مثلما جلس رجل الشارع العادي أمام شاشات التلفاز والقنوات الفضائية يتابع أخبار ومستجدات قافلة الحرية المتجهة لكسر حصار غزة، مثله تماماً فعلت الزعامات العربية التي اكتفت بمتابعة أخبار القافلة. هذا القول ليس للسخرية لكنه الألم الذي يعتصر المواطن العربي عصراً، فهذه الدول والأنظمة مجتمعة أو متفرقة، ثنائية أو أحادية، لم تغن عن الفلسطينيين شيئاً، ولم تسجل ولو موقفاً واحداً تجاه حصار غزة! ولذا لا عجب أن يستوي المواطن البسيط مع أي زعيم عربي من هواياته مشاهدة العروض العسكرية في المناسبات الوطنية، أو الزج بها لقمع الشعب، أو الاقتتال العربي العربي. الفارق الوحيد أن المواطن العادي وهو يتابع الأخبار تلك، يتابعها بتفاعل حر وشفاف ويعبر عن مشاعره بصدق وحرية، فيما معظم الزعامات تفعل ذلك بتكتم وخفية وتحفظ خوفاً من أن يشي بها واش. ولك أن تتساءل كيف تتحمل هذه الأنظمة تلك المشاهد التلفزيونية التي تجلدها وتعذب ضمائرها، فما زلت آمل أن هناك ضمائر حية، وزعامات لديها قدر من الحياء، فلست يائساً من أن هناك ضمائر مايزال بها روح ولو بالقدر الذي تحس معه بالخيبة والمرارة وعذاب الضمير. يعبر المواطن العادي عما يجيش به صدره بصدق وحرية، فيما بعض الزعامات العربية تعجز حتى عن التعبير بالإدانة المطلوبة، لأن قيوداً كثيرة تكبلها وتمنعها من هذا الحق. دولة قطر كانت الأسرع في الإدانة والاستنكار من بين الدول العربية، وبالرغم من أن دولاً أوروبية حذت حذو تركيا في استدعاء السفير الصهيوني احتجاجاً على القرصنة الصهيونية التي نفذت مجزرتها ضد قافلة الحرية في المياه الدولية إلا أن الدول العربية بما فيها تلك التي لها علاقة مع الكيان الصهيوني تأخرت في إعلان موقفها، ربما كانت تنتظر الإذن وهنا علينا أن نقدر ونراعي فارق التوقيت! الإدارة الأمريكية من جانبها لم نر منها ولو موقفاً متواضعاً يعبر حقيقة عن بغضها للإرهاب، ولم نر دمعة واحدة من دموع التماسيح التي تذرفها صباح مساء في (دارفور)، فهذه الإدارة فعلت من مسرحية عمر عبدالملك الغرائب والعجائب فيما هي دوماً تبرر وتدافع عن كل الجرائم والمجازر الصهيونية، مايجعل كل أحرار العالم يتسائلون: أين تقف الإدارة الأمريكية حقيقية من الإرهاب معه أو ضده؟! هذا الحصار المفروض على غزة اليوم هو صورة مصغرة لحصاد سيفرضه الكيان الصهيوني ومن وراءه على الوطن العربي كله، ذلك أن السياسة العربية ستقودنا إلى هذه الصورة من الحصار –لا قدر الله- وعلى الشعوب العربية أن تختار، إما أن نتحاشى الحصار الصهيوني القادم بثورة تقود التغيير داخل الوطن العربي وإما أن تهيئ نفسها لحصار جائر ندفع به ثمن استسلامها لهذه الأنظمة وبالتالي ثمن المقاومة فيما بعد لذلك الحصار. للحزمي وبن شيهون والمسوري السلامة، ولشهداء وضحايا قافلة الحرية الرحمة والفخار، وللجرحى العافية والسلامة، ولفلسطين الحرية.