لم يكتفي الحوثي في سجونه الظالمة من تجريد الناس من حرياتهم وأهليهم وممتلكاتهم بل تمادى به الآمر إلى تجريدهم حتى من أسماءهم. حيث أصبح في الفترة الأخيرة من فترات السجن إذا أحضر سجينا يمنع عليه استخدام اسمه ويحوله إلى رقم حتى لا يتم التعرف علية من قبل من بجواره وإخراج أي معلومة تتعلق به. مئات الأشخاص لانعرف عنهم إلا أنهم أرقام نتعرف عليهم بها، اسما ومنطقة وقضية. ألا يكفي الإخفاء القسري والغرف المظلمة والزنازين الإنفرادية، وقطع كل ماله علاقة بالخارج والحياة . قابلنا سجناء كثر، وعندما أردنا التعرف عليهم ردوا علينا بلغة الأرقام المفروضة عليهم والتي لو كشفوها لتسبب في ايذاءهم وتعذيبهم. في سجن البحث الجنائي أواخر شهر مايو 2015 كان السجان الحوثي يضعنا في زنزانة واحدة ويمنعنا من الحديث مع بعضنا، نحن الصحفيين الذين كنا معا أصبحنا في زنازين تضع حدودا وتعاقب من يخالفها. حجم الانتهاكات والتعامل بقسوة ولا مبالاة مع السجناء جعل الحوثي متخوفا من خروج أي معلومات تكشف حقيقة هذه التصرفات وتعرية أمام الرأي العام والمنظمات الإنسانية. 350و110 وغيرها من الأرقام هي كل البيانات الشخصية التي نعرفها عن هؤلاء المخطوفين والمخفيين قسرا. بحثت عن أسماء من كانوا بجواري ممن تم احتجازهم ببدروم الأمن السياسي لمعرفة أي شيء عنهم لإبلاغ أسرهم لكنهم رفضوا الإفصاح عن هويتهم وكانوا خائفين من ردة فعل قاسية في حال علمت إدارة الجهاز بأنهم كشفوا لنا عن أسمائهم وأسماء الأحياء والمدن التي تسكن فيها عوائلهم. تجرم المواثيق والمعاهدات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان تغييب أي شخص وإخضاعه للتعذيب والمعاملة القاسية واللا إنسانية ،والحجز التعسفي المبني على الفوضى . لكن السجين في معتقلات الحوثي يظل أكثر من ستة أشهر في غرف مظلمة تتلقفه أيادي التعذيب والعنف والاضطهاد، لن يهدأ بال الحوثي طالما يزج بالسجون أناس أبرياء ،فأنزل عليهم عقوبات قاصمة تشغلهم بأنفسهم وبوضعهم المزري وبتفاصيل حياتهم كلها التي تحولت إلى أرقام.