يختار الأبطال طريقة ترجلهم، فالموت أو الرحيل المعتاد لا يليق بهم، إنما يترجلون عن الحياة بشموخ وعظمة تليق ببطولاتهم وتضحياتهم، ترجل يليق بهم كفرسان. العميد عبدالغني شعلان قائد قوات الأمن الخاص بمارب، أحد أولئك العظماء الذين سيذكرهم التاريخ وتتغنى بهم الأجيال، ترجل القائد العميد شعلان ورئيس عمليات قواته العقيد نوفل الحوري، وآخرون وهم في الخطوط الأمامية يؤدي واجبه الوطني ومبرا بشرفه وقسمه العسكري في الدفاع عن اليمن ونظامها الجمهوري ومكتسبات الثورة والجمهورية والوحدة. القتال من مسافة صفر في المواجهات الأخيرة، يومي الخميس والجمعة الماضيين تحديدا، والتي كانت هي الأعنف كما يقول ضباط وجنود مشاركون وسكان محليون، والتي استمرت لنحو 20 ساعة ، كان القائد شعلان يقود الهجوم ضد مواقع المليشيات الحوثية في جبل البلق غربي مارب، تكبدت المليشيات فيها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وفقدت معظم أو كل عناصرها المهاجمة. ونتيجة لهزيمتها لجأت المليشيات إلى قصف مدينة مارب بسبعة صواريخ وقذائف، وهو سلوك تدرجت مليشيا الحوثي عقب كل خسارة تواجهها في الجبهات، لكنها المرة الأولى التي تستهدف المدينة بهذه الكثافة. رفقة في التخصص والشهادة في تلك الأثناء كان الشهيد شعلان ورفيقه رئيس عمليات القوات الخاصة نوفل الحوري، يقودان المواجهة في جبل البلق جبهة صرواح غربي المدينة، كانت المواجهات على أشدها استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة الثقيلة وبمشاركة فعالة لطيران تحالف دعم الشرعية. أحد الضباط رفيق للشهيد الحوري قال للصحوة نت، أن علاقة حميمية كانت تربط القائد شعلان ورفيقه نوفل الحوري وكانا لا يفترقان ولا يتخذ القائد شعلان أي قرار دون الأخذ برأي رفيقه ورئيس عمليات قواته. في المعركة الأخيرة كان العميد الحوري في ميسرة الجبهة، وشعلان في الميمنة، يقودان الهجوم ضد المليشيات وأن الشهيد نوفل كان قد ارتقى شهيدا قبل قائده، وهو ما أغاظ القائد العميد شعلان فهجم دون اعتبار لأي خطر قد يلحق به. أضاف الضابط اشتدت المواجهات حتى تواجه الجيش والمليشيات من مسافة صفر، وقاتل القائد شعلان قتال الأبطال وهجم ورفاقه بكل ما أوتوا من قوة وأصيب شعلان حينها واستمر في القتال حتى لحق برفيقه الحوري. يؤكد الضابط ل الصحوة نت أن معظم مجاميع المليشيات أُفنيت وسلم العشرات أنفسهم، استشهد عدد من قوات الأمن وجرح آخرون. أبو محمد "أبو محمد" بهذه الكنية اشتهر العميد شعلان، منذ تم تعيينه قائدا لقوات الامن الخاص بمارب في نوفمبر 2016، بعد عدة مناصب تقلدها في السلك العسكري في القوات المسلحة بحكم تخصصه في قوات الدفاع الجوي، لكنه كان الأجدر لأن يكون على رأس القوات الخاصة بالمحافظة المحررة حديثا، لحزمه وبأسه. منذ توليه منصبه في قيادة قوات الأمن الخاص أثار العميد شعلان الرعب لدى خصوم مارب من الجماعات الارهابية المسلحة التي تحاول زعزعة أمن المحافظة، فقد كان كما يرى كثيرون قائدا وحارسا أمينا لمارب ومددا لجبهات القتال كلما استدعت المعركة ذلك. عرف شعلان كقائد عسكري فكلف بجبهة لا تقل خطرا عن جبهات القتال وربما هي الأخطر، فقد شهدت مارب خلال سنوات الحرب الست أحداث داخلية أثارتها خلايا نائمة خدمة للمليشيات الحوثية لكن يقظة الأجهزة الأمنية بقيادة شعلان دهستها قبل أن تنفذ جرائمها. أفشل الأمن عشرات والمئات من عمليات تهريب الأسلحة والممنوعات والآثار بالتعاون مع نقاط الجيش المنتشرة على الخط الدولي بين مارب ومنفذ الوديعة البري في محافظة حضرموت. كان لقوات الأمن الخاصة بقيادة شعلان ورفاقه في التخصص والمعارك مواقف بطولية كبيرة خلال السنوات الماضية في دحر المليشيات في مواقع عدة في جبهة صرواح وجبل هيلان وغيرها من المواقع وصولا للمشاركة في الجوف، كانت قيادة القوات الخاصة على رأس الهجوم. مع نبأ استشهاد العميد شعلان ورئيس عمليات القوات الخاصة بمارب العميد نوفل الحوري، وقائد الكتيبة أمجد الصلوي، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى صالة كبيرة تكسوها صورة الشهيد شعلان ورفاقه الأبطال. رثاء ملأ صفحات مواقع التواصل، بين الشعر والتمجيد والإشادة والصورة ومقاطع الفيديو، ليس ذلك فحسب بل كان رحيل القائد شعلان عاملا لتوحيد أراء الخصوم ضد مليشيا الحوثي من كل الأطياف السياسية الذين عبروا عن حزنهم ودعواتهم لجمع الشمل لمحاربة المليشيات الحوثية استعادة الدولة. | الصحوة نت