لم يتوقف الإعلام عن أخبار استعدادات حثيثة لبعض الألوية لشن حرب جديدة في عدن، تستهدف المدينة ومواطنها المنهك واستقرارها الذي لم يطمئن بعد منذ حرب تحريرها من مليشيات الحوثي في 2015م. الحديث المتواصل عن خوض إشعال حرب جديدة يجعل الشرعية والموقف السياسي لتحالف بقيادة المملكة هو الهدف الأول، فيما لا تعليق حكومي تظهر فيه الدولة وسلطاتها المعنية، وكأننا بلا سلطة ولا حكومة ولا دولة. نجزم أنه لن ينجح تجار ومقاولو الحروب في تنفيذ أي صفقة للموت في عدن، فعدن أصبحت عصية، وقد نضجت بطريقة تستطيع فيها أن تعرف ما ترمي له مثل هذه التعبئة والشحن، لكن إثارة الأحقاد والتعبئة والشحن المناطقي وخطاب الكراهية وما إليه من هذا الخطاب السياسي والإعلامي، هو وحده كارثة لا يقل خطورة عن كارثية الحرب. مما يزيد الأسف والألم، أن يتدفق هذا الخطاب فيما أحياء عدن ما تزال تعاني من آثار حرب التحرير في 2015م وحرب يناير 2018م. طبول تدعو للحرب، وضجيج ذميم لا يكترث لمشاريع الحياة والعيش الكريم.. عدن تفتقد لسبل العيش، تفتقد للتعليم، لمناخات الاستثمار.. شباب عدن يحتاجون لفرص عمل، لفرص الحياة والعيش الكريم.. عدن مهد العلم وأرض المدارس والمعاهد والجامعات لا ثكنات التشكيلات المسلحة خارج مؤسسات الدولة.. من حقنا أن نرى عدن مرة أخرى حاضنة لطموحات الشباب، وأن يجد الشباب فيها مراكز الثقافة، وملاعب الرياضة، ومظاهر الأمن، وبواعث الأمل، وملامح الحياة المطبعة، لا مؤشرات الفوضى والخراب والدمار.