* تمثل عملية استهداف الجيش الوطني في مارب قبل ليلتين من كتابة هذا المقال ، والذي خلفت اكثر من مائتي شهيد وجريح دلالات بالغة في السوء ومعاني التوجهات الإقليمية وبؤرة الإهتمامات العالمية ذات النزوع الأمني..فماهي !؟ - إن ضرب الجيش الوطني واستهدافه هو في حقيقته ضرب لإرادة التوجه اليمني ، سياسيا وأمنيا في استعادة الدولة ؛ حيث ضرب الجيش هو ضرب لتلك الإرادة ، وصولا إلى ضرب معنى ومبنى الدولة في القلب، ناهيك عن إرادة التوجه بضرورة استعادتها، اضافة إلى ضرب الثقة ؛ ثقة الجيش في ذاته، وثقة الشعب في جيشه؛ فبقدر ما يمثل الجيش يد الشعب الطولى بقدر ما يتمثله الشعب كذخر استراتيجي له ومن أجله وأهدافه المركزية ، وبالتالي فأي جيش هو الركيزة الأساسية وعماد الدولة الذي لا تقوم وتتحقق الا بوجوده ومن خلاله ابتداء. - علاوة على ما سبق فإن استهداف الجيش في مارب تبعا لما تمثله مارب من قوة ارتكاز في مقارعة المشاريع العدمية الإنفصالية والممزقة لوحدة اليمن الوطنية ، او تلك المتدثرة عباءة الإنقلاب الحوثية فإن الجيش ووحدته وتوجهاته نحو استعادة اليمن من براثن تلكم المشاريع الموبوءة يمثل تحد لكليهما، لذا فإن الإستهداف يشي بتلك العلاقات المشبوهة -ولو من زاوية التخادم غير المباشر- فالجيش ومارب كمكان وزمان وحدث يضادهما ومن إليهم ككل. أي أن استهداف الجيش كان ضرب للحمة الوطنية والإرادة السياسية والشعبية التي تناوئ تلك المشاريع الإنفصالية والسلالية البغيضة معا. اذ يمثل الجيش ووحدته تحد رئيسي ومباشر للحوثية والإنفصال معا، ناهيك عن معنى ومبنى وجود الدولة في مارب كمكان وزمان ودلالة وحدثا وجوديا، من حيث وجودها كذات وشيئ ، اذ تعتبر هزيمة نفسية ومعنوية للحوثية كما للإنفصالي، وانتفاء وجود الجيش ومارب كمكان ودلالة معناه انتصار معنوي ونفسي لهما معا. - وعليه فإن حادثة استهداف الجيش الوطني في مارب تلقي بضلال تحول استراتيجي ؛ الخيط الناظم لهما هو ضرورة تفكيك عرى هذا الجيش عبر تشويهه أولا، وبث الإشاعات ثانيا، وثالثا عبر ضرب الثقة بنفسه ونزعها منه عبر هز ثقة الشعب به، وصولا إلى تصفيته مباشرة من خلال مادته ومورده الأول والمؤسس لتلك الثقة والمعزز لذلك التوجه "الإنسان" ، كونه المعيق الأساسي والعقبة الكؤود امام انتاج معادلة "يمنان" شمالي وجنوبي بجيشين"=ميليشيات" مختلفين في عقيدتهما وتوجهاتهما وولائهما والمتحكمين بهما ايضا، خصوصا وأن مشاريعمها المتعفنة تلك تمر عبر تدمير الدولة كمعنى ووجود وذات وقوة ، ولا سياسة لجعل سياسة مشاريعمها البغيضة تلك الا عبر اجتراح تلك السياسة اصلا. اذ الدولة ذاتها والنظام عينه ، والجيش وعقيدته ووحدته الوطنية نفسها يمثل عامل الإعاقة لهما ومشاريعهما التمزيقية تلك. * ومثلما اصبح الجيش الوطني يمثل قوة ردع ومحو لهكذا مشاريع قاتلة ، فقد اضحى يمثل تحديا لقوى اقليمية ودولية تقاسم تلك القوى الداخلية"=الحوثية والإنفصالي" ذلك التوجه ، بل وهي من تقف ورائهما من اساسه، والتي تسعى لفرض تسوية سياسية -بعد خلق وتهيئة الأرض والنفسية اعني- ووفقا لمعطيات "محلية /داخلية" شمالا وجنوبا ، خارج معنى ومبنى الشرعية(=شرعية الدولة)، ومعانيها السياسية ومضامينها الإجتماعية ، وأساسها القانوني وشرعيتها الدولية وشخصيتها الإعتبارية وإرادتها الحرة، أي خارج ما هو متعارف عليه "الجمهورية اليمنية" ككل. وتكريس ذلك يكون في العقل والوجدان اليمني والإقليمي والدولي ، وبالتالي خلق تسوية سياسية بالضد من مصلحة اليمن واليمنيين ارضا وانسانا، دولة ومجتمعا، كما هي بالضد من حقيقة التاريخ والجغرافيا برمتها. - يعزز من ذلك تقاطع المصالح بين القوى الفاعلة اقليميا ودوليا سيما تلك المتدخلة في الصراع في اليمن بشكل مباشر وصولا إلى غير المنخرطة بطريقة غير مباشرة ؛ حيث ترى بعض تلكم القوى الفاعلة أن اساس اعادة الإستقرار وانهاء النزيف الدموي والإنساني في اليمن ، وحالة الإحتراب فيه، يمر عبر تقسيمه، ابتداء من تغيير عقيدة الجيش واهدافه وبنيته وتسليحه ، مرورا بتغيير عقيدته الوطنية ، واستقلال إرادته، وسيادة اليمن التي يتمثلها، وصولا إلى حقه في استعادة الدولة ، وحرية اليمن وترسيخ أمنه واستقراره. - سيما في ظل نظام دولي وإقليمي يمر بحالة سيولة ولدونة أمنية وسياسية من حالة عدم استقرار وتشكل وحتى توجه ، خصوصا ومفاهيم الأمن الوطني اضحت إقليمية وتتجه نحو ذوبان مفهوم الأمن والسلم الدوليين من حالتها الراهنة "=بعدها الدولي" ودخول ذلك المفهوم في طي الإقليمي كناظم للعلاقات الدولية ومرجعية القرار فيه وعوامل القوة ، وعلى اساس أن النظام الإقليمي سيحل محل الدولي ويصبح في سلطة المعنى له والمعني به، أي اتجاه التحلل للنظام الدولي وصعود الإقليمي مكانه ، وبم يشتمل على ذلك من تعددية إقليمية"=دولية" ، حيث الأقلمة هي الفاعلة دوليا، كما ستحدد الفاعلين دوليا من خلال الأقليمية تلك مستقبلا، وبم ينتج ويفضي إلى أقاليم فاعلة ذات صبغة دولية متعددة ، نظاما وقوى وتوجهاتا وايدلوجية وأمنا ككل. - وعليه فاليمن الواحد والموحد والمستقر يمثل حجر الزاوية في حالة التوجهات الإقليمية وسيولة القوة والقوى الفاعلة اقليميا ودوليا وفي اي اتجاه كان وإلى أي درب أفضى ككل؛ حيث أن موقع وجيواستراتيجية اليمن وتاريخانيته وقوته وضعفه ككل محدد رئيسيا وعامل بناء ومهم وحيوي لدرء مخاطر التوجهات الإقليمية والدولية غير العربية ابتداء ، وانتهاء عامل مركزي وفاعل وحاسم في خلق توجهات عربية أمنية وذات نفس إقليمي ودولي في خلق أمن إقليمي ودولي فاعل "=عربيا اعني"، فيمن موحد وواحد وقوي ومستقر ضمانة اكيدة عربيا لاتخاذ موقف عربي فاعل وقوي وملهم في تشكيل خارطة قوى اقليمية ودولية جديدة وليس العكس.