بين ال "فظائع" الصهيونية التي تدور بآليات هاشم عبد العزيز الدمار الجهنمية وبجرائم ضد الإنسانية تحت مظلة الحرب على الارهاب كانت خلال قرابة ستة عقود تستهدف فصولا من حرب الإبادة التي بدأت ضد المواطنين ومن ثم الوطنيين والقوميين واليساريين ومن ثم الإسلاميين الذين يواجهون العدوان ويقاومون الاحتلال والاستيطان ويتجذرون على حقوقهم وفي الأبرز أرضهم السليبة، وكانت آخر المخاتم -وهي على أية حال ليست الخاتمة- جريمة العدوان على قافلة السلام الإنسانية لفك الحصار عن غزة تحت ذريعة التصدي لجماعات وأعمال إرهابية. * وبين الفضائح العربية التي تداعت تحت مظلة التسوية بتنازل عن الحقوق وتواطؤ عن مواجهة الجرائم الصهيونية. قد تبدأ الأمور في مفارقة غريبة .. غير أن ما هو "مشترك" بين الفظائع والفضائح الولاياتالمتحدة الأميركية التي لا تكرس سياسة مزدوجة قائمة على دعم وحماية الكيان الصهيوني والضغط والابتزاز للأطراف العربية فحسب بل وعلى لعبتها وتلاعبها بأهم وأخطر قضية عرفتها الإنسانية في تاريخها المعاصر؛ هي تشريد شعب من أرضه وبقائه قرابة ستين عاماً في أتون حرب إبادة كانت محرقة غزة أحد تجلياتها الوحشية. * قد يبدو هذا الطرح من العموم المتكرر والمستهلك .. لكن يصير مناسبا في التساؤل: إلى متى باقية هذه المفارقة التي لا تستقيم مع الحقائق بما لدى العرب ولا تستقيم مع الحقوق التي تقرض اجتراح الوسائل والأساليب لاستعادتها بالكرامة والعزة التي تعلي هذه الأمة وتعيد هذا الكيان الى معياره باعتباره "حقيقة" استعمارية استنزف خداعه وتعرى أمام الإنسانية لا بجرائمه بل وجريمة وجوده؟
* ربما كان أنسب إجابة على السؤال المطروح بالتساؤل: هل كان الموقف العربي لوزراء الخارجية العرب في شأن العدوان الوحشي على قافلة الحرية التقط ما قدمه الحدث للقضية الفلسطينية خاصة ولقضايا الصراع العربي- الصهيوني ولقضية السلام في هذه المنطقة المنشود لعالمنا الدولي والإنساني بأسره؟ أم هوجاء تحت وطأة الإجهاض وفي الدوامة الأميركية ؟ * نعم قضية حصار غزة ومواجهتها إيجابية في إعلان وزراء الخارجية العرب وإن هي متأخرة .. لكن القضية الفلسطينية ليست في تهويد القدس ولا الاستيطان السرطاني في الضفة ولا في حصار غزة، بل هي في الاحتلال بوجوده وسياسته وجرائمه، أي أن الاحتلال بانتهائه وزواله بكل مترتباته هو الهدف لا ملاحقة أعماله وبالشكوى المذلة إلى حلفائه. * هنا .. قبل أن تجف دماء الضحايا سارع نائب الرئيس الأميركي إلى الإعلان عن حق إسرائيل فيما قامت به، وهذا ليس حماية لما حدث بل تشريع أميركي ل"إسرائيل" القيام بأفظع مما جرى من جرائم على الرفض والتجريم والإدانة لما ارتكبته قوات الاحتلال في حق قافلة الحرية الذي يتزايد دولياً وانسانياً ولا يستدعي الموقف الاميركي رفضا عربيا علنيا وعمليا ومن ذلك العمل على تقديم الجناة الصهاينة للمحاكمة الدولية؟ إن الغياب العربي مما جرى وتجاهل ما يجري من قبل الكيان الصهيوني بدعم وحماية أميركية سيكون ثمنه باهظاً.. باختصار، غير محتمل وغير مقبول، وهذا ما يجب أن تدركه الإدارة الأميركية.