"ذي ما يتبردق ما يتبندق"، بهذه العبارة أجابنا طفل لا يتجاوز عمره الخامسة عشر عندما سألناه عن سبب تعاطيه مادة "الشمة" في هذه السن المبكرة. قال "للصحوة نت": "تعلمت تعاطي الشمة في الجبهة قبل ستة أشهر، وبدون علم أهلي"، وتابع بشكل هستري "أصبحت كالروح لا تفارقني ولا تفارق جيبي". "الصحوة نت" تسلط الضوء على ظاهرة تعاطي "الشمة" المنتشرة في صفوف جماعة الحوثي رجالاً واطفالا، بل حتى النساء الحوثيات اللاتي قلما تجد إحداهن لا تحتفظ بمادة "الشمة" أو ترفع لثامها لتقذف السائل كريه المنظر، من فمها بعد انتهاء مفعوله!! ثقافة الإدمان قبل انقلاب سبتمبر 2014، كانت "الشمة" محصورة فقط على بعض كبار السن أما اليوم، كما يشير المواطن "هادي الصغير" بأنها منتشرة بالذات بين الأطفال بشكل كبير، والفضل كالعادة يرجع إلى ميليشيات الحوثي التي شجعت هذه الثقافة وعملت على نشرها إلى أبعد مدى، من خلال المراكز الصيفية التابعة لها والدورات الثقافية والتي تساهم في نشرها من خلال اختلاط المواطنين بالحوثيين الذين يتعاطونها بشراهة. وصل الأمر إلى حد تأليف القصائد التي تمجد هذه المادة السامة وتحث على تعاطيها كما يقول الصغير. ويؤكد الطفل أنس 13 عاماً أنه يشعر بالسعادة والنشوة عندما يضع مسحوق الشمة في فمه، ويؤكد أن من وصفهم "بالمجاهدين" كلهم يتعاطونها ولهذا السبب هم لا يخافون الموت. أما الشاب "حسين" 20 عام، فيعتقد أن تناول الشمة والقات "الصعدي" يهون عليه أزيز المدافع والطائرات في جبهة نهم الذي عاد منها قبل عام، ويضيف: "كان سيدي أبو شهيد يأمرنا بتناول الشمة بكثرة من وقت لآخر". خليط المخدرات.. من جانبه، يسمي "أبو نصر"، وهو مراهق في السابعة عشرة من العمر، الشمة "بتراب الجنة"، ويؤكد أنه لن يقلع عن تعاطيها حتى لو ضربه والده واخوته الكبار، وعندما أكدنا له أن تراب الجنة من مسك وزعفران وليس من شمة، هز رأسه قائلاً: "الزعفران هذا يحطوه فوق الرز"!! يقوم قادة الميليشيات بخلط الشمة الخام بمواد منبهة ومخدرة بدون علم من يتعاطونها، فقد أثبتت فحوصات أجراها أطباء محليون على بعض الحوثيين العائدين من الجبهات، تعاطي أولئك للمخدرات والحشيش المخلوطة مع الشمة. وأكدت مصادر عسكرية "للصحوة نت" إن بعض الأسرى أو المنشقين من الحوثيين افادوا بأن الميليشيات تقوم بتجميع المجندين بعد استقطابهم داخل معسكرات تدريب أو بداريم تحت الأرض، وتوزع عليهم مادة الشمة ويلزمونهم بوسائل الترغيب على تعاطيها باعتبارها مؤشر على الرجولة، وبعد ذلك بعدة ايام يعطونهم الشمة ولكن هذه المرة مخلوطة بالمخدرات بدون علمهم، ويستمر تزويدهم بها لمدة تتجاوز أسبوعا، ثم يسمح لهم بعدها بالعودة إلى منازلهم، وهم يعرفون أن الإدمان سيعيدهم إلى المعسكر من جديد، و أن الشمة المخدرة إحدى أهم الوسائل التي تستخدمها جماعة الحوثي لإخضاع المقاتلين وابقائهم تحت السيطرة، ومن يتم أسره منهم في المعارك، يبكي ويتوسل بشدة للحصول على تلك المادة. وتشير الدراسات الطبية، بأن تعاطي مادة الشمة يؤدي إلى الإصابة بأمراض مختلفة، أبرزها سرطان الفم واللثة، وهو أكثر السرطانات انتشاراً في اليمن حالياً. وتؤكد دراسة أعدت قبل سنتين في قسم جراحة الفم والفكين، في مستشفى الثورة العام في صنعاء، أن أكثر من 90% من حالات الإصابة بسرطان الفم بسبب تعاطي الشمة. يؤكد طبيب الأسنان الدكتور فهمي الشميري"للصحوة نت" بأن جيلاً كاملاً سينمو وهو يحمل بذور السرطان في داخله بسبب تعاطيه هذه المادة. ويعمل الحوثيون على نشر ظاهرة تعاطي الشمة بشكل لافت وخصوصاً في المدارس كما أشار الأستاذ نبيل الريمي بأن الكثير من الطلاب الصغار يتم ضبطهم وفي حوزتهم الشمة. ويضيف: "لم يسبق لي أن شاهدت ادمانا جماعياً في صفوف الأطفال كما أشاهد اليوم، الأمر خطير جداً، فهؤلاء هم أمل هذه البلاد ومستقبلها".