يقول خبراء انه رغم رغبة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح التشبث بالحكم فان محاولة اغتياله ربما لم تقض على حياته لكنها نجحت في منعه من مواصلة ممارسة مهامه كرئيس بسبب الإصابات التي لحقت به. ويعتقد محللون أن الجهود تتركز الآن على تحديد مسار الانتقال السلمي للسلطة في اليمن تفاديا لحرب أهلية وإقناع أفراد من عائلة صالح بالتخلي عن سيطرتهم على الجيش وقوات الأمن. وقال نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي يدير الشؤون اليومية للبلاد منذ سفر صالح للعلاج في السعودية بعد محاولة اغتياله في يونيو حزيران إن الرئيس لحقت به إصابات بالغة لدرجة يستحيل معها تحديد موعد عودته إلى البلاد. وقال هادي في مقابلة مع شبكة (سي.ان.ان) انه رأى صالح بعد الهجوم بالقنبلة مباشرة وانه كانت هناك قطعة من الخشب بين ضلوعه في الصدر وحروق في وجهه وذراعيه والجزء العلوي من جسمه. وتزامن هذا مع عدم ظهور صالح في تسجيل فيديو كما أشارت وعود كثيرة لطمأنة اليمنيين على صحته مما زاد التكهنات بأن صالح ربما لن يعود ابدا ليحكم اليمن. وقال إبراهيم شرقية نائب مدير مركز بروكينجز الدوحة "الحديث الآن ليس عن عودة الرئيس أم عدم عودته بل كيفية انتقال السلطة سلميا. ما يحدث الآن هو مفاوضات مكثفة للخروج من الأزمة. ما يجري هو بحث السيناريو الأخير الذي سيخرج به صالح." وتتواكب الاحتجاجات الممتدة منذ أشهر ضد حكم صالح مع تمرد الاسلاميين المتشددين المرتبط بتنظيم القاعدة في الجنوب مما دفع اليمن إلى شفا حرب أهلية. وتخشى الولاياتالمتحدة والسعودية اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم من أن تمهد الفوضى في اليمن الطريق لتنظيم القاعدة ليشن هجمات ضد مصالحهما في المنطقة وخارجها. وخلال زيارة لليمن الشهر الماضي دعا مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية جيفري فلتمان إلى انتقال سلمي وسريع للسلطة في اليمن. وقال فلتمان في مؤتمر صحفي بصنعاء "حان الوقت ليعمل القادة السياسيون اليمنيون سويا من أجل انتقال فوري وسلمي للسلطة." وتريد السعودية حكومة مركزية قوية في اليمن تعمل على السيطرة على الاسلاميين المتشددين. ويقول محللون إن الجهود وراء الكواليس ستتعامل على الأرجح مع اي دور مستقبلي لأقارب صالح المقربين بما في ذلك ابنه احمد وهو لواء مسؤول عن الحرس الجمهوري ولاعب رئيسي في غياب الرئيس. كما يرجح أن تتناول المحادثات أي دور مستقبلي لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأفراد عائلة صالح الذين يلعبون دورا رئيسيا في مواجهة الإسلاميين المتشددين بالجنوب. وفي تصريحات نادرة لوسائل الإعلام نقلتها وكالة الانباء اليمنية (سبأ) مؤخرا قال احمد علي عبد الله صالح انه يدعم حوارا يجريه نائب الرئيس مع المعارضة بشأن نقل السلطة المحتمل. وقال شرقية من مركز بروكينجز "النقاط التي يجري بحثها هي ماذا سيحدث لأركان النظام وكيف سيكونون جزءا من المرحلة القادمة" مشيرا إلى أن الكثير من الأطراف تريد أن يلعب الحزب الحاكم دورا في المستقبل. ويقول محللون إن السعودية تضع صالح "قيد الإقامة الجبرية بالمستشفى" بينما يجري وضع اللمسات الأخيرة على المفاوضات بشأن تنحيه عن الحكم. وهم يرون أن الخلافات مع الولاياتالمتحدة بشأن نقل السلطة أرجأت اتفاقا على رحيل صالح. لكن السعوديين ربما انتابهم القلق بعد تقارير أفادت بأن الاسلاميين المتشددين في الجنوب يحرزون تقدما فيما يبدو. وحقق الاسلاميون المتشددون مكاسب لا يستهان بها. وكانوا قد سيطروا على مدينة زنجبار في مايو ايار في تواطؤ مزعوم مع صالح وهو الامر الذي وصفه معارضوه بمحاولة مكيافيلية لاظهار أن حكمه هو الوحيد الذي يستطيع درء شر القاعدة. وقال غانم نسيبة مؤسس شركة كورنرستون العالمية للاستشارات وكبير المحللين بمؤسسة بوليتيكال كابيتال البحثية "السعوديون يدركون أن هذه هي النهاية لنظام صالح لكنهم غير مرتاحين لخيارات الخلافة." وأضاف "انهم يريدون أن يتأكدوا من الذي سيتعاملون معه في حكومة يمنية جديدة فالسعوديون لا يريدون انتخابات بل يريدون فقط حكومة قوية وهذا خلاف كبير بينهم وبين الأمريكيين." وقاوم صالح الذي تولى الحكم عام 1978 في انقلاب ضغوطا امريكية وسعودية لتسليم السلطة لنائبه بموجب مبادرة خليجية تهدف الى ضمان انتقال سلس وسلمي للسلطة. وتراجع الرئيس اليمني عدة مرات عن توقيع المبادرة الخليجية على أمل أن يفقد المحتجون الذين يتظاهرون منذ أشهر في صنعاء ومدن يمنية أخرى الزخم ويعودوا إلى ديارهم. واتهم معارضون صالح بأنه حاول جر البلاد إلى حرب أهلية من خلال مهاجمة المتظاهرين في الشوارع وخوض قتال ضد زعيم اتحاد حاشد القبلي صادق الأحمر. وعلى الرغم من أن الهدنة التي تم التوصل اليها بوساطة سعودية بين القوات الحكومية واتحاد حاشد لا تزال صامدة فان اليمن انزلق إلى مزيد من الفوضى في ظل نقص الوقود وانقطاع الكهرباء والانفجارات وإطلاق الرصاص المتكرر. وقال خالد الدخيل أستاذ العلوم السياسية السعودي "هناك إجماع في اليمن على تنحي صالح... وحتى صالح نفسه جزء من هذا الإجماع."