يمثل الصحفيون صوت الحقيقة والكلمة الحرة في المجتمعات عامة ، وبهم وعبرهم ترى المجتمعات نفسها لتبادر وتنجز وتقيم ، ولن تتم رسالتهم السامية إلا بتمتعهم بالحرية الكاملة التي تتيح لهم رصد الحقيقة ونشرها كما هي دون زيادة أو نقصان ، وبحسب الأممالمتحدة "تعتبر حرية وسائل الإعلام ضرورية لتمكين المجتمعات الديمقراطية والحرة القائمة على المشاركة ، ويكتسي الصحفيون ووسائل الإعلام أهمية حاسمة لضمان شفافية السلطات العامة والحكومية ومساءلتها" . أثناء الحروب والنزاعات يمتلك الصحفيون حصانة كاملة تؤمن عدم التعرض لهم وتوفير الحماية القانونية والاحترام الواجب أثناء تأدية مهامهم وذلك بالاستناد على مبدأ أساسي في القانون الدولي الإنساني يقرر "بأن لا يكون الصحفيون الذين لا يشاركون في الأعمال القتالية هدفا لأي اعتداء أو هجوم ، بل يجب الحفاظ عليهم وحمايتهم وفقا لآليات وأساليب تحددها اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو الدولة الحامية أو الطرفين المتحاربين" كما أنه لا يمكن إغفال العديد من القرارات والنصوص الدولية المتفرقة والتي ناشدت أو ألزمت الدول باحترام حصانة الصحفيين خاصة ، وأن القانون الدولي الإنساني قد اعتبر الصحفيين بمثابة مدنيين في مناطق النزاع .
في اليمن يعمل الحوثيون بوتيرة عالية على اظهار الوجه القبيح لجماعتهم المليشاوية ، ويمارسون مختلف الانتهاكات بحق فئات المجتمع المختلفة ضاربين بكل الأعراف والقوانين المحلية والدولية والأخلاقيات العامة عرض الحائط ، وعلى راس من يقعون ضحايا للانتهاكات الحوثية المستمرة فئة الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام بشكل عام ، وهذا السلوك المليشاوي المستهتر بالتأكيد لن يعفيهم من تحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية أمام المحاكم المحلية أو الدولية .
يسعى الحوثيون إلى طمس الحقائق التي تدينهم وتظهر حقيقة انتهاكاتهم وتوجهاتهم وسلوكهم الدموي ، ولأجل ذلك استهدفوا الصحفيين الذين بإمكانهم اظهار هذه الحقائق وفضحها للداخل والخارج ، ومارس زعيم جماعة الحوثي التحريض المباشر ضدهم في خطاباته ، كما دعا احد القيادات الحوثية العليا بشكل صريح جماعته لوضعهم كدروع بشرية في المواقع العسكرية التابعة للمليشيات ، وهو ما حدث بالفعل وقضى عدد من الصحفيين نحبهم بهذه الطريقة .
ولأجل اسكات هذه الاصوات اختطف الحوثيون كل من طالتهم أيديهم الأثمة من الصحفيين والعاملين في حقل الإعلام ، وزجوا بهم في غياهب السجون ، ومارسوا بحقهم أبشع طرق التعذيب ، كما منعوا عنهم الرعاية الصحية والأدوية والزيارات العائلية ، واصيب عدد منهم بأمراض وعاهات مزمنة ناتجة عن التعذيب والحرمان من العلاج ، وتم رصد الكثير من حالات الوفاة بينهم ، ومن نجى من الموت وجد نفسه أمام القضاء المليشاوي الذي يعقد محاكمات صورية تفتقر لأبسط المعايير القانونية والإنسانية ، ولم يسمح لهم بالدفاع عن انفسهم او توكيل محامين للقيام بالمهمة ، ليتم اصدار احكام قضائية معدة سلفاً وصلت حد الإعدام .
يحاول الحوثيون بهذا السلوك المليشاوي البشع إسكات الكلمة الحرة التي لا تدين لهم بالولاء ، ويسعون إلى حرفها عن قول الحقيقة إلى ممارسة التزييف والتطبيل وتجميل وجههم القبيح ، ويستخدمون العنف بأنواعه لمحو اي دليل يشير إلى بشاعة جرائمهم المستمرة التي يرتكبونها بحق اليمنيين ، ويُخيل إليهم أنهم سينجحون في اسكات صوت الحقيقة وتعطيل الكلمة الحرة عن القيام بدورها التنويري الرافض لصلفهم وبهتانهم ، ويوماً بعد يوم تؤكد الاحداث أن صوت الحقيقة لا يصمت ، وأن الكلمة ستبقى حرة مجلجلة ، وستجد طرقاً وأساليب جديدة ومبتكرة لتطل عبرها وتستمر في رسالتها التي تفضح ممارسات وانتهاكات هذه الجماعة المارقة بحق اليمن واليمنيين .