خرج مؤتمر الحوار الوطني بنتائج؛ أهمها أنه وضع معالم و خارطة طريق لليمن و اليمنيين، يفترض في تلك النتائج أنها أغلقت باب الصراعات و النزاعات، و أن يبدأ الجميع بتنفيذها على الواقع، و من ثم يبدأ اليمنيون مرحلة جديدة و بمشروع وطني جديد. لم يرق لأعداء الحرية و التحرر، و أدوات الاستعمار أن يصل اليمنيون إلى اتفاق، فوجدوا الذراع الإيرانية جاهزة للاستخدام، يساندها بعض الموتوربن من الداخل، و كان من تمام الغدر أن بعض العواصم كانت تبيع كلاما للدولة اليمنية، و تبادر مع تنفيذ كل مؤامرة إلى التبرع بإعلان ااتضامن التام مع الحكومة اليمنية، فيما سفاراتها كانت أكثر من مظلة لعصابات إيران في العاصمة صنعاء !
كانت إيران، المشروع الظلامي الفارسي قد امتدت يدها السوداء في أقطار عربية؛ خلسة حينا، و جهرة أحيانا أخرى، و النظام الرسمي العربي في سباته الممتد. كان الشارع العربي مفعما بثورة الربيع العربي، و كانت نخب الحكم العربي مستريبة من عنفوان الشارع ؛ و لشدة قلقها - غير المبرر - منه فقد اتخذت الموقف الأسوأ تجاهه، إن لم نقل المعادي من هذه الثورة، حتى فضلت مهادنة أعداء الأمة، على التصالح مع نفسها، وشعبها ؛ ولذلك تعاملت - بسذاجة مفرطة- مع أذرع إيران مفضلة التفاهم معها على استيعاب القوى الوطنية والاجتماعية و السياسية داخل مجتمعاتها، و حتى ذهبت بعض النخب الحاكمة إلى دعم أذرع إيران بالمنطقة بالمال و السلاح، في عمل تكتيكي أخرق، و وفق حسابات بلهاء، و مغشوشة بالوهم، و استدراج الأصدقاء اللدودين لها ! و كان لليمن نصيب من تلك الحسابات البلهاء التي تضافرت من الخارج و الداخل، و خدمت إيران و عصاباتها على حساب اليمن و اليمنيين، وعلى حساب العرب أجمعين.
في اليمن، رسم اليمنيون معالم لمستقبله بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني، لكن حسابات عواصم بعيدة ، وعماهة أطراف في الداخل ظلت تدفع ليتربص الأهل بالأهل، و الشقيق بالشقيق، بينما تهش و تنحني للعدو، فكان الغدر بصنعاء و الانقلاب البغيض في 21 أيلول الأسود.
لم يطل الوقت ؛ حتى ينكشف للحسابات الضيقة خطأ تقديراتها-و هي التي كانت تفضل التفاهم مع أذرع إيران، على التفاهم مع أبنائها- و إذا بأذرع إيران التي تبسمت لهم من باب ( التّقيّة ) و قد تنمرت عليهم ساخرة بهم، وناكرة لجميل الدعم المتعدد الصور ، و هو الدعم الذي استفاد منه، و قطف ثماره كاملة غير منقوصة - و بالمجان - ملالي طهران !! و تبقى عماهة بعض أطراف في الداخل قائمة، فيما تقنعهم أوهامهم أنهم يحسنون صنعا..!
السؤال المؤلم، ذو الإجابة الأكثر إيلاما، هل تنبه أصحاب الحسابات الخاطئة، و هواجس الوهم البلهاء لسوء تقديراتهم و حساباتهم؟ و هل زال الغبش و العماهة عن أولئك البعض !؟ يعرف رجل الشارع العربي، و الشارع اليمني مقدار ألم الإجابة، و مدى مرارتها، لو امتلكوا الشجاعة، و أجابوا.
يعرف رجل الشارع أن اليمن تواجه عصابات مليشاوية عسكرية إيرانية متمردة ، لا تستهدف اليمن فقط، و أن اليمن إزاء هذا التمرد، يقف مدافعا عن نفسه، و عن أشقائه، فما معنى - و الصورة هذه - أن تجد هناك من يختلق للشرعية فتنا و قضايا، و مشاريع صغيرة، في عمق تواجدها وسيطرتها، و في محافظات بعيدة كل البعد عن مليشيا الكهنوت الحوثية المدعومة من إيران، و بدلا من أن تتفرغ الشرعية لمواجهة المشروع الظلامي للكهنوت الحوثي المدعوم من إيران، إذا بها تجد ظهرها مكشوفا، إذا تركنا مقولة رجل الشارع أنها تعرضت لطعنة في الظهر .
سطحي الفكر و التفكير من تساوره أدنى قناعة بأن يوم 21 أيلول الأسود كان صناعة حوثية خالصة !
و ميّت الإحساس و الشعور، مع نوم ضمير، من جرحه الفأس، و اكتوى بنار السفه و البلادة، و هو مايزال مصرا على التمسك و السير؛ على عادة حليمة القديمة ..!!
لكن من حسه يقظ ، و إيمانه عامر ، و نفسه طويل، يعلم أن الفجر مشرق لامحالة، و الغيث قادم بل شك، والنصر مع الصبر، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.