بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    ثلاثة مكاسب حققها الانتقالي للجنوب    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الافراج عن موظفة في المعهد الديمقراطي الأمريكي    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    تواصل اللقاءات القبلية لإعلان النفير العام لمواجهة العدوان الامريكي    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    إلى رئيس الوزراء الجديد    عطوان ..لماذا سيدخل الصّاروخ اليمني التّاريخ من أوسعِ أبوابه    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    وسائل إعلام غربية: صدمة في إسرائيل..الصاروخ اليمني يحرق مطار بن غوريون    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أرحب.. مأساة الأرض والإنسان
ثالوث الحرب والتشرد والخوف..
نشر في الصحوة نت يوم 02 - 01 - 2012

(مقبلة عجوز مسنة تحجرت دموعها على مقلتيها وبكت تجاعيد وجهها الغائرة على إنسانية إنسان أرحب وأرضها الأبية طرحت سؤالا لعل العالم الاصم يسمعها ما الذنب الذي ارتكبناه لنقتل وتحرق ارضنا ونشرد في جروف لاتقينا جحيمهم وليالي الرعب ولا البرد القارص ولسعات العقارب والثعابين).. ثالوث الحرب والتشرد والخوف هذا ما وجدته بقايا النظام على سماء ارحب وارضها لتكسر شوكه الكرامة التي وخزته في مقتل ومرغت بعنجهيته في ترابها
ومأساة حقيقية وجدتها على الارض وفوق ما تخيلته عندما وطئت قدمي أرضها الرحبة يتوقف الألم عاجزا عن وصف تلك المجاز الوحشية التي ارتكبتها بقايا النظام الذي لا يهزه ضميره الميت الدم المسفوك في الشوارع، ولا عذابات البشر في الأقبية المُعتمة، ولا رعب الأطفال والنساء تحت زخ الرصاص. فمفردات الألم والخوف والمعاناة، وانتهاك كرامات الناس واستباحة الأعراض، هي عند بقايا النظام مفردات تصلح لجدالات الحياة اليومية العابرة والتافهة.
الأرض المحروقة
سياسة الأرض المحروقة التي تلتهم كل حي فيها هذا ما عمد ت بقايا النظام على تطبيقه على ارض ارحب الشاسعة. من نافذة الحافلة التي حملتنا إلى هناك لتقصي الحقائق مع منظمه هود وصحفيين واعلاميين تلمسنا تلك الحقائق على اطرافها المترامية مشاهد وقفنا عليها لننقل الى الآخر ما أحدثته الآلة المدمرة في إنسان أرحب وأرضها أول ما صدمني هناك منظر الاطفال يدرسون تحت العبارات خيل لي أنهم يلعبون ولكن اول ما نزلت إلى هناك اجتاحني الألم فإضافة للبرد الشديد يجلسون في عبارات المياه اقتربت لسؤالهم فكان الالم اشد عندما رأيت الوجوه الشاحبة والعيون الخائفة ومعظمهم بثياب متهرئة ومتسخة، واثر البرد قد ضرب في اجسادهم وجلودهم الغضة واحدث فيها التشققات المؤلمة يغطيها طبقات من الأتربة.
يقول الطفل عبد الخالق هربنا للدراسة هنا تحت العبارات خوفا من القصف الشديد يتابع صديقه محمد بقوله نمشي 2كيلو حتى نصل الى هنا لندرس تعبنا ولكن ماذا نعمل تحدث الاطفال عما حل ببيوتهم وعن خوفهم من الصواريخ القاتلة ومناظر الدماء التي سالت في بيوتهم والشوارع اما الفتيات الصغار كن اكثر مأساوية فإضافة إلى مشقات العمل وحمل المياه والحطب يصارعن الخوف والتعب ( ليلي صالح –امة الغفور –وغفران) صرحن بخوفهن وقلن .نقطع مسافات كبيره حتى نصل الى هنا نريد ان ندرس دمروا كل شيء حتى مدرستنا لم تسلم واليوم ندرس تحت العبارات حتى هذا الشارع خطير على الأطفال فكثير ماتكون هناك حوادث سيارات.
يقول أستاذهم يحيى: الأطفال في أرحب يعيشون كل المخاوف من التشرد القتل البرد وانظري حالهم تحت هذه العبارات الباردة كيف سيبنون مستقبلهم) علق أحد الآباء خالد الفقيه بقوله السبب الذي دفعنا الى وضع اطفالنا هنا للدراسة هي صواريخ السفاح التي تقتل أطفالنا هذه هي هداياه التي يرسلها لهم . تجولنا لمحادثتهم وتلمس همومهم ومخاوفهم وعيونهم البريئة تلحقنا بعدها تجمعوا حولنا هاتفين بحرقه مستقبلهم الضائع تحت ازيز المدافع (الشعب يريد محاكمه السفاح).
ودعناهم وانتقلنا الى الجروف التي يقطنها النازحين صعدنا الى ارض وعره جدباء يغطي معظمها التراب والصخور مره اخر يكون الاطفال هم الجانب الموجع لتلك المجازر رأيت طفلتان صغيرتان لا يتعدى عمرهما أربع سنوات أصبح لونهما جزء من تراب الارض لم تكونا تلعبان بحيوية الأطفال إنما هربا من برد الجروف لتستلذا بحراره محرقه اتجهنا الى جرفهما قبلتني امهما وادخلتني الى داخل الجرف المظلم الضيق سالتها كيف تقدرون على العيش هنا قالت لي: مجبرون على ذلك دمروا بيوتنا والهبوا ليالينا بالصواريخ خوفا على اطفالنا هربنا ولكن البرد هنا لم يرحمنا.
وفي جرف اخر خرجت عده نسوه لمقابلتي مع اطفالهن تقول ام محمد واصفه حالهم (بهذلة ونزوح وإمراض تصيب أطفالنا لم يدفئ لنا جسد هنا واشارت الى طفلة لا يتجاوز عمرها عشرة أشهر قائله لم كل يوم وهذه الطفلة مريضه والسعال ادمى صدرها الصغير.
اختها صفاء اربع سنوت شاركتنا واقعها الطفولي قائله :هربنا من صواريخ الصمع واحنا امراض ما ندفئ هنا ونخاف كثيرا من القوارح).
تضيف ام طه بقولها حتى الذين رجعوا الى بيوتهم ووجدوها مدمرها رجعوا الى هنا او يقومون بمحاوله سد منافذ البرد والبقاء فيها وشبح الخوف يطاردهم نقضي حوائجنا في النهار لأننا لا نستطيع الخروج في الليل بسب الصواريخ والحيوانات المفترسة.
يقول عبد الهادي احد النازحين (في هذا المكان اكلت الحيوانات المفترسة بعض الغنم التي نعتمد على غذائنا منها ونخاف من الخروج حتى للحمام حتى لا تفترسنا).
توجهنا مرة أخرى إلى منطقه أكثر وعورة اعتلينا فيها مناطق مرتفعه شاهدنا جروفا كثيرة محفورة في صخورها والنساء والاطفال يتقافزون من
جهة إلى أخرى نزلت إلى أحد الجروف بعد ان خلعت حذائي زحفا انا وابنائي وجدت من الصعوبة الشديدة النزول وسالت نفسي كيف يمكن للأطفال والنساء تحمل كل هذا العناء التقينا بالشيخ المسن حسن صالح الحنق والذي تحدث بحزن شديد يغالب دموعه قائلا منذ تسعه اشهر ونحن نعيش هنا بين البرد والحر والتعب يضربوننا من الصمع والفريجة دمروا بيوتنا واتلفوا مزارعنا بصعوبة نستطيع العيش تقول زوجته :تحملنا الكثير ولا نستطيع الرجوع إلى منازلنا لان ليس لهم امان فكلما كنا نرجع اطلقوا علينا الصواريخ، وأشارت إلى أطفالها ال 13 قائلة: كلنا ننام هنا في هذا الجرف الضيق لا نستطيع حتى التنفس اصابتنا العديد من الامراض واطفالنا يفزعون من نومهم بسب الانفجارات او الخوف.
تابع طفلها قائلا:لا خلونا ندرس أو نكتب أرعبونا قتلونا كيف العيشة هذه.
على عبدالله طفل آخر حمل بقايا صاروخ تقزم جسده الصغير امامه واصر ان يقول رسالته الى للعالم تحدث بقوله :نطالب بخروج المعسكرات التي دمرت بيوتنا وحياتنا واقلقت امننا واحرقوا امننا يخرجوا من أرضنا.
استوقفني منظر طفله تكنس داخل الجرف ومنظر آخر لامرأة تحفر الجرف ظننت في البداية لشدة الظلمة أنها فار أو احد الزواحف ارتعبت كثيرا حتى سمعت صوتها تقول لي لاتخافي هذا مانعمله كي نحمي أنفسنا.
كانت الجروف المتناثرة والتي تحتضن في بطنها العديد من الاسر الفاره من جحيم القذائف والصواريخ تخفي ايضا كل الم ومأساة يتجرعها هؤلاء لم يكن ذنبهم سوى حمايتهم للثورة والثوار ومطالبتهم للعدالة والمساواة.
حياة من البؤس
معاناة حقيقية يتجرعها الأطفال والنساء في ارحب جراء تلك الوحشية التي تعامل بها السفاحون لإبادتهم عندما رأى ابني أمجد كل تلك المشاهد التفت إلي بحزن وقال لي: (يا ماما هذه مأساة كيف يعيش الأطفال هكذا).
الطفلة أماني انقطع صوتها هلعا بسبب رؤيتها لثعبان التف على جسد أخيها الصغير في أحد الجروف ولا يزال الخوف يلاحقها الى اليوم، طفلة أخرى انفجرت بجانب منزلهم قذيفة وهي نائمة ففزعت من نومها من شدة الخوف ومرضت بعدها مرضا شديدا وماتت بعد أيام قلائل.
والطفل كاد يفقد حياته بقذيفه سقطت على مزرعتهم واخترقت الشظايا راسه ولولا عنايه الله لكان تحت الثرى مثله الطفل بشار الخدري والذي اغراه فضوله الطفولي بالعبث ببعض القذائف المتناثرة في كل مكان فانفجرت احدهن لتحفر في اجزاء جسده ولاتزال بقاياها على رجليه.
الحادثة الأكثر ألما هي استشهاد الأطفال
أكرم وصدام السعداني ونور الدين الدربي وتمزق اجسادهم الطاهرة أشلاء منظر موحش وانت تراهم مقطعين بتلك الصورة جرحى عدد من الاطفال كانوا يلعبون بجانب محطه الدرب.
أخذتني عدة فتيات صغيرات في اليوم الثاني لزيارتنا لأرحب إلى تلك الجروف المظلمة ليحكين لي لياليهم المرعبة في تلك الكهوف المظلمة ومعاناتهم لسعات العقارب والافاعي والجرذان كنت اشعر ان انفاسي تتقطع ونحن نصعد ونهبط والغبار المتطاير من حولنا وفي كل خطوه اسال نفسي :كيف يتحملون كل هذا العناء تسابق الأطفال يتجمعون حولنا يحكون لنا عن معاناتهم والمهم لعلنا نوصل شكواهم الى من يتجاهلونها ولم يدركوا ما يعانوه أخذوني إلى جرف ماء يتجمع خلال موسم الأمطار وجدت كثير من الاطفال والنساء يشربون منه ويغسلون ثيابهم واجسامهم اقتربت لمشاهدته فكان متسخا جدا ملئ بالقاذورات سالتهم كيف تشربون منه؟ فكانت الإجابة خربوا كل الارتوازات وأماكن تواجد المياه ليقتلونا عطشا فلم يتبق لنا غير هذه المياه المتسخة لنشرب منها.
تقول لي الطفلة ساري عبد الغني (تصوري حتى في العيد هربنا والحناء في ايدينا ولم يتركون نفرح وفي صباح العيد اطلقوا علينا الصواريخ بكثافه (مايشتونا نفرح )كما اضافت سارة بحزن: نحن محرمون من التعليم منذ زمن فهنا لا نستطيع التعلم إلا إلى الصف السادس فلا توجد مدارس للبنات او مدرسون واليوم بصواريخه يحرمنا تماما من التعليم بهدم المدارس المتبقية.
تجولنا في تلك المنطقة والأطفال يجمعون أمامنا كميات كبيره من الصواريخ التي سقطت على منازلهم وقالوا لنا هذا غصن الزيتون وحمامة السلام التي أرسلها السفاح لأطفال أرحب
كما وجدنا في احدى مناطق ارحب عائله بأكملها معظمهم أطفال يعانون من حاله نفسيه كما هو حال معظم أطفال أرحب الذين غلفهم الخوف والرعب واحرمهم طفولتهم ولعبهم وتعليمهم وفقدوا احباء لهم، لم تكن المرأة أحسن حالا وجدنا نساء ولدن في الجروف في شده البرد اطفالهن الرضع يعانون من التهابات صدريه شديده ولا يجدون العلاج كما أنهن لا يجدن الغذاء المناسب فتره ولادتهن ولأن المنطقة أساسا ككل مناطق اليمن من المستشفيات والمدارس تضطر النساء لقطع مسافات طويلة للوصول إليها وأخريات يمتن على الطرقات.
لم يكتف السفاحون بقتل الأطفال أحياء بل قتلهم في أرحام أمهاتهم فعدد من النساء من شده الخوف والرعب ومشقه الارض ووعورتها اجهضن مواليدهن في الطريق او في الجروف او ولدن قبل موعدهن، ومنهن زوجة الشهيد صادق الخدري التي عانت كثيرا من تعسر ولادتها وظلت ثلاثة أيام تقاسي الألم والتعب حتى خرج مولودها للنور ولم ير أباه.
كما كن ضحايا لصواريخ السفاح وازلامه وسقطت اول الشهيدات منهن، ولم تشفع للمسنة زهرة يحيص والتي قتلت فوق سجادتها بمنزلها الصغير وقطعتها أشلاء وأخريات أصبن بإعاقات دائمة مثل حسناء شريان، وفي طريقي إلى احد الجروف قابلتني احد المسنات تشكو لي إحراق مزرعتها التي بذلت فيها جهد كبير حتى اثمرت وبغصة مكلومة قالت احرقوا مزرعتي التي نأكل منها وكدت اقتل وانا احاول الفرار
مقبلة الأشول هي الأخرى كانت الدموع المنسابة على تجاعيد وجهها تشكو قسوة أبناء جلدتنا ووحشيتهم تقول (لانعرف لماذا يقتلوننا ويدمرونا بيوتنا كلما سمعنا الصواريخ تأخذنا الرعشة ولا تقوى أرجلنا على حملنا)
والقذائف تتناثر من حولي وأشارت إلى عدد من المنازل والمزارع التي احرقوها وشرد اهلها في الجروف ومناطق اخرى.
يقول الشيخ منصور الحنق معلقا على ما يعيشونه قائلا: يمكنك أن تتصوري طفلا يسمع القصف ويرى الدماء وخوف وهلع النساء البعض قتل والآخر أصيب بجروح إضافة للصدمات النفسية والعصبية وحالات الخوف يتم الاطفال ورملت النساء وخربت البيوت رسالتي إلى كل المنظمات والشخصيات والاعلام عليهم الاطلاع عن كثب لحجم المأساة والمعاناة للأطفال والنساء في ارحب وان يروا بأنفسهم فضائع النظام فلابد ان يوضحوا تلك الحقائق ويظهروا الجرائم التي قام بها حرس العائلة.
في كل خطوه كنا نخطوها نرى الدمار والماسي في قصص النساء والأطفال ومافقدوه خلال حرب الإبادة التي شنها النظام عليهم.
مع أسر الشهداء
المشهد الذي دائما يهزني من الداخل ويشعرني بهزاله ما نصنع أمام تضحيات هؤلاء هي حكايا الشهداء وصبر اهاليهم التقيت بأمهات وقريبات الشهداء في احد المنازل فكانت المواجع والدموع هي الحاضرة في المكان
صادق محمد سعيد الخدري احد الشباب الذين ضحوا بحياتهم تقول زوجته :استشهد صادق قبل رمضان وكان من ضمن الشباب الذي شوهت جثثهم ولم نراهم الا بعد ثلاثة أيام تعفنت فيها جثهم
قال لي ابنه صادق عرفت ابي من اصبع رجله المحروقة والذي أصيب بها سابقا
كان يقول لي كيف لنا أن نجلس نتفرج على اخواننا يقتلون وعلى كل هذه الاعتداءات
كنت اقول له انتبه أولادك من سيرعاهم لديك اخوات من لهن يقول لي كلمه واحده لهن الله
ابنه الصغير رشيد رأى صورته معلقه في الدولاب فوقف يقول لامه لماذا لا يحدثني أبي
نزلت دموعها وقالت :يخيل الى انني ساراه ثانيه وكلما رأيت الباب اشعر انه موجود.
أم الشهيد أسامه الخدري سألتها تفتقدين ولدك سالت دموعها تبعا وتنهدات عميقه وقالت :فقدت نظري لكثرة البكاء ولكن هذه حكمه الله اختاره لجانبه لأنه كان مطيعا لوالديه حنونا وحافظا للقرآن حسن الأخلاق مع الجميع.
ثم شهقت بحرقة قائلة: قبر ولدي قريب من هنا لم استطيع ان أذهب إلى الآن يخيل إليَّ أنني سأراه واقفا لم أنس رائحته ولا ضحكته.
أم الشهيد عمر يحي سعد تحدثت ودموعها لا تتوقف قائله قبل استشهاد عمر طلب مني المسامحة كذلك طلبها من الجميع.
تقول أخته :كان يتمنى الشهادة دائما وعندما قامت الثوره فكان من اوائل المنضمين والمدافعين عنها لذا اختاره له لصدق نيته وحبه للخبر .
زوجه الشهيد صالح محسن الخدري :حملت وسامين فهي زوجة شهيد وأخت الشهيد أسامه الخدري دخلت بأطفالها الصغار إلى الغرفة رأيت في وجهها طمئنيه كما في وجوه الاخريات والرضى بالقدر المشرف.
تقول الحمدلله هذا رضى الله علينا فقدنا اثنين ولكن إن شاء الله في الجنة.
وعن أطفالها تقول (ابنتي حماس ذهبت لبيت جدها حزينة لأنه لا يوجد لديها أب قالت لي لماذا نحن لا يوجد لدينا أب سوف ابحث لي عن أب آخر وذهبت لجدها .
التفت إلى حماس وقلت لماذا تريدين أبا؟ قالت لي: من سيشترى لنا الملابس والطعام؟
إما رحيق فقد قال لها اخوها يوما تعالى نذهب لرؤيه بابا فلما ذهبت للمكان ولم تجده رجعت باكيه
ابنته الكبرى فاطمه اصرت على رؤيه جثه ابيها التي ظلت ثلاثة أيام كي تتحقق من موته ومفارقته لهم ولكنها الى اليوم لم تنس ذلك.
تضيف والدتهم اولادي دائمي السؤال عن أبيهم نفتده كثيرا ولكن هذا قدر الله.
أم الشهيد سلمان حضرت معنا اللقاء قالت بصبر وقوه :هؤلاء هم شباب الجنة ضحوا بحياتهم من اجل الحرية والكرامة
فقدوا زهره شبابهم ولدي سلمان طلعت نتيجة الثانوية بعد موته ولكن ما نقول غير الحمدلله جاءني خبر استشهاده بعد ان سمعت باستشهاد الشباب الآخرين وانقبض قلبي فعرفت ان ولدي حصل له شيء حمدت الله فهذا قدره
بثت امهات الشهداء حنينهن لأولادهن فقالت أم الشهيد أسامه تمر أيام واحلم بأسامة يدخل على الباب ويحتضنني واراها في احسن حال.
كما قالت ام الشهيد عمر انها رات في منامها ان عمرا (في الجنة) اختتمت اللقاء معهن بدموع انسابت ولم تتوقف من عيونهن وتنهدات مكلومة جرحت صدورهن
كما رأيت في عيون اطفالهن الأيتام شوق آخر وأملا لرؤية أبيهم مرة أخرى وبان ذلك حلم مزعج سينتهى قريبا
ذهبت للقاء أم الشهيدين كمال وصدام السعداني الى منطقه الدرب استقبلنا الاطفال والنساء ليحكوا لنا مشاهد أخرى من المجاز وهلعهم وخوفهم كانت ام الشهيدين ترتعد وهي تحكي لنا استشهاد ولديها في محطه الدرب وتقطع أجسادهم، احمرت عيونها في كل مرة تذكر فيها حنانهم وحبهم كان املهما الوحيد كما قالت بناء بيت صغير يضمهما مع امهم فقد عاشا يتيمين فقدا حنان الاب منذ زمن.
تقول أمهما (رملت على اولادي 13 عشر سنه عانين التعب وشظف العيش فولدي يعانيان من مرض الصراع ولكن الحمدلله اهل الخير لم يتركونا كان حلم كمال ان يكون طيار اما صدام مدرس ماتا قبل أن يكملا حلمهم.. وانساب دموعها.
تابعت بقولها: (أتذكرهما واشعر أنني وحيدة حينما أرى أصدقاءهم يعتصر قلبا الما ولازالت رائحتهما في أنفي ففي كل صباح يأتيان ليقبلا ركبتي ) أمسكت برأسها وكادت أن تسقط لشدة الحزن نبهتني إحدى النساء أنها تعاني من صدمة قوية منذ فقدها أولادها.
ودعناها مع إحزانها الغائرة كما الأخريات
استهداف المساجد
مناطق كثيرة طالها الاعتداء ونالت من حقد الحرس العائلي العديد من الصواريخ والقذائف التي سقطت على منازلهم ومزارعهم ولم تسلم حتى المساجد وارتوازات المياه إبادة جماعية أريد منها إهلاك الزرع والنسل ففي هذه الاحصائيات ما يبين تلك الجرائم والتي حصرها أهل أرحب انطلقنا إلى بعض المزارع التي رايتها محترقة تماما يكتنفها السواد تحتاج الى سنوات لإعادة زراعتها يعرف السفاحون ان معظم أهل أرحب يعتمدون على قوتهم من تلك الاراضي فاحرقوها عمدا وعدوانا. يقول احد المسنين بغصة: لم يعد أمامنا أي مصدر رزق كيف نطعم أولادنا بعد إن احرقوا كل شيء.
يقول احد شهود العيان :لم يتركوا لنا شيئا إلا ودمروه حتى المياه التي نشرب منها استهدفوا بشكل مباشر حرق الحياة وقتل البشر لم يكفهم نزوحنا إلى الجروف فقصفوا الآبار والمزارع والمدارس والمساجد.
لم يرعوا حرمة أي شيء.. أهؤلاء بشر أم وحوش؟؟ «إنظر الجدول»
اتجهنا مره أخرى إلى مناطق من أرحب فكان البعض يقف متأملا منزله المدمر ويجلس على أطلاله يتذكر زمنا مضى،، كانت فيه أسرته وأطفاله يمرحون في المنزل.
عبد المجيد الحنق دخلنا الى منزله المدمر وتهشمت تحت ارجلنا بقايا الزجاج والدمار تحدث بقوله: (ضربوا على منزلنا من جبل الصمع بالصواريخ والهوز ودمروا عددا من البيوت
أما صالح قوب فكان يتجول في منزله ويتحدث بحسرة قائلا: دمروا معظم اجزاء المنزل اكثر من 70 صاروخا أطلقت في ليلة واحدة وكان نصيبي صاروخين لم يعد بيتي صالحا للسكن ولا تزال أسرتي في الجرف.
في منازل أخرى رأينا بقايا الفرش وبعض ألعاب الأطفال لم يكن اهلها موجودين فقد كانوا نازحين الى مناطق أخرى أو في الجروف.
كلما دخلنا منزلا ووجدنا بعض الاسر تقول لي النساء: لازلنا في خوف ورعب فكلما ادركوا اننا رجعنا أمطرونا بالصواريخ.
وذكرت إحدى النساء أنه لا يزال بعض أثاثهن مقسما بين المنازل والجروف ومستعدين في كل لحظه للهروب إليها.
تسلقت احد البيوت المدمرة فرأيت من بعيد أطلالا أخرى تشير إلى ذلك القاتل الآتي من جبل الصمع والفريجة الذي اعتلى الجبال لقتل البشر والحياة.
عبد الحكيم قوب رجل اتعب كثيرا حتى يبني بيته حجرا حجرا في لمح البصر أصبح كتلة من الدمار، حُرم أولاده من السكن أو الأمان بصواريخ السفاح يقول :أقل ليله يطلقون علينا يكون فيها27 صاروخا تسمع فقط أصوات الأطفال والنساء من الرعب الشديد هربنا الى الجروف رجعت الى منزلي فوجدته مدمرا تماما.
هذا ما وجدناه في أرحب شظف في الحياة وحياة رعب ودمار، تشرد وإبادة لا ماء، وليل مظلم مرعب يقضيه أزلام النظام في إطلاق حقدهم، ليلة بتها أحسست بمعاناتهم وتلك المأساة التي يعيشونها.كل يوم أمام صمت مخز، ومعاناة أطفال ونساء لم يجدوا الايدي الرحيمة لتخفيف معاناتهم فقط ابواق تتحدث ولا تعمل فمن يشاهد ما يعانيه أهل أرحب يدرك حقيقة وحجم ما ضحوا به من أجل كرامة الإنسان وحرية اليمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.