مثّل رحيل الدكتور فضل الجبلي، خسارة تضاف إلى نزيف هذا البلد المكلوم، خسارة لأبرز أبنائها وأشهر جراح طب العيون في اليمن، وأحد رواد العمل الخيري والانساني في البلاد. ما إن اُعلن عن وفاة الطبيب الجبلي حتى امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بالنعي، والترحم عليه والدعاء له واظهار الحزن على رحيله، والاشادة بمواقفه وأعماله الخيرية ومساعدته للمرضى، ووقوفه إلى جوارهم وهمومهم.
يهتم بكل الناس
يقول عنه الصحفي رشاد الشرعبي في منشور له على صفحته في الفيس بوك، "لم اعرفه شخصيا ولم نلتق، عرفته من خلال حديث الكثير من الأصدقاء الذين كانوا يزوروه في منتداه الثقافي الاسبوعي، ..وقبل أن تحل كارثة المليشيا الحوثية على اليمنوتعز، كان والدي ووالدتي يتعالجان في مستشفاه، قلت لوالدي الذي أجرى له عملية إزالة مياه بيضاء أخبره انك والدي وهو سيهتم بك، لكن ابي قال هو يهتم بكل الناس..
الناشط عبدالعزيز سرحان كتب قال في منشور على صفحته كان الدكتور احد عملاء البنك الذي اعمل فيه ، وكان يأتي إلينا ليسال عن رصيده فيرد عليه الموظف فيه كذا مليون، فيقول "حول كذا للجمعية الفلانية وكذا للمؤسسة الفلانية ... الخ"، مشيرا إلى أنه غالبا ما كان يصفر رصيده.
وأضاف جبل العطاء والخير أناخ اليوم بقافلة العطاء والبذل الكبير، آلاف الكفالات للأيتام والفقراء ، مئات الحكايات والمواقف ، لرجل غني كريم عطوف ، مئات البطون ان لم يكن ألالاف أشبعها عطاء هذا الرجل كلهم اليوم يترحمون عليه.
التفوق في الدراسة
ينتمي الدكتور الجبلي لقرية المسندة، مديرية دمت محافظة الضالع، تلقى تعليمه الابتدائي والاعدادي والثانوي بمحافظة تعز، بعدها تم ابتعاثه لدراسة الطب في الهند بجامعة "كلكتا" بدرجة ليحصل على درجة امتياز، ليعمل بعدها عام في طبيبا ريفيا في مدينة الراهدة بمحافظة تعز.
أكمل دراسته العليا في طب وجراحة العيون، حيث فاز باختبار القبول بامتياز في أشهر الجامعات الهندية وفي أسيا لطب وجراحة العيون (AIIMS)من بين جميع المتقدمين الاجانب في مدينة نيودلهيالهندية.
عاد الجبلي في 1995، إلى اليمن ومارس عمله في المستشفى الجمهوري بمدينة تعز، ثم أسس مستشفى الجبلي التخصصي لطب وجراحة العيون، الذي تحول إلى قبلة لكثير من المرضى من محافظة تعز ومن المحافظات المجاورة.
أشرف على علاج ملكة بريطانيا عرف البريطانيون براعة الدكتور الجبلي واتقانه لعمله، فاستدعوه ضمن فريق طبي للاشراف على حالة الملكة، في حين، ومع الأسف، لا نعرف نحن كيمنيين كوادرنا ونخبنا إلا بإعلان وفاتهم ورحيلهم عن الحياة، كما حدث ويحدث مع كثير من عباقرة هذا الوطن المغلوب على أمره، ليس آخرهم الدكتور فضل الجبلي.
ففي العام 2009، تقريبا عاد الدكتور فضل الجبلي من بريطانيا، حيث كان ضمن تسعة أطباء أشرفوا على حالة الملكة البريطانية اليزابيث الثانية.
وفي تصريح للصحوة نت قال الصحفي تيسير السامعي الذي سمع الدكتور فضل وهو يتحدث عن المهمة التي قام بها وعندما طلب منه أن يكتب خبرا حول الموضوع رفض ذلك، مضيفا أنه لم يتذكر الوقت بالتحديد لكنه أكد أنه في العام 2009.
رمضان موسم للتجارة والتربح
عمد الفقيد الجبلي على أن يحول شهر رمضان موسما للتربح المضاعف، فاستغل حاجة الناس ليتاجر بها مع الله، فعمد على أن يجعل شهر رمضان شهر للرحمة والتراحم، وجعله موسما سنويا لتخفيض 50% من تكاليف العمليات الجراحية، فقد كان معظم المرضى يستغلون هذا العرض وينتظرونه فيتقدمون بالمئات طلبا للتطبب خاصة ذوي الدخل المحدود. يقول أحدهم إنه بسبب الازدحام لم يكن المستشفى ليستوعب ذلك العدد ويجري كافة العمليات خلال الشهر الكريم، فيتم اجراءها بعد شهر وربما أكثر، لأنهم حصلوا على فرصة المعاينة في رمضان. يصفه الناشط محمد اللطيفي بأنه لم يكن مجرد طبيب فحسب، كان مثقفا ومهتما بالفكر، ففي الوقت الذي كان مستشفاه مفتوحا دوما مع عناية خاصة بالمحتاجين، كان منزله واحة للنقاش الفكري والثقافي والسياسي، مضيفا سافرت روحه للسماء، تاركا وراءه دعوات المرضى، ومحبة الكثير من عشاق التنوير".