أشرقت ثورة 26سبتمبر 1962 بهدم عروش الطغاة و من فيها، فعم إشراقها أرجاء اليمن الطبيعية، وهب أبناؤها مسرعين يشدون خطاهم نحو إشراقة الضوء ؛ ليتحول الإشراق إلى نور، ثم يصير إلى ضياء ، و هكذا كان حيث كنس الظلم، و أودى بالطغاة الظالمين. وانبرى السلال يصدح علنا بالجمهورية، و مضى علي عبد المغني، و غالب بن راجح لبوزة يحملان البندقية يدافعان بها عن الثورة، و ما السلال ، و علي عبد المغني ، و غالب لبوزة ... سوى رموز لصفوف تراصت لترسيخ الثورة و الجمهورية ، من العلماء و الضباط و المفكرين و الشباب، و المثقفين، و المشائخ و العمال، و من الشمال، و الجنوب. و تجاوب ردفان بغالب، حيث عاد غالب بن راجح لبوزة من صنعاء مع مجاميعه، بعد مشاركة ميدانية في صفوف الثورة و الدفاع عن الجمهورية . و لم تكن عودة( غالب ) عودة محارب ليستريح، و إنما كانت عودته ليواصل النضال ؛ تجاوبا مع إشراقة سبتمبر ؛ لتصبح تلك الإشراقة ضياء يعم كل اليمن، فكانت ثنائية تاريخية ؛ ثنائية غالب و ردفان في يوم أغر أصبح يعرف بيوم 14 أكتوبر. و من ردفان تمدد النور يطارد الاستعمار البريطاني وفلوله، مضى (غالب) يعلن من ردفان الثورة، و يوقد بدمه شعلتها؛ ليكون أول شهدائها مع بعض أصحابه، و تابعه بعد حين (عبود ) و شهداء كثر .. ومضت الثورة دون توقف ، تزداد و هجا و ضياء ؛ لتقف باليمن و اليمنيين على باب اللحظة التاريخية التي طال انتظارها؛ عند لحظات رفع علم التحرر و الاستقلال ، و طرد آخر جندي بريطاني من البلاد. لم يأت يوم ال 30 من نوفمبر على طبق من ذهب، و لكن جاء ذلك اليوم على أنهار من الدماء، جاد بها اليمنيون، الذين استرخصوا لأجلها كل غال و ثمين، و هل ثمة أغلى من الدماء و الأرواح !؟
إن إحياء ذكرى يوم الاستقلال، ليست مجرد ذكرى يوم تاريخي مضى !! كلا و ألف كلا .. و إنما هو يوم ينطق جهارا نهارا ؛ بأنه لم يأت هدية مجانية، و لا جاء هبة من أحد ، و إنما جاء بجهاد شديد، و كفاح جهيد، و هو يخبرنا اليوم بلسان حاله و مقاله ؛ ليقول : إن على اليمنيين قاطبة واجب الدفاع ؛ عن سبتمبر، و أكتوبر، و نوفمبر ، بحيث لا يكون لطاغية متخلف عودة، و لا لمستعمر بغيض مكانا في اليمن. إن دك عرش الطغيان الإمامي صبيحة 26سبتمبر، كانت هي الخطوة الأولى نحو 30 نوفمبر. و اليوم يخطو الشعب اليمني خطواته العازمة نحو الخلاص من مليشيا الكهنوت، بنوايا شباب و رجال ينظرون إلى المستقبل، بعيدا عن أنين البلهاء ، و سخط الحمقى ، و قيود الأنانية . إنها خطوات شعب، و وثبات جيل يضع نصب عينيه هدفه الكبير في الحرية و البناء، و يستلهم لسيره و مسيرته ؛ و بكل شوق ألق الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر و نوفمبر .