تفاعل وحضور جماهيري في أول بطولة ل "المقاتلين المحترفين" بالرياض    الحوثيون يجرون تدريبات بالذخائر الحية لطلاب المراكز الصيفية في صنعاء    الحوثيون يطيحون بعدد من كوادر جامعة الضالع بعد مطالبتهم بصرف المرتبات    الحوثيون يفتحون طريق البيضاء - مأرب للتنصل عن فتح طريق مأرب - صنعاء    الشرعية على رف الخيبة مقارنة بنشاط الحوثي    قوات دفاع شبوة تضبط مُرّوج لمادة الشبو المخدر في إحدى النقاط مدخل مدينة عتق    ضربة موجعة وقاتلة يوجهها أمير الكويت لتنظيم الإخوان في بلاده    لحوم العلماء ودماء المسلمين.. قراءة في وداع عالم دين وشيخ إسلام سياسي    د. صدام: المجلس الانتقالي ساهم في تعزيز مكانة الجنوب على الساحة الدولية    سياسي جنوبي: أنهم ضد الاستقلال وليس ضد الانتقالي    "صحتي تزداد سوءا".. البرلماني أحمد سيف حاشد يناشد بالسماح له للسفر للعلاج ودعوات لإنقاذ حياته وجماعة الحوثي تتجاهل    الحوثيون يتحركون بخطى ثابتة نحو حرب جديدة: تحشيد وتجنيد وتحصينات مكثفة تكشف نواياهم الخبيث    "حرمة الموتى خط أحمر: أهالي المخا يقفون بوجه محاولة سطو على مقبرة القديمي"    تعرف على نقاط القوة لدى مليشيا الحوثي أمام الشرعية ولمن تميل الكفة الآن؟    أنشيلوتي: فينيسيوس قريب من الكرة الذهبية    صباح (غداً ) السبت اختتام دورة المدربين وافتتاح البطولة بعد الظهر بالصالة الرياضية    الليغا .. سقوط جيرونا في فخ التعادل امام الافيس    أبرز المواد الدستورية التي أعلن أمير ⁧‫الكويت‬⁩ تعطيل العمل بها مع حل مجلس الأمة    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    وثيقة" مجلس القضاء الاعلى يرفع الحصانة عن القاضي قطران بعد 40 يوما من اعتقاله.. فإلى ماذا استند معتقليه..؟    25 ألف ريال ثمن حياة: مأساة المنصورة في عدن تهز المجتمع!    البدر يلتقي الأمير فيصل بن الحسين وشقيق سلطان بروناي    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    مبابي يودع PSG الفرنسي    محاولة اختطاف فاشلة لسفينة شرقي مدينة عدن مميز    وفاة وإصابة أكثر من 70 مواطنا جراء الحوادث خلال الأسبوع الأول من مايو    السلطات المحلية بالحديدة تطالب بتشكيل بعثة أممية للإطلاع على انتهاكات الحوثيين مميز    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    الذهب يتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ 5 أبريل    بسمة ربانية تغادرنا    جماعة الحوثي تعلن ايقاف التعامل مع ثاني شركة للصرافة بصنعاء    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    ثلاث محافظات يمنية على موعد مع الظلام الدامس.. وتهديد بقطع الكهرباء عنها    قارورة البيرة اولاً    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    متصلة ابنها كان يغش في الاختبارات والآن يرفض الوظيفة بالشهادة .. ماذا يفعل؟ ..شاهد شيخ يجيب    الدوري الاوروبي ... نهائي مرتقب بين ليفركوزن وأتالانتا    ولد عام 1949    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    هموم ومعاناة وحرب خدمات واستهداف ممنهج .. #عدن جرح #الجنوب النازف !    باذيب يتفقد سير العمل بالمؤسسة العامة للاتصالات ومشروع عدن نت مميز    دواء السرطان في عدن... العلاج الفاخر للأغنياء والموت المحتم للفقراء ومجاناً في عدن    لعنة الديزل.. تطارد المحطة القطرية    تضرر أكثر من 32 ألف شخص جراء الصراع والكوارث المناخية منذ بداية العام الجاري في اليمن    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و904 منذ 7 أكتوبر    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    امتحانات الثانوية في إب.. عنوان لتدمير التعليم وموسم للجبايات الحوثية    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ميونخ ويواجه دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في وداع "الشيخ يغنم".. يرتجف الحرف والقلب في محراب الكتابة
نشر في الصحوة نت يوم 21 - 12 - 2020

كانت السحب داكنة في زرقة السماء في مساء امس الأحد 20/12/2020 ، كحزن كوني، في وداع رجل من أهل الله "بلهجة القرويين" رحل مسجى ، ببياض سيرته وخاتمته ، بأناقة الزهد والورع والعلم والحكمة والوقار. والادب ، مغسولا بشآبيب الرحمة والمغفرة ، في تواضعه ، اتعب من بعده كل القادة ، وبلغة الساسة كان الاكثر حنكة ودراية. ودهاء ،وبلغة الادب ، كان كالمزن غزيرا المعنى ، في البيان والخيال يروي القلوب والعقول والارواح بفيوض عطائه العلمي والادبي والتربوي ، فسلاما عليك حياً وميتاً، يا ابا عبد المجيد.
انه الشيخ حسن الصغير حمود يغنم، الرجل الذي، رحل الى الله، نافضا الدنيا بيديه، بعد عمر حافل بالعطاء والتضحية والعلم والادب ، اشعل اول برلمان يمني بمداخلاته وجرأته وشجاعته وملاحظاته القانونية في سبر جلسات المجلس الوليد حين ذاك.
كان عالما ربانياً، وسياسيا من طراز فريد ، العالم الذي لا يهاب ولا يرتجف ولا يخشى في الله لومة لائم، ناصحا الجميع، منبرياً بين كل الصفوف، يقول كلمة الحق حين يصمت الآخرين، متحدثا بارعا تعرفه كل الساحات والحسود في مواطن الأدب والسياسة والثقافة، بشعره ومواعظه.
كان نعم القائد الاصلاحي وهو رئيس دائرة سياسية للإصلاح في الحديدة ، وحين صار أمينا لمكتبه التنفيذي، وحتى صار رئيسا له في آخر مؤتمر للإصلاح، في الحديدة، حتى وافته المنية، فهو ابن مديرية برع، سليل المتصوف عبدالرحيم البرعي ، ذائع الصيت ، عاش مجالسا علماء زبيد المراوعة الزيدية وتهامة قاطبة ، كانت ايهاب التصوف في شعره ولغته ،وروحه وابتسامته ، تصوف حياة لا ركود ، تصوف نقاء وحياة وعلم وعمل ونضال ودفاعا عن الحق والعدل والحرية واليمن.
كانت اللحظات قاسية وانا أرثيه ، واكتب بيان نعيه، وانا استقبل نبأ فاجعة رحيل علم من اعلام تهامة.. وقائدا اصلاحيا فريدا ، حين نعته الامانة العامة لحزب الاصلاح قالت بأن الاصلاح فقد " علما من الاعلام الميامين ، وقائدا من القيادات الابرار والنجباء ، ورجلا من الرجال الافذاذ الذين سخروا انفسهم في خدمة الوطن في مختلف الظروف والمراحل.
ومنذ البارحة، وأنا افكر كيف اكتب عن رجل ترتجف في حضرة الكتابة عنه الحروف والقلوب معا، استسلمت بعدها لأرق خواطري ، وحتى فجر اليوم ، استيقظ على رسالة ثانية ، سيتم تشييع الشيخ حسن يغنم في جامع الرضوان بمدينة مأرب.
هل فعلا غادرنا العالم الرباني حسن يغنم ،؟ ستبكيه القصائد والشعراء ، تلاميذه ورفاق درب نضاله الوطني ، رايت وقرأت في حدقات وكتابات الكثير من تلامذته ، في السوشيال ميديا ، حزنهم العميق ، لرحيل شيخ بحجم "يغنم"، العالم والاديب السياسي ؛ والقائد الاصلاحي ، الذي اتعب من بعده كل قادة الاصلاح ، في الزهد والورع والتقوى ليست تزكية ، فلا نزكي على الله احدا ، لكنها شهادة يؤكدها كل من رافق وعاش وجايل ، ابا عبدالمجيد.
رغم المرض الذي ألم به في الآونة الاخيرة ، يقابل الجميع ببتسامة غاصة بالإيمان ، مفعمة بالأمل والنصر ، لايفتر من قول النصائح وخواطرة نثرا وشعرا ، وحين انهكه المرض ، سقط مغشيا عليه ، وهو يؤدي ركعتي الراتبه لصلاة المغرب ، اسعف متوضئا ، يقول الطبيب المعالج ، كان حالة نادره ،من بين كل المرضى الذين استقبلتهم ، فرغم دخوله في جلطة دماغية ونزيف دماغي ، وصل الي مسبحا مستغفرا ، كنت اسمع تسبيحاته واستغفاره رغم الغيبوبة التي دخل فيها ، بقي لسانه رطبا بذكر الله ، يعلق الاستاذ احمد عفيف " حفاظ القرآن والذاكرين والعلماء هذه هي خاتمتهم" ، يفدون الى ربهم مكللين بالتسبيح والاستغفار ، اللهم ان كان بيننا وبين الموت مسافة طويلة فساعدنا كي نزرعها بصالح الاعمال ، وان كان بيننا وبين الموت مسافة قصيرة فلا تمكنه منا الا ونحن ساجد لك ، فما بين الصلاة والتسبيح اختار الله الشيح حسن يغنم ، ضيفا عليه ، اللهم اكرم نزله يا اكرم الاكرمين..
قبل أيام التقيته خارجا من مقر اقليم تهامة ، وحين لم يجد سيارة تتفله الى منزله ، كان على متن دراجة نارية ، خرج من بين العديد من السيارات بعمامته البيضاء ، وجبة وقاره، راكبا على متن دراجة ناريه ، بتواضع وارف . في مشهد ارتجف له الاسفلت ، قبل مشاعري ، كان يعبره مبتسما في وجه سائق الدراجة، مشاهد طالما رأيناه بها وهو متجه الى مقر الاصلاح في الحديدة او الى منزله في اكثر من موقف ومشهد
مشهد يفوق التصور ، فوق القلب ، فوق المشاعر.
لقد ارهق الجميع من بعده ، وهذا سبب بأن مثل هذه القدوات لا تُنسي .ولايغيبها الموت ، بل يعيدها سيرة وقيما لا تبارح ذاكرة الاجيال. الأمر أشبه بأن لا ينتهي المشهد اللافت لوقار رجل وعلمه وحضوره العلمي.والادبي والوطني والنضالي ، فتجده في قمة التواضع اذ يسقط الكثير في بهو الزهو الفارغ ، ومظاهر الزيف الخادع ، من الصعب أن يتساوى بنظرك كل شيء ، دون هذا استثناء الذي كان عليه شيخنا ابا عبد المجيد يغنم.
استدعيت من جراب الذاكرة.. هذا القائد الرباني النبيل.. حين كتبت عن دوانه الشعري في ملحق الثورة الثقافي وصحيفة الصحوة قبل 10 سنوات ، كنت في كل قراءة اكتشف الجديد في قصائده السابحة في مواجيد الروح المحلقة في السماء تسبيحا وفواتح صلوات ، ولواعج انابة ، وارق بقضايا الامة والوطن والانسان.
يغادرنا الشيخ حسن يغنم ليفقد الاصلاح وتهامة واليمن قاطبة ، عالما جليلا .. قدوة وقائد اتعب من بعده الكثير ، مفعم بألق الفكر ، وافر بالشفافية والحضور والادارة والارادة، ان تنعي انسان هو بمثابة أب روحي لك .. تغدو الكلمات في حضرة الكتابة عنه ...شاقة ومؤلمة ومحفوفة بالدمع والنشيج.. يا لهذه الحياة ، ها أنا اكتب نعي ، لا ادري ان كنت اكتب نعي فيك ، او ان رحيلك نعي للجميع ، ان لم ليكونوا على مسارك علما وادبا وزهد وتقوى وشجاعة.
يا شيخنا الحبيب .. ها انا ارتجف حرفا ونبضا .. في مقام الكتابة عنك ... وانت تخلد في حضور حياتك الجديدة .. الموت ليس نهاية الوجود .. انه انتقالة لحياة خالدة .. اسمى وأنقى وأطهر من حياة مكدودة بنا حد الموت ..
القدوات ، لا يموتون .. لكنهم يتخلقون بمآثرهم وابداعهم وحركتهم وتواضعهم وعلمهم .. نم يالحبيب .. لا زلت في تعاريج الوريد استاذا ومربيا وسياسيا واديبا ، يؤرخ لك الجميع حضورك الذي، ستعصي على الغياب.
كنت في حياة الكثير ممن احبوك ، كالمطر بجماله وعبقه وبهائه وطهره ومفاجآته تزرع بداخلَنا ألفَ شتلة مورقة بالحرية ، مزهرة بالنبل والحضور البهي.. صارت الكلمات والحروف في المنابر التي تحدثت فيها واعضا ومرشدا محفورة في ذاكرة الجميع ، وكلماتك وانت في ساحات النضال السياسي مدافعا عن اليمن وهويته وكرلمته عالقة في اخضرار الروح ..
كنت صالح السَرِيْرة، فأصلح اللهُ علانيتَك، وخاتمتك ، وأصلح فيما بينك وبينه سبحانه ، واصلحِ الله فيما بينك وبين الناس، فكنت نعم العالم الرباني المصلح الصالح ولانزكي على الله احدا ، الكبار وحدهم يغادرون الحياة تاركينها كما وجدوها في نظراتهم ، اذ استحالت عمر مفعم بالخير والصلاح والعمل الصالح ، تركت هذه الحياة فقيرة اليك ، وانت الفقير منها ، عشت تمدها بالعلم والادب والنضال لاجل الحق والحرية والعدل والقيم النبيلة..
اعتذر ممن يغادرون لانهم لن يجيدو سوى الكلمات التي تتبعثر من قلبي لتكُتب على حواف هذا الحياه المليئه بلخذلان .. كم تبدو تلك المسافة هائلة بين ما يشعر به المرء اثناء الكتابة عن استثنائيين في حياتنا وبين ما يستطيع شرحه للآخرين .عنهم ، تعجز الكلمات عن تدوين مآثرك ، وقد دونتها مواقفك كتاباتك قصائدك ابتسامتك مواعظك الندية. فالموت الأعمق ، هو الموت ولسانك تلهج بذكر الله ، تاركا حياة خلدت فيها قيما وعلما وادبا ، كالأنبياء والعلماء والعظماء هذه هي تركتهم ، يغادرون الحياة دون اكتراث بالوانها وزخارفها ، لان أزهار اعمارهم ، افنوها لأجل ما هو جميل لأجل الانسان والقيم النبيلة لأجل مشاريع الحياة وهذا بحد ذاته كفاح يليق بتاريخك الحافل في مواطن الدفاع عن اليمن وهويته وكرامته.
رحمة الله تغشاك.. يا ابا عبدالمجيد، وللأخوة في إصلاح الحديدة ولكل احبابك وتلاميذك ورفاق دربك وأسرتك.. فائق مواساتي .. "وإنا لله وإنا اليه راجعون".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.