في منتصف الطريق أثناء سفره إلى محافظة المهرة عاد رئيس عمليات قوات الأمن الخاصة بمارب العقيد نوفل محمد الحوري، قاطعا اجازته بعد انباء وصلته تفيد أن مليشيا الحوثي تحشد للهجوم على مارب. عاد ليؤثر مارب والجمهورية على حظه وقسطه من الراحة والاجازة التي استحقها بعد أعوام من الحرب والمواجهات، في قاموس العظماء لا مجال للإجازات والتنزه والبلد معرض لخطر ما، كان نجله عابد برفقته يتحدث عابد ل "الصحوة نت" أن والده كان ينشغل بالمعسكر والجبهة أكثر من أي شيء آخر أكثر من أسرته وأطفاله، ومعظم وقته منشغل في أمور المعسكر والجند وقضايا الأمن والجبهات أيضا وقت المساندة والتعزيز. يضيف عابد أن والده كُلف بقيادة المواجهات الأخيرة مع مليشيا الحوثي، وأنه مكث في الجبهة مدة أسبوعين، واستشهد منتصف ليل الخميس صباح الجمعة (26 فبراير الماضي). على نهج الشهداء أثناء الهجوم الأخير الذي استمر نحو ثلاثة أسابيع، كان الشهيد نوفل جنبا إلى جنب مع جنوده يقاتل ويخطط ويوجه جنوده بالثبات والاستبسال والسير على نهج الشهداء والجرحى، مؤكدا لهم إما أن نعيش بكرامة أو نموت بشرف ولتعانق أرواحنا عنان السماء، كما يقول بعض الجنود. بعد نحو اسبوعين من المواجهات اصيب نوفل، لكنه استمر في القتال، اشتدت المعارك والتقى الجمعان من مسافة صفر، هناك كان الموعد قد حان للقاء الرفيق الأعلى مقبلا غير مدبر. كانت المواجهة في "البلق" أشبه بمعركة القادسية في لقاء الفرس، وتشبه معركة مؤتة مع الروم في عدد القادة الثلاثة الذين تناوبوا على رفع الراية واستشهدوا، ثم القائد شعلان، العميد نوفل، أمجد الصلوي، ترجلوا واحدا تلوا الآخر لكن لوائهم ظل شامخا يرفرف عاليا في السماء. حجم العويل الذي أصاب المليشيات الحوثية بعد تلك المعركة، يؤكد المعلومات التي تتحدث أن الهجوم كان معدا اعدادا نوعيا وأن المليشيات هاجمت بعناصرها المتدربة والمميزة، لإحداث اختراق في الجبهة والاستيلاء على جبل "البلق" الذي يهدد المدينة من الجبهة الغربية. قبل المواجهات بأيام كلفت المليشيات أحد أتباعها بالتواصل مع العميد نوفل الحوري وطلبوا منه العودة إلى "حضن الوطن" حسب زعمهم، لكنه رفض ورد عليهم "لو نعيش في الجبال والوديان، ولو متنا جوعا وعطشا خير من العيش بلا عزة ولا كرامة ولا حرية" وأغلق هاتفه في وجه المتصل، كما يقول عابد. سيرة ذاتية ينتمي الشهيد نوفل إلى منطقة الحوري مديرية ذي السفال محافظة إب وهو من مواليد 1978 ، تلقى تعليمه الأساسي والثانوي بمنطقته وتخرج من الثانوية من مدرسة سبأ القاعدة القسم العلمي، وفي عام 1996، التحق بالسلك العسكري في الفرقة الأولى مدرع، ليلتحق بعدها بعامين بكلية الطيران والدفاع الجوي. بعد تخرجه من كلية الطيران في سبتمبر 2001، تم توزيعه على اللواء 120 د/جو عدن، لينتقل في 2006، إلى اللواء 180 د/جوي بمحافظة مارب، وبقي في اللواء حتى سيطرة مليشيا الحوثي على صنعاء، لينظم مع أول المقاتلين في مارب ضد المليشيات وللدفاع عن الدولة والجمهورية، وتعرض للإصابة أثناء مواجهات مع الميلشيات الحوثية في 2015. تلقى عدد من الدورات، أبرزها قادة سرايا في معهد الشهيد الثلايا في عدن، ودرس قادة كتائب في معهد التطوع القتالي صنعاء 2010. بحكم تخصصه في صواريخ فولجا، فكانت أبرز المناصب التي تقلدها ضابط توجيه صواريخ 2006-2001، وقائد بطارية توجيه صواريخ، و رئيس عمليات كتيبة 49 في اللواء 180 د/ جوي 2014-2010، وقائد قطاع أمني في محافظة مارب 2015-2014، وركن القوات البشرية في قوات الأمن الخاصة 2017-2015، ورئيس عمليات القوات الخاصة من 2017 وحتى استشهاده في جبهة صرواح أثناء قتاله ضد مليشيا الحوثي الارهابية في 26 فبراير2021 . رثاء الأبطال يرثي عابد والده الشهيد نوفل بكلمات توحي بعظمة التربية وأن العظماء يربون أولادهم على ذات المبادئ التي عاشوا عليها .. العزة والأنفة والشموخ وحب الوطن. كتب عابد " نوفل واحد من أولئك الأبطال القادمون من قلب لحظة الاستشهاد، والميلاد، سنظل نحكي قصة هذه البطولة ولا نمل منها، فهي مداعاة للفخر والكبرياء والشموخ، قصة سيستمد منها اليمنيون ذواتهم وانعتاقهم من لحظة الارتباك الراهنة، لينطلق الجميع نحو استعادة الذات المستلبة، فموت بعض الشعب يحيي بعضه". يضيف عابد "هذه سُنة التاريخ وقانون الحياة وسنة الأبطال الذين تقف على أكتافهم قوانين الحق والكرامة والحرية، أولئك الأبطال الذين يقفون سدا منيعا في وجه القبح والهمجية والاستبداد". "لروحك السلام وإلى جنان الخلد، يا منبع الابطال والبطولة ونهرها الذي لا ينضب، لقد قدمت روحك قربان كرامة لكل اليمنيين ولم تبخل، وبذلت دمك فداء لدماء كل اليمنيين، إلى رحاب الخلود أيها الشهيد القائد البطل ولا نامت أعين الجبناء.