يودع أبناء محافظة تعز، عام 2022 بخيبة أمل واستهجان كبير لفشل الأممالمتحدة ومبعوثها هانس غروندبرغ في فك الحصار الحوثي المفروض على المدينة منذ أكثر من سبع سنوات، في ظل استمرار جرائم المليشيات الانقلابية ضد سكان المدينة. وخلال 2022 شهدت تعز زيارات حكومية ووفود أممية وأوروبية، وضبط خلايا حوثية، وأسلحة، كما شهدت استمرار الاحتجاجات الشعبية المنددة بالتراخي الأممي وتماهيه مع الحصار الحوثي، واستمرار جرائمه ضد المدنيين، وللمطالبة بتوفير الخدمات ودعم الجيش لاستكمال التحرير.
"الصحوة نت" ترصد في هذا التقرير أبرز الأحداث التي شهدتها المدينة خلال 2022:-
مفاوضات فتح الطرقات في 25 مايو/ آيار، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، بدء المحادثات بين الحكومة والمليشيات تحت رعاية الأممالمتحدة، في العاصمة الأردنية عمّان، للاتفاق على فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات، كجزء من البنود الإنسانية للهدنة الأممية التي أعلنت في الثاني من إبريل/ نيسان.
وبعد مرور أكثر من شهر من بدء تلك المفاوضات حينها، أعلن الوفد الحكومي فشلها وعودتها إلى نقطة الصفر بسبب تعنت مليشيا الحوثي الإرهابية، وإصرارها على فتح طرق جبيلة وعرة لا تصلح نهائيا للاستخدام ولا تفي بالاحتياجات الإنسانية لسكان المدينة.
ورغم انتهاء الهدنة في مطلع أكتوبر/ تشرين ثاني، بعد ستة أشهر من الهدنة، مازالت التهدئة قائمة لايزال مطار صنعاء مفتوحا ودخول سفن المشتقات النفطية الى ميناء الحديدة مستمرا، في وقت لا تزال فيه تعز تحت الحصار الذي تفرضه مليشيات الحوثي، وتواصل رفضها فتح المعابر والطرق الرئيسية من المدينة وإليها.
زيارة وفد أممي
وفي 13 يونيو/ حزيران، وصل وفد أممي برئاسة نائب منسق الشئون الإنسانية في اليمن ديجو زوريلا وممثلين لعدد 12 منظمة تابعة للأمم المتحدة، إلى تعز، لبحث سبل زيادة الدعم لتلبية الاحتياجات الطارئة والمستدامة في المحافظة.
وأوضح الوفد أن الزيارة تهدف إلى زيادة الدعم الأممي لتلبية احتياجات تعز التي تضررت كثيرا من الحرب ولازالت تعاني من أضرار بالغة، مشيرا إلى أنه سيتم فتح مكتب للأمم المتحدة بالمحافظة لمعرفة ودراسة حجم الاحتياجات وتلبيتها وفق خطة الاستجابة الإنسانية.
وزير الدفاع في تعز لأول مرة وفي 16 يوليو/ تموز، وصل وزير الدفاع السابق الفريق الركن محمد علي المقدشي إلى محافظة تعز، في زيارة هي الاولى منذ انقلاب مليشيات الحوثي. وخلال زيارته تفقد المقدشي المواقع العسكرية وعدد من أحياء المدينة القديمة للاطلاع على مستوى استقرار الحياة العامة في المدينة واستتباب الأوضاع الأمنية في مختلف الأحياء السكنية والشوارع. وعبر عن إعجابه بما شاهده لدى الأبطال من معنويات وكفاءة وحرفية عالية، مؤكدا أن تضحيات الجيش والمقاومة في تعز وفي مختلف الجبهات ستبقى وسام شرف على صدر كل يمني ومصدر فخر وإلهام لكل اليمنيين.
وفي ذكرى الثورة المجيدة 26 سبتمبر 1962، عمت الاحتفالات، مدينة تعز ومدارسها احتفاء بالذكرى ال 60، حيث أقيمت فعاليات متنوعة، كان أبرزها العرض العسكري الذي نظمه محور تعز، احتفاءً بالذكرى، حيث شاركت وحدات رمزية عسكرية وأمنية في العرض، كما تم عرض عدد من الآليات العسكرية والأمنية، وسط احتفاء شعبي كبير بالمناسبة.
وبرزت مدينة تعز كأهم المحافظاتاليمنية التي شهدت احتفالات شعبية لافته، وتصدرت المدارس الحكومية في التنافس على الابهار في الاحتفالات، حيث حيا رئيس الحكومة معين عبدالملك، الوعي الوطني العالي الذي جسدته طالبات المدرسة "نعمة رسام" في احتفائهن بالعيد الوطني 60 لثورة 26 سبتمبر، وما قدمته من لوحة وطنية رائعة تعكس مكانة وقيمة هذه الثورة الخالدة لدى الأجيال المتعاقبة.
ضبط خلايا حوثية وحملات أمنية
وفي 18 فبراير/ شباط 2022، تمكنت قوات الأمن في تعز من ضبط خلية إرهابية كانت تخطط لاغتيال شخصيات أمنية وعسكرية ومدنية، ونشر الفوضى في المدينة. كما أعلنت شرطة تعز، في 23 من أكتوبر/ تشرين ثاني، ضبط خليتين إرهابيتين مرتبطتين مباشرة بمليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيا وتعمل لصالحها.
وقال مدير عام الشرطة العميد منصور الأكحلي في مؤتمر صحفي حينها "إن الأجهزة الأمنية قبضت على خليتين إرهابيتين مكونتين من ستة أفراد، عقب تورطها في تنفيذ جريمتي زرع وتفجير العبوات الناسفة وسط المدينة".
وأضاف "أن الخليتين متسببتان بشكل مباشر في الحادث المتمثل بتفجير طقم عسكري في حي سوق القبة والذي أودى بحياة قاضٍ وطفلة واثنين آخرين من المواطنين، إضافة لحادث تفجير سيارة أخرى في وقت سابق بالقرب من سوق المركزي بشارع جمال والتي أصيب على إثرها ثلاثة مواطنين".
كما شهدت مدينة تعز تكثيف الحملات الأمنية وضبط عشرات المطوبين أمنيا، في مختلف القضايا، وحظر سير الدراجات النارية من الساعة الثامنة مساءً وحتى السادسة صباحًا ومنع التجوال بالسلاح في شوارع المدينة بهدف فرض الأمن وملاحقة العناصر المطلوبة أمنيًا.
وجاءت هذه الإجراءات عقب سلسلة من النجاحات التي حققتها الأجهزة الأمنية، آخرها ضبط شحنة أسلحة مهربة تحتوي على 20 قطعة سلاح كانت على متن شاحنة في طريقها إلى منطقة الحوبان التابعة لمليشيات الحوثي.
زيارة رئيس البرلمان ووفد أوروبي
اوروبا ايضا كانت حاضرة في تعز، حيث وصل في 10 من ديسمبر/ كانون أول، وفد أوروبي الى المدينة برئاسة نائبة سفير فرنسا لدى اليمن مليسا رحموني، وسكرتير أول بسفارة هولندا تيسا شولما، وسكرتير أول بسفارة إيرلندا آلان رالف.
والتقى الوفد بمحافظة تعز نبيل شمسان، وعقد الوفد لقاءات مع منظمات المجتمع المدني والأحزاب لفهم أفضل للصعوبات التي يواجهها سكان تعز وخاصة في مجال الطرق والوضع الإنساني وخطوط التماس.
وفي 2 ديسمبر/ كانون اول، وصل رئيس مجلس النواب الشيخ سلطان البركاني، إلى محافظة تعز في زيارة هي الأولى من نوعها له منذ بداية الحرب. وقال البركاني إن الزيارة تأتي والبلد تمر بظرف خطير تتكالب عليها القوى من كل جانب، ولذلك نراهن اليوم على تعز في الدرجة الاولى بأن تكون عامل الالتقاء والتوحد على الثوابت الوطنية وليس عاملا للفرقة".
جرائم حوثية مستمرة
وخلال عام 2022 لم تتوقف مجازر مليشيات الحوثي الارهابية ضد المواطنين، حيث ارتكبت المليشيات عدة مجازر أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى بينهم نساء وأطفال، في حين تسببت الألغام التي زرعتها بمقتل وإصابة العديد من المواطنين، وأصابت آخرين بإعاقات دائمة.
واستمرت مليشيا الحوثي في قصفها بين الحين والآخر على الأحياء السكنية وعدد من القرى والأرياف المكتظة بالمدنيين بشكل ممنهج مما دفع عشرات الأسر للنزوح بعيدا عن منازلهم ومناطقهم.
وأبرز تلك الجرائم قصف المليشيات حي الروضة وحي المطار القديم حيث قصفت في 23 من يوليو حي الروضة ما أسفر عن مقتل وإصابة 11 من الاطفال، كما تسببت في ال 30 من اكتوبر بمقتل أسره كاملة جراء قذيفة أطلقتها على حي المطار القديم غرب المدينةتعز.
كما استمرت عمليات القنص على المواطنين في مختلف المناطق وراح ضحيتها العديد من المواطنين بينهم نساء وأطفال، ووثقت تقارير حقوقية مئات الانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات الانقلابية بحق المدنيين.
وشهدت محافظة تعز خلال 2022 تصاعد في الفعاليات الاحتجاجية للمطالبة بإنهاء الحصار واستنكار الإهمال الكبير من قبل الأممالمتحدة والمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لحصار ملايين المدنيين في المدينة، كما شهدت المدينة مسيرات ووقفات احتجاجية للمطالبة بتوفير الخدمات الأساسية أبرزها خدمة الكهرباء والماء.
كشفت منظمة رايتس رادار، إن ضحايا حصار الحوثي المفروض على محافظة تعز منذ منتصف 2015 حتى منتصف 2022 تجاوز عددهم 10 آلاف مدني بينهم 2720 قتيلاً. – ووفق تقرير لها نشرته في يوليو/ تموز 2022 - "إن هذا العدد من الضحايا الوفيات، إضافة لذوي الأمراض المزمنة المتضررين بشكل مباشر من الحصار والبالغ إجماليهم 3634 حالة".
ووثقت المنظمة 285,445 حالة انتهاك، تنوعت بين ضحايا القصف والقنص والألغام والقتل عند الحواجز، إضافة لضحايا انعدام الأوكسجين، وضحايا الحوادث المرورية الناتجة عن سلوك طرق بدائية بديلة، وكذلك وفيات مرضى السرطان والفشل الكلوي الذين تسببت ظروف الحصار في وفاتهم، إضافة لضحايا سوء التغذية الحاد من الأطفال والذين يمثلون النسبة الكبرى من هذه الإحصائيات المفزعة
ووصل عدد ضحايا سوء التغذية من أطفال محافظة تعز بسبب الحصار 274,482 حالة بينهم 12 حالة وفاة، وبلغ عدد قتلى القصف الحوثي على المدنيين في تعز بلغ 851 غالبيتهم من النساء والأطفال، بينما بلغ عدد القتلى نتيجة القنص 669 حالة، أما ضحايا قتلى الألغام فإن العدد بلغ 262، بينما بلغ عدد ضحايا الوفيات والقتل عند الحواجز 63 حالة.