في هذه الأيام، يعمل النظام الإيراني بأقصى طاقته لانتزاع اليمن واستكمال الهيمنة الإقليمية على منطقة الخليج. تخطط إيران وتنفذ أدواتها في صنعاء وعدن فكرة التمزيق والتفكيك بحيث يذهب الحوثي بالشمال ويذهب الانتقالي بالجنوب، وتذهب اليمن شمالا وجنوبا إلى الحضن الايراني. حاليا، بات الوضع في اليمن هو المحور الأهم في معادلة التوازن الإقليمي، فمستوى استقرار أمن الخليج العربي يتحدد تبعا لما يجري في الجوف ومأرب وأبين والبيضاء من تطورات عسكرية وسياسية. يأتي ذلك بعد أن أدت التطورات في سورياوالعراق ولبنان لتعاظم النفوذ والدور الإيراني في المنطقة، وحدوث خلل كبير وخطير في معادلة التوازن الإقليمي، وهو ما أدركته المملكة العربية السعودية التي تعمل منذ انطلاق عاصفة الحزم على بذل المزيد من الجهد لدعم اليمن واستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب المدعوم من طهران. لا شك أن غياب اليمن عربيا واستقطابه إيرانيا سيغير معادلة توازن القوى الإقليمي لصالح طهران ويوفر لها إمكانية كبيرة للهيمنة، ويجعل من الدول الخليجية منطقة محاطة ببلدان فاشلة تحكمها المليشيات العراقية والسورية واللبنانية والحوثية التي تعمل كوكيل حصري لخامنئي في سبيل تطويع المنطقة لنظام ولاية الفقيه. في الظرف الراهن يمكن التأكيد بأن الحوثي هو أخطر أذرع إيران في المنطقة وبالقضاء عليه تكون طهران قد تلقت ضربة قاضية، وتفقد مليشياتها مصدر قوة كانت تراهن عليه وتحلم من خلاله بتحقيق أوهام السيطرة والهيمنة والاستحواذ. والحقيقة أن تأثير ما يجري في شمال اليمن على دول الخليج يعادل أثر ما يدور في جنوبه، وستكون تداعيات الأحداث الجارية في شمال اليمن وجنوبه عميقة الأثر على دول الجوار. الخليج العربي هو الأكثر تأثرا بما يجري في اليمن، ومن المؤسف أن تغيب حقيقة مهمة وخطيرة عن أذهان بعض مثقفي الخليج، كحقيقة أن اليمن في حالة تمزيقه لدويلات سيتحول إلى مهدد حقيقي لدول وشعوب الخليج، ومهما كانت مرونة المشاريع الشاردة كالمجلس الانتقالي تجاه الأشقاء في المملكة، إلا إن إيران ستستخدم هذه القوى في أي لحظة كأدوات مساندة وداعمة لمليشيا الحوثي للانقضاض على الدول المجاورة. ما هو مؤكد أن تقسيم أي بلد عربي إنما يخدم إيران ويهدد العرب، وجميعنا يتذكر كيف عبرت دول مجلس التعاون الخليجي قبل سنوات عن خشيتها من إمكانية تقسيم العراق إلى دويلات موزعة في الشمال والجنوب والوسط العراقي. وكيف اعتبرت المملكة العربية السعودية تقسيم العراق يهدد أمن المملكة والدول المجاورة، وكذلك قطر والكويت. إيران تجهد وتجتهد لإنشاء تحالف إقليمي من خلال نفوذ التجمعات الشيعية في الدول العربية وتثويرها ودفعها للانخراط في سياق المشروع الشيعي العالمي، بالتوازي مع نشر التشيع في الأوساط العربية لإيجاد ضغط أكبر على الدول والأنظمة الحاكمة. ويتعين على اليمنيين وأشقائهم في الخليج إدراك أن استعادة الأمن في اليمن والتوازن والاستقرار في الإقليم يكون بالقضاء على الانقلاب الحوثي ودعم الدولة اليمنية الاتحادية التي تتخطى الحواجز والفواصل المناطقية والطائفية لتلبية حاجات الوطن وبناء مؤسساته العادلة وضمان الاستقرار والسلام في الداخل ومع دول الجوار.