تحدثت صحيفة الثورة في افتتاحيتها ليوم الأحد(20/6) عما أسمته قاسماً مشتركا وحبلاً سرياً يربط في الأهداف والمصالح بين (القاعدة) و(الحراك) وبين (المشترك) و(الحوثيين) ووصفت هؤلاء بأنهم عُصبة الشر، قياساً على محور الشر الذي كان يحلو للرئيس بوش الابن إطلاقه على أعداء الولاياتالمتحدة إبان حكمه.. ومرة أخرى عادت الصحيفة لتناول ما وصفته بالموقف غير المسئول لأحزاب المشترك تجاه العملية الإرهابية التي استهدفت مبنى جهاز الأمن السياسي في مدينة عدن!! وكأن حفظ الأمن في البلد وصيانة أرواح الناس هي مهمة أحزاب المشترك وليست مهمة السلطة والحزب الحاكم الذي يكتفي مثل غيره بإصدار بيانات الشجب والتنديد! وفي هذا السياق قالت الصحيفة « وبوضوح شديد، فإن مثل هذا الموقف غير المسئول لا ينم سوى عن شيء واحد، إما أن هذه الأحزاب قد وصل بها الشطط السياسي إلى درجة صارت معها ترى في أي توجه متطرف أو خطر يستهدف الوطن والمجتمع عملا يتوافق مع أهوائها ويخدم غاياتها ومصالحها، وإما أنها قد وضعت مسألة التحالف مع عناصر تنظيم القاعدة ضمن استراتيجياتها، بعد أن تحالفت مع عناصر التمرد الحوثية وعناصر التخريب الانفصالية وكل من يناصبون هذا الوطن ووحدته وأمنه واستقراره العداء، في توليفة جمعتها المصالح الأنانية وأحقاد الماضي والنعرات العصبية والطائفية والمذهبية والشطرية ولبوس الجهالة والضلال والهوس السياسي المقيت. (افتتاحية الثورة 21/6) لاحظوا هنا كيف أضحى المشترك- في نظر السلطة- القاسم المشترك والحليف الاستراتيجي للحراك والقاعدة والحوثيين، بل ولكل من يناصب الوطن ووحدته وأمنه واستقراره العداء بحسب صحيفة الثورة! أي غلو هذا وأي تطرف؟ بل وأي فجور في الخصومة؟ تعلم السلطة يقيناً، لو أردنا فتح الدفاتر وتقليب الصفحات فسنكتشف دون عناء ومن السطر الأول من هو الذي يرتبط حقيقة بعلاقات إستراتيجية وثيقة مع أولئك الخصوم الذين يجري اصطناعهم واستدعائهم عند الطلب، لكن السلطة وكما هي عادتها دائماً، لم تحب تفويت فرصة ما يجري في طول البلاد وعرضها من تفلت أمني مُريع، وأزمات تتفجر تباعاً، وضربات عسكرية تحصد أرواح الأبرياء دون أدنى سبب، وفشل متعاظم في تحقيق الأمن لم يستثن حتى الأجهزة الأمنية نفسها، حالة غليان واحتقان داخلي غير مسبوقة تحاول السلطة إلقاء مسئوليتها وتداعياتها على أحزاب المشترك وكأنها هي التي تحكم وليس حزب المؤتمر!! كان يجدر بالسلطة وعوضاً عن ترديد مثل تلك الترهات عبر وسائل الإعلام الرسمية أن تربأ بنفسها أولاً عن هذا التوظيف الحزبي النفعي لوسائل الإعلام العامة التي هي ملك الشعب وليست ملك الحزب الحاكم، وثانياً إذا كانت تلك الاتهامات صحيحة وعند السلطة ما يكفي من الأدلة الدامغة لإثبات تورط المشترك في التآمر على الوطن عبر تحالفاته المشبوهة كما تزعم، فعندها يكون لزاماً عليها إبراز تلك الأدلة أمام الرأي العام وإلاّ صارت شريكة في جريمة التستر على أولئك المتربصين بالوطن ووحدته على حد وصفها. في كل بلاد الدنيا المتحضرة التي تمارس الحكم بشفافية، وتحترم مواطنيها ودستورها وتحتكم إلى العملية الديمقراطية كطريق وحيد لتداول السلطة سلمياً، تقدم الحكومة استقالتها لو فشلت في إنقاذ حياة مواطن أو تسببت في إذلاله، أو عجزت عن توفير مستلزماته المعيشية التي تضمن له حياة كريمة وآمنة، بينما السلطة في بلادنا تصرح بكل برود بأنها لا تعلم شيئاً عن الطائرات التي تجوب سماها وتحصد بالأسلحة المحرمة دولياً مواطنيها الأبرياء في وضح النهار، وفوق هذا كله، هي لا تعد ذلك شيئاً ذا بال، ولا تعتبره انتقاصاً للسيادة الوطنية التي يجري التشدق بها، بل هو من متطلبات الشراكة الدولية - مدفوعة الأجر- في الحرب على الإرهاب! وحين تتسبب في مقتل العشرات من مواطنيها وتدمير بيوتهم بالمدفعية والكاتيوشا، وتشريد مئات الآلاف في حروب عبثية وتحويلهم إلى لاجئين في وطنهم، تذهب بكل بساطة لتقول إن ما حدث كان غلطة، وتشرع في تشكيل لجان التحقيق التي ينتهي أمرها بمجرد الإعلان عنها في وسائل الإعلام، وفي أحسن الأحوال تقوم السلطة بتحكيم المتضررين بسيارة صالون وقطع أسلحة ليقبلوا بالتحكيم القبلي بعيداً عن الدستور والقانون، هذا بالطبع إذا كان أولئك المتضررون من ذوي الشوكة والشكيمة الذين بمقدورهم أن يأخذوا حقهم بأيدهم، أما إذا كانوا من عامة الشعب البسطاء حيث لا ظهر يسندهم ولا قوة تحميهم لا في السلطة ولا في القبيلة، حينها يغدون متهمين في نظر السلطة، مستحقين لما جرى لهم من تنكيل وإذاء. كان الأولى بالسلطة وعوضاً عن الهروب من معالجة أزماتها صوب المشترك، أن تصارح مواطنيها بنتائج تحقيقات اللجان الرئاسية التي شكلتها للتحقيق في جرائم الإبادة الجماعية في محافظة الضالع التي جاء مفتي مدينة تعز على رأس قافلة إنسانية لكسر الحصار الخانق عنها، والمعنية أيضاً بالتحقيق في عملية اغتيال نائب محافظ مأرب الشيخ جابر الشبواني بطائرة مجهولة الهوية! وأن تكشف ملابسات الهجوم الإرهابي على مبنى جهاز الأمن السياسي في مدينة عدن، وبخاصة عقب إعلانها القبض على قائد عملية الهجوم، وكان يجدر بالسلطة كذلك أن ترد على تقرير منظمة العفو الدولية التي أكدت استخدام طائرات أمريكية وقنابل عنقودية في عملية المعجلة بمحافظة أبين يوم السابع عشر من ديسمبر الماضي ضد من أسمتهم السلطات بعناصر القاعدة فيما راح ضحيتها أكثر من 55 مواطناً يمنياً بين طفل وشيخ وامرأة!! وأن تكشف أيضاً عن نتائج التحقيقات التي تجريها بسرية تامة مع ضباط في الجيش متهمين بتهريب أسلحة وذخائر للحوثيين أثناء الحرب السادسة، والكثير الكثير مما يجري تحت سمع وبصر السلطة. هذا جزء مهم من عمل السلطة التي تحترم نفسها وتحافظ على أمن وطنها ومواطنيها، وتسهر على راحتهم وتبذل الغالي والرخيص دفاعاً عن كرامتهم، لا أن تجعل منهم أهدافاً سهلة لطائرات مجهولة تصطادهم في سياراتهم، وتهدم عليهم بيوتهم، وتلقي فوق رؤوسهم القنابل الانشطارية المحرمة دولياً، ثم تذهب لتلقي اللوم على أحزاب المعارضة عبر اختلاق علاقات مريبة مع هذا الطرف أو ذاك.