" وهو سائق وايت ماء يعمل يوميا على إيصال ماء السبيل إلى الحارات "أعمل يوميا على إيصال ماء السبيل إلى خمس حارات في حي السنينه واحصل على حسابي من عدد من التجار". وأضاف البعداني في حديث ل"الصحوة نت" أن تجار وفاعلي خير مغتربين متكفلين بمحاسبة أصحاب الوايتات التي توصل ماء السبيل وهم مستمرين منذ أكثر من عام ونصف ولا ينقطعون إلا نادرا في حالات استثنائية".
وأشار "أن معظم الأسر تستفيد من الماء وبعضهم لم يكونوا بحاجة قبل بدء الأزمة لكنهم ومع تفاقم الوضع يخرجون وينتظرون حصتهم من الماء، ونحن نوزع للجميع ونعرف أن غالبية الناس أصبحوا محتاجين".
تدهور مشروع المياه لم تكن شبكة المياه الحكومية على ما يرام قبل الحرب لكنها كانت تصل إلى الكثير من المنازل ولو بشكل جزئي، حتى أن غالبية المواطنين يعتمدون على شراء الماء من محطات التعبئة منذ سنوات، بسبب عدم وجود شبكة مياه في عدد من المناطق، بالإضافة إلى عدم توفرها بالشكل المطلوب إن وجدت.
لكن الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من عاميين فا قمت الحياة لدى معظم الموطنين الذين فقدوا أعمالهم وأصبحوا عاطلين، إضافة إلى ذلك انقطاع رواتب موظفي الدولة الذين يشكلون نسبة عالية من الساكنين في المدن الرئيسية، كل هذا جعل لدى الكثيرين صعوبة في الحصول على متطلبات الحياة ومنها الماء.
مأساة إنسانية وتفيد إحصائيات الأممالمتحدة أن سوء التغذية والأمراض الناجمة عن نقص المياه تؤدي إلى وفاة 14 ألف طفل يمني، دون سن الخامسة، كل عام، وتعاني أمانة العاصمة من انتشار كبير لوباء الكوليرا حيث ارتفاع عدد الوفيات بمرض الكوليرا في اليمن إلى 1706 حالة والمصابين إلى 297438 حالة وجاءت صنعاء في المرتبة الخامسة بحسب منظمة الصحة العالمية.
يذكر أن أكثر من 10 ملايين شخص في اليمن بحاجة ماسة إلى المساعدات للحفاظ على بقائهم على قيد الحياة، في حين يحتاج نحو 18.8 مليون شخص إلى المساعدة في مجال الحماية بحسب بيانات الأممالمتحدة ، حيث انهارت الخدمات الاجتماعية، خصوصاً في مجالات الصحة والمياه والنظم، وقد اضطر نحو ثلاثة ملايين شخص إلى التحرك بحثا عن الأمان وسبل العيش.
وبحسب البيانات فإن واحداً من بين كل أربعة يمنيين قد فقد إمكانية شراء الأغذية ذات الأسعار العالية المتاحة، بالإضافة إلى فقدان 70 في المائة من العاملين في المشاريع الصغيرة والمتوسطة المستوى وظائفهم.