يستمر التخادم بين مليشيا الحوثي وفرق الاغتيالات في المحافظات المحررة وذلك من استهداف قيادات المقاومة التي كان لها السبق في مواجهة الانقلاب على الدولة، وتحاول الاغتيالات استهداف تماسك الجبهة الداخلية للمحافظة وإسكات كل صوت حر وكل شخصية اجتماعية مؤثرة تقف حجر عثرة أمام مشاريع الفوضى. وتستغل مليشيا القتل الفراغ الأمني لارتكاب جرائمها البشعة بحق قيادات المجتمع وبحق المواطنين بدم بارد، متناسية بأن الجرائم وعمليات القتل التي تقوم بارتكابها من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، ولن تكون في منأى من الملاحقة القانونية، التي ستقود أفراد عصابتها يوماً ما إلى حبل المشنقة. محافظة الضالع من المحافظات التي شملها مخطط الاغتيالات الذي تقوده عصابات القتل لاستهدف القيادات المجتمعية في المحافظة بشكل خاص، والمواطنين بشكل عام، وآخر هذه الجرائم جريمة اغتيال الشخصية الاجتماعية والقيادي في حزب الإصلاح عبد الرقيب قزيع، التي هزت محافظة الضالع، وبما انها لم تكن الأولى يبدو انها لن تكون الأخيرة في ظل الفوضى الأمنية وتقاعس الجهات الأمنية في ملاحقة المجرمين وتعطش عصابات القتل للدماء مقابل حفنة من الريالات. لم تستهدف عملية الاغتيال الشهيد قزيع فحسب وإنما استهدفت المقاومة واستهدفت أمن واستقرار المجتمع في المحافظة، وما لم تقم الجهات الأمنية والسلطة المحلية بواجبها فإننا سنشهد المزيد من الفوضى وسقوط الأبرياء على يد عصابات الإجرام. ويعد عبد الرقيب قزيع هو القيادي الثالث من قيادات الإصلاح التي تستهدفها مليشيا الإجرام والقتل، وسبق وأن استشهد الإعلامي والقيادي في الإصلاح زكي السقلدي بعملية اغتيال في 5 أكتوبر من العام 2018م كما استشهد القيادي في الإصلاح خالد غيمان بعملية إغتيال مشابهة في 25 يوليو 2019م وشملت جرائم الاغتيالات محمد الهاشمي، وجمال مقبل وآخرين. عملية الاغتيال قوبلت باستنكار شديد من قبل المواطنين والأحزاب السياسية معبرين عن استياءهم الشديد من الفلتان الأمني التي تشهده المحافظة، وأبدوا تخوفهم من أن يؤدي ذلك إلى المزيد من استهداف حياة الأبرياء. المرصد الأور ومتوسطي لحقوق الإنسان أدان عملية الاغتيال، مؤكداً بأن الجريمة حلقة جديدة ضمن مسلسل التدهور الأمني بالغ الخطورة في اليمن، في غياب واضح لدور السلطات الأمنية، وإجراءات الملاحقة القضائية. وأشار في بيانه إلى أن تكرار عمليات الاغتيالات -وتحديدًا في محافظات جنوبي البلاد- وسط التقاعس المحلي في إجراءات المساءلة وكشف وملاحقة الجناة، يشجّع العصابات الخارجة عن القانون على تكرار تلك العمليات في ظل غياب الرادع القضائي والأمني. الحزب الاشتراكي اليمني أيضا أدان الجريمة وعبر عن قلقه من تردي الحالة الأمنية في محافظة الضالع التي تشهد تراجعا مخيفا يوما بعد اخر، محذرا من أن استمرار هذه الأوضاع التي ستقود المحافظة إلى منزلق خطير وغير مسبوق. وسبق أن طالبت الامانة العامة للإصلاح بتشكيل لجنة تحقيق من الحكومة والتحالف لكشف ملابسات ملف الاغتيالات التي تستهدف قيادات وأعضاء الحزب وعرضها للرأي العام. وعبر الإصلاح عن استنكاره وأسفه البالغ من استمرار مسلسل الإرهاب الذي يغتال بشكل ممنهج وشبه يومي المصلحين والمقاومين الذين كان لهم قصب السبق في مقاومة الانقلاب الحوثي. وشدد على ضرورة ملاحقة القتلة والقبض على المجرمين وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع لا سيما وأن هذه الأعمال الإجرامية قد تكررت بشكل لا يوحي بأنها أحداث عارضة. ويعد الشهيد قزيع الذي كان مديرا للغرفة التجارية بالضالع أحد القيادات الاجتماعية التي تحظى باحترام شعبي واسع وحضور متميز وعلاقات طيبة، وشكل اغتياله فجيعة هزت المدينة وملأتها بالحزن والوجع.