في الأيام الأولى للاعتقال انتابني خوف من احتمال التعذيب، وكنت التزم بالتعليمات قدر المستطاع، مع بعض المشاكسات الخفيفة التي أحاول أن أظهر بها عدم خوفي أمام الجنود والضباط. *** في التاسعة مساءً من كل يوم يفتح لنا الجنود نشرة الأخبار الرسمية لنسمعها عبر مكبر صوت في الصالة، وفي تلك الأيام كان الرئيس السابق صالح يُطل كثيراً للتعليق على حروب صعدة ووقف إطلاق النار وتهديداته المتلاحقة، وبعد انتهاء خطابه سمعت أحدهم يقلد صوته بسخرية، وآخرون يضحكون بصوت عالٍ، استغربت من جرأتهم على الرئيس وهم في بدروم الأمن السياسي، وتساءلت في نفسي يا ترى من يكون هؤلاء؟ ومن أين لهم الثقة بأنفسهم الى هذه الدرجة؟. *** وظهر لي من صياح الجندي مع من يقلد الرئيس أنه مسجون في الغرفة رقم 8، وأنه من آل الحوثي، وأن بجانبه 6 من أبناء عمه واعمامه، عرفت أن اعمارهم عشرينية من أصواتهم ولاحقاً بعد مشاهدتي لهم من فتحة صغيره في الباب، بل ان بعضهم لم يُكمل العشرين وقتها، وكانت تتكرر عملية التقليد في كل خطاب للرئيس، وفي أحد الأيام هدد الجندي أحدهم بأنه "سيدق له قيد في رجله "، فرحب بلهجة صعدية وصوت نميم، قائلاً: يا عسكري دق لي قيد، دق له الجندي القيد الأول، فقال له: دق لي قيد ثاني، رفض الجندي فتصايح معه، وصاح زميله الآخر في الغرفة: وأنا وانا يا عسكري دق لي قيد مثل فلان، وصاح البقية كلهم يريدون قيوداً، فارتبك الوضع على الجنود واستدعوا الضباط وساد هرج ومرج وهم يصيحون، (دق لنا قيد مثل فلان، ليش ماهو فعلتو له قيد؟)، وجعلوا من القيد مطلباً عندها لم يعرف الجنود والضباط كيف يتصرفون، واضطروا لفك القيد عنه، ومن لحظتها أدركت أنه يمكن ممارسة بعض التمرد في السجن وأن سقف الحرية أعلى مما كنت أتصور وأنه بقليل من الشجاعة يمكن مواجهة السجانين. *** وتعرفت مع الوقت على اسماء السجناء الذين في الغرفة رقم 8 الشهيرة وهم: ابراهيم بدرالدين امير الدين الحوثي/ محمد عبدالكريم امير الدين الحوثي/ امير الدين بدرالدين الحوثي/ زكريا محمد بدرالدين الحوثي/ علوي يحي بدرالدين الحوثي/ عبدالملك عبدالقادر بدرالدين الحوثي/ باقر محمد بدرالدين الحوثي/ وعرفت لاحقاً أن عبدالكريم أمير الدين الحوثي في زنزانة انفرادية لوحده، وكان أحد الوسطاء في النزاع الا أن الرئيس صالح سجنه كما سجن الكثير من الوسطاء مثل الشيخ صالح الوجمان وغيره، وكانت تلك الفترة في السجن بداية الطريق لعلاقتي مع الحوثيين وتعرفي على بعض أفراد أسرته وأحفاد وبدرالدين الحوثي. #علي_البخيتي (الصورة المرفقة بعد خروجي من السجن أثناء استقبالي في قرية الملحاء/ الحدا/ ذمار/ 22 ديسمبر 2008م) رابط الحلقة الأولى: "عندما كُنت مفتياً" https://goo.gl/mfpHTM رابط الحلقة الثانية: يوم الاعتقال والضابط (الأخضع) https://goo.gl/MzB7I7 رابط الحلقة الثالية: (يوم شربنا بولنا)