يعاني الطفل "راكان " من مرض الجدري الوبائي ولهذا السبب تجري به والدته من عيادة إلى أخرى لإنفاذه من الحكة الشديدة التي حرمته من النوم كما حرمت والدته ايضا، راكان ضحية من ضحايا التخلف فوالده صدق دعايات الحوثيين ضد تلقيح الأطفال وامتنع عن تطعيم ابنه الوحيد فكانت النتيجة هي العدوى. وخلال حديثها للصحوة نت" تقول "لا أستطيع النوم وطفلي يصرخ من الألم والحكة لدرجة ان الحبوب التي في جسمه تنفجر بالدم، كان من الممكن تجنب هذا بمجرد جرعة صغيرة ولكن ابوه يعتقد بأن اللقاحات تحتوي على أمراض لأنها قادمة من الخارج". وتضيف متسائلة:" والآن عندما مرض راكان واسعفناه، هل الأدوية التي أعطيت له من الخارج ام هي صناعة من صعدة؟ "
حالة ارتباك انتشرت عدوى الجدري والحصبة مؤخرا في العاصمة صنعاء بين الأطفال مسببة حالة من الارتباك في اوساط ذويهم وخاصة الأمهات، وبحسب مصادر مطلعة، فقد استقبلت عيادة الجلدية والأطفال في العيادات الخارجية بمستشفى الثورة العام بصنعاء في الأسبوعين الأخيرين 350 حالة جدري لأطفال تتراوح أعمارهم بين العام والاربعة أعوام، وهو ما جعل الأطباء يحذرون من ازدياد اعداد الأطفال المصابين بسبب موجة العدوى. ويشير والد أحد الأطفال المصابين بالحصبة أنها المرة الأولى التي يصاب فيها طفله بهذا المرض، نافيا ان يكون طفله ذو الثلاث أعوام قد اعطي اي جرعة لقاح لأنها " قادمة من امريكا وإسرائيل" حد تعبيره. وتقول والدة الطفل أن قرار الأب عدم تلقيح ابنه قد تسبب في نشوب شجار عنيف بينهم، فزوجها كما تقول، يؤمن بان كلام عبدالملك الحوثي كالقران لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والنتيجة ان طفلها المسكين مصاب بالحصبة ويعيش هذه الأيام معزولا عن أقرب الناس اليه خشية انتقال العدوى ".
حملات دعائية يشن الحوثيون منذ وصولهم إلى صنعاء حملات إعلامية ودعائية ضد جرعات لقاح الأطفال بمختلف انواعها ويأمرون اتباعهم بعدم أخذ تلك اللقاحات تحت مبرر انها قادمة من دول" الاستكبار" ومليئة بالأمراض، ما أدى إلى انتشار أمراض عفى عليها الزمن منذ قرون كالحصبة والجدري والسعال الديكي، وقال إبراهيم، مواطن يقيم في صنعاء، انه مساء امس الجمعة حاول إسعاف طفله إلى المستوصف بسبب صراخه المتواصل نتيجة إصابته بالجدري ولكنه لم يجد طبيب جلد أو أطفال فاضطر إلى إسعافه لمستشفى خاص بمبلغ كبير. وأضاف :"أنا نادم لأني لم اطعم طفلي ضد هذه الأمراض التي انتهت منذ مئات السنين، الان ادفع الثمن من مالي ومن صحة أولادي".
تدمير الطفولة ومن وجهة النظر الطبي، يعد حرمان الأطفال من اللقاحات بمثابة حرمانهم من التعليم أو الغذاء حسب تعبير الدكتورة " سمية" أخصائية طب الأطفال، فالطفل بحاجة إلى الحماية مثل حاجته للغذاء والتعليم، وهذه الحملات التي يشنها الحوثيين على التطعيم هدفها تدمير الطفولة مثلما يفعلون في الجبهات تماما، والحديث عن ان اللقاحات تحتوي على مواد ضارة كلام فارغ. وتضيف "السبب ببساطة ان جميع الأدوية تأتي من الخارج بما فيها أدوية الأطفال، فالذي يمنع من إضافة تلك المواد إلى الأدوية بدلا من اللقاحات؟ هناك جريمة ترتكب بحق الطفولة ويجب على اليونيسف ان تضطلع بمسؤولياتها". وكانت وزارة الصحة اليمنية قد حملت مليشيا الحوثي المسؤولية الكاملة عن استمرار منع لقاحات الأطفال في المحافظات الخاضعة لسيطرتها.