ناطق الإصلاح: وجود السعودية في هذا المستوى والحضور الدولي يضمن للمنطقة موقعًا فاعلًا    غداً... انطلاق بطولة غرب آسيا للجودو في عمّان بمشاركة يمنية    قبائل الشعر في إب تؤكد الجاهزية لمواجهة أي تصعيد    غداة مجزرة عين الحلوة... العدو يشن غارات على بلدات جنوبية    نزول ميداني للرقابة على الأسواق والمخازن التجارية في صنعاء    العراق يستفيد من نتائج القارات ويخوض مباراة واحدة في الملحق العالمي    نقابة نفط عدن.. تداعيات التغيير وحق العاملين النقابي    مدينة الوفاء والسلام المنكوبة    تنفيذية انتقالي حضرموت تعقد اجتماعًا استثنائيًا وتقر تنظيم فعالية جماهيرية كبرى بمناسبة ذكرى ال30 من نوفمبر    حملة تغريدات بعنوان "القبيلة .. درع اليمن وجيشه الشعبي في مواجهة الغزاة"    العلامة مفتاح يشيد بالمشاريع الكبيرة لهيئة الزكاة    مكافحة الفساد تتسلم إقرارات عدد من أعضاء ومدراء هيئة رفع المظالم بمكتب رئاسة الجمهورية    تنافس قوي على رئاسة الإعلام الرياضي بعدن    رودريغو: نحن نملك هوية واضحة مع انشيلوتي    مسؤول بريطاني ل"الصحوة": نسعى لتعزيز الشراكة مع اليمن لمواجهة التهديدات    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة مدير عام مكتب الضرائب بالمحافظة أنيس درويش العزيبي    رئيس هيئة حقوق الإنسان يناقش مع رئيس مركز عين الإنسانية آليات الشراكة وتعزيز العمل الحقوقي    الأمين العام للانتقالي يلتقي ممثل هيئة الأمم المتحدة للمرأة ويؤكد دعم المجلس لدور المرأة الجنوبية    الوزيران السقطري والوالي وممثل الفاو يتفقدون المشاريع الإنشائية في المجمع الزراعي بعدن    الرئيس المشاط يهنئ سلطان عمان بذكرى العيد الوطني    المستحمرون الحضارم كما يراهم إعلام بن حبريش    مصر توقّع غداً أمر شراء الوقود النووي بحضور السيسي وبوتين    عودة جناحي برشلونة امام بلباو    انقطاع كهرباء لحج يتجاوز نصف شهر: غضب شعبي واتهام "حكومة الفنادق" بإيذاء الناس    برشلونة ينجح في الحصول على موافقة "اليويفا" للعودة الى كامب نو    قوات النجدة تضبط 10 الاف حبة مخدر بعمليات نوعية بالحديدة    رئيس سياسية الإصلاح: العلاقات اليمنية الصينية تاريخية ممتدة وأرست أساساً لشراكة اليوم    الهيئة العليا للأدوية تختتم الدورة التدريبية الثالثة لمسؤولي التيقظ الدوائي    مهرجان "إدفا" ينطلق من أمستردام بثلاثية احتجاجية تلامس جراح العالم    الأقمار الصينية تثير قلق أمريكا كسلاح محتمل والصين تنفي أي مخاطر    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    الذهب يتراجع مع صعود الدولار    مليشيا الحوثي تحتجز جثمان مواطن في إب لإجبار أسرته على دفع تكاليف تحقيقات مقتله    عملية نوعية في مركز القلب العسكري    خطوة تاريخية للأسطورة.. رونالدو في البيت الأبيض    بعد 28 عاما.. النمسا تعود إلى كأس العالم    مطالب جنوبية بتعليق العمل السياسي فورًا والعودة فرض قبضة أمنية كاملة    ترامب يصنّف السعودية حليفاً رئيسياً من خارج الناتو خلال زيارة بن سلمان لواشنطن    عن الجبهة الوطنية الجنوبية العريضة    تفاصيل اجتماع رونالدو مع الرئيس ترامب    الكاتب والصحفي والناشط الحقوقي الاستاذ محمد صادق العديني    قراءة تحليلية لنص"البحث عن مكان أنام فيه" ل"أحمد سيف حاشد"    التأمل.. قراءة اللامرئي واقتراب من المعنى    إلى عقلاء سلطة صنعاء…    الفريق السامعي يجدد الدعوة لإطلاق مصالحة وطنية شاملة ويحذّر من مؤامرات تستهدف اليمن    الإعلان عن الفائزين بجوائز فلسطين للكتاب لعام 2025    فريق أثري بولندي يكتشف موقع أثري جديد في الكويت    الحاكم الفعلي لليمن    مركز أبحاث الدم يحذر من كارثة    قراءة تحليلية لنص "عدول عن الانتحار" ل"أحمد سيف حاشد"    إضراب شامل لتجار الملابس في صنعاء    إحصائية: الدفتيريا تنتشر في اليمن والوفيات تصل إلى 30 حالة    مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه ل " 26 سبتمبر " : التداعيات التي فرضها العدوان أثرت بشكل مباشر على خدمات المركز    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    الأمير الذي يقود بصمت... ويقاتل بعظمة    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثوري الواسعي في الخالدين
نشر في الصحوة نت يوم 06 - 04 - 2020

أنعى لكم اليوم التاريخ والثورة والمقاومة والإصلاح والقومية واليمين واليسار واليمن والعروبة، أنعى لكم "الحاج علي من ذمار" رجل بسيط لم يفعل في حياته شيئا سوى أنه؛ كان أحد الثوريين الإصلاحيين المشاركين في ثورة 17 فبراير 1948 العظيمة - والتي يسمها الكثير بالفشل لأنها لم تستطع أن تحول سلطة الكهنوت السلالي من ملكية استبدادية ظلامية إلى ملكية دستورية إصلاحية مع أنها أطاحت بإمام الكهنوت السلالي مثل ما رسمت في أهدافها - واشترك في المقاومة الشعبية العربية في القاهرة ضد العدوان الثلاثي على جمهورية مصر العربية، ثم شارك في ثورة 26 سبتمبر 1962 واحد الجمهوريين الذين صاغوا أهدافها المكتوبة، كما لم تفته المشاركة مع المتطوعين العرب من دمشق عام 1967.
الرجل الذي زار أوروبا وكان له موقفا من الحداثة العربية المنسوخة نصا وروحا عنها، وزار أميركا وإندونيسيا وباكستان مدونا رحلاته تلك، مات اليوم في عاصمة الفاتح إسطنبول عن 90 عاما قضاها في الثورة اليمنية والمقاومة العربية مقارعا للرجعية والاستعمار، نشر الوعي ودافع عن صنعاء أيام حصار السبعين، عبر إذاعة صنعاء كتب تعليقات على الأخبار إبان الحصار، وكتب وقدم برنامج أضواء على الدستور وبرنامج جريدة الصباح وبرنامج الأسرة.
الرجل الذي عاش ثوريا مقاوما في مجتمع مثقوب الذاكرة لابد أن يصاب بالإحباط والاكتئاب الذي غالبا ما يصيب الثوريين، عندما غاب وعي الجماهير ظن أنه فقد وعيه وجن؛ فالوعي السياسي اضمحل وصارت القوى الوطنية مشغولة عن النهج الثوري ودخلت في صراع أيديولوجي عدمي، الثورة اليمنية لم تحقق أهدافها. لذا اعتزل الواقع فترة وحق له أن يفعل حتى يجد نفسه، لا أدري إن كان يعلم بأن الثورة والمقاومة فعل جنوني - وإن أتسم بالوعي المكثف - أم لا؟
أنت تصارع لأجل العدالة والحرية في مجتمع وصل إلى مراحل متدنية من التخلف بسبب العزلة ونظام السلطة الأفشل عربيا في فترة الملكية، ثم جاءت الثورة لتعيد المجتمع إلى الطريق الصحيح، وعندما كان يفترض أن تتحقق أهداف الثورة ذهب المجتمع خلف ساسة حمقى اشعلوا الصراعات بينهم بينما عدو اليمن واليمنيين المتمثل في القوى الإمامية - أو ما نسميه بالهاشمية السياسية - تتغلغل في مفاصل الدولة والمؤسسات المدنية والعسكرية والحزبية، كل شيء أذاً يدعو للجنون، وجنون الثوري ليس إلا تأملاً وهروباً إلى الحرية فكانت "تأملات مجنون" شاهدة له وعليه وعلى المجتمع.
لابد من إعادة الناس للصواب، والصواب من وجهة صاحبنا ليست سوى الحرية فكانت "الطريق إلى الحرية" دعوة عارمة إلى العودة لفهم الثورة اليمنية عن طريق جمع ونشر مذكرات أحد أدق وأصدق رجالتها وهو الثوري المتجرد "العزي صالح السنيدار".
لم يكتف بذلك فوخز الضمير اليمني عبر عموده المشهور في الصحوة، وفي مرحلة متقدمة من عمر الثورة أنشأ مجلة الإرشاد حذر من الإلحاد وانتشاره كجريمة وكفعل مستتر لعصابات الإمامية التي رأت فيه طريقا للعودة إلى السلطة، وعندما عاود الظلام حصار الفجر ترأس تحرير مجلة النور، سائراً على خطى الثوار الإصلاحيين الأوائل الذين لم تغب مفاهيم الثورة عنهم.
التقيته مرتين وفي أحدهما صافحته لم أكن أعرفه شخصيا لكن صورته محفورة في الوعي، هو إذا الرجل الشايب الذي يضع "الصماطه" اليمنية على كتفيه، الهدوء بلون الفضة يشع من وجهه.
مع أن الثورة هي أهم منجز أسهم في تحقيقه، إلا أن القلق لم يفارقه لأسباب كثيرة أهمها ما علق بالثورة مما ليس منها، وعدم تنقيتها من الشوائب لم يكن سهلا، فالتبعية مناقضة لكل أهداف الثورة، ولذا لابد من الوعي الذي يقتلع التبعية ويخلص المجتمعات من شرورها.
ليس من السهل على من أسهموا في القضاء على الإمامة أن يروا انتكاسة الجمهورية والدولة اليمنية على أيدي عصابات الهاشمية السياسية المدعومة إقليميا وإيرانيا ودوليا، وليس من السهل على "ابن أنس" أن تختطف صنعاء أمام ناظريه، وأن ينتكس المجتمع وبعض قواه ويعودوا لحضن الإمامة طواعية أو نِكايَةً وغَبَاءً وجهلاً بكل قواعد الاجتماع والسياسة والتاريخ والفكر.
إن كثافة الحزن في وجه فقيد اليمن والعروبة لم تأت من فراغ، كيف تضيع البلد وتغرق المنطقة في ظلام الهمجية من جديد، وكيف بحركات تأسست ثورية وانتهت ملكية، إن عودة الظلام مؤذنة بخراب كبير، وعاصفة " لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ".
لفقيد الوطن والصحافة الراحل الواسعي رحمه الله بذور وعي زرعها في ربوع اليمن الكبير كفيلة بإزاحة ستار الظلام السلالي من جديد كما أزيح أول مرة، فلا يأس ولا حزن بل وعي وعمل ثورة ومقاومة حتى إزاحة الغمة عن وجه السعيدة.
تعازينا لأهله وذويه ومحبيه وللعقل اليمني وللأسرة الصحفية وكل الثوار وعشاق الحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.