يرجع تاريخ بناء سد مارب إلى القرن الثامن قبل الميلاد، وهو من أقدم السدود في العالم القديم، حيث اشتهر اليمنيون ببناء السدود واستخدام مياهها في الزراعة. فقد بني السد بتصميم معماري رائع بين ثلاثة جبال بحيث يجحز الماء بين ثلاثة جبال ولا يسمح بخروجها إلا باتجاه واحد وهو عبارة عن مضيق.
الشيخ زايد وإعادة بناء السد في العام 1984، قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة، في عهد الشيخ زايد النهيان، رحمه الله، منحة مالية لإعادة بناء السد، ونفذته شركة "دغوش" التركية وتم الانتهاء من العمل في ديسمبر 1986م. يبعد السد الجديد عن القديم نحو 3 كيلوا متر وعن مدينة مارب نحو 11 كيلوا متر، وتوجد ثلاث سدود تحويلية تعمل على احتواء المياه وإعادة توزيعها وخاصة على المناطق التي تقع تحت السد مباشرة والتي كانت تحرم من حصتها بسبب تدفع الماء بشكل سريع.
مساحة السد يمتد السد نحو 10 كيلوا متر, ويتسع ل400 مليون متر مكعب، وطول الحاجز736متر، وبارتفاع40 متر، وعرض القاعدة الترابية التي يتشكل منها الحاجز بعرض 336 متر، وتنتهي ب6 أمتار، وتم ردمها من الخارج بطبقة صخرية وحجار لحمايتها.
تصريف ا لمياه تتحكم في تصريف مياه السد بوابة حديدية تمتد من وسط السد بطول 195متر، ولها بوابة داخلية وبوابة رئيسية، وتصرف الماء بمقدار 35 متر مربع في الثانية الواحدة. للسد حد معين لكمية الماء التي يجب أن تبقى كمية المياه عند مستوً معين، وأيضا في حالة تصريف المياه يجب أن تبقى الكمية عند مستوى معين لحمايته من التشققات بحكم أنه سد ترابي يتعرض للتشقق بسبب أشعة الشمس والحرارة المرتفعة. وفي حال تدفقت السيول على السد بشكل كبير وقد يعرضه للخطر أُوجد منفذا يطلق عليه "منزاح صيفي" على بعد 4 كيلوا متر جنوب السد في حال ارتفع منسوب المياه عن حده.
السدود التحويلية على بعد مسافات قليلة يوجد سدا تحويلي (A) ويحوي كمية كبيرة من المياه المتدفقة من سد مارب، تتجمع فيه الماء بشكل كبير وتتوزع منه ممرات "سواقي" إلى المزارع المجاورة لريها، وعلى بعد مسافة أيضا يقع السد (B) لذات الغرض لكنه أقل عمقا من الأول، وتمتد من السدين قنوات فرعية تنقل المياه إلى المزارع. كما شمل المشروع إقامة قناة رئيسة بطول 1,6 كيلو مترات وتركيب القنوات الفرعية بطول69 كيلومتراً إضافة إلى انشاء طرق مسفلتة بطول 36,6 كيلو متراً وإنشاء معابر على القنوات الفرعية وطرق فرعية بطول 87 كيلو متراً على طول القنوات الرئيسة والفرعية. تعثر اتمام مشروع القنوات بسبب الفساد بالقرب من المدينة أو ما يطلق عليه السكان ب "المجمع" على الطريق المؤدي إلى مديرية الوادي، في مساحة شاسعة، تظهر المئات وربما الآلاف من القوالب الأسمنتية التي جهزت لإكمال المرحلة الثانية من القنوات الفرعية، تعثر المشروع بسبب فساد "هيئة تطوير المناطق الشرقية" ومسؤليها آنذك، هيئة سابقة أحلت بقرار جمهوري عام 2008، إضافة إلى فساد الشركة المنفذة. نهب مصنع القوالب الاسمنتية مصنع القوالب الاسمنتية أسسته شركة "دغوش" التركية عندما بنت السد، وتركته للحكومة اليمنية آنذاك لكن فقد سرقت معظم معداته من قبل نافذين في "الهيئة" التي كان السد أحد مشاريعها، ولم يتبق من المصنع سوى الهيكل.
في فبراير 2002، قدم صندوق أبو ظبي للتنمية 24 مليون دولار لاستكمال المرحلة الثانية من بناء القنوات، ورست المناقصة على شركة محلية تدعى "هوك"، تسلمت 16 مليون دولار لكن "هوامير" الفساد كانوا المستفيدين بدرجة أساسية، فأوقف الصندوق بقية المبلغ، ما أدى إلى تعثر المشروع حتى اللحظة.
بحسب مدير عام مكتب الزراعة، سيف الولص، الذي قال ل "الصحوة نت" إن المساحة المزروعة والمستفيدة حاليا من مياه السد تصل نحو 10 آلف هكتار فقط، وكان من المفترض أن تغطي المساحة نحو 16ألف هكتار، أي كامل مديريتي الوادي والمدينة"، مشيرا إلى أن فساد مسؤولي "هيئة تطوير المناطق الشرقية"، أدى إلى تعثر المشروع.
تغذية المياه الجوفية لا يقتصر فائدة مشروع سد مارب على ري المزارع فقط، وإنما يغذي الآبار الجوفية في المنطقة سواء السد نفسه أو السدود التحويلية. على الخط العام المتجه شرقا نحو صافر، تتجمع كميات كبيرة من المياه التي تأتي من السد، في مساحة ترابية واسعة، كانت بدايته أن الأهالي يستفيدون من "البطحة" فتحول مع الأيام بأشبه بسد طبيعي استغل فيما بعد لتغذية الآبار الجوفية في المنطقة.
مخاطر تهدد السد يحذر مدير عام مكتب الزراعة بمارب، سيف الولص، من مخاطر تهدد السد، على المستوى البعيد، كان من أبرزها بوابته الرئيسة التي لم يجر لها أي صيانة منذ افتتاحه قبل ثلاثين عاما وحتى مايو الماضي حيث قام المكتب بصيانتها التي كانت شبه معطلة، حسب قول "الولص". من المخاطر التي عددها الولص تراكم الطمي والأتربة والأحجار التي تجرفها السيول، إضافة إلى التشققات التي تنبت فيها شجيرات تزيح الأحجار من أماكنها، وتتوسع تلك الشقوق مع الأيام، وتدخل فيها السيول الجارفة ما يهدد جسم السد على المدى البعيد، حسب قوله. منذ افتتاح السد لم يفرغ من المياه إلا عند سيطرة المليشيات عليه حيث أفرغته من الماء بشكل كامل، لكن الأمطار الغزيرة التي هطلت في موسم ذلك الصيف كانت كفيلة بإبعاد خطر التشققات عن السد. يعتبر سد مارب شريان حياة المدينة الأبرز الذي يروي مساحات شاسعة من المزارع في المحافظة حيث تصدر المحافظة ما يربو عن 10 ألف طن من الحمضيات كل عام، بما يعادل %75 من إجمالي الانتاج، والحبوب والفواكه، إضافة إلى أنه معلم هام يجذب عدد كبير من السياحة الداخلية سواء في المرحلة الحالية بسبب الحرب. المصدر| الصحوة نت