في الزنازين المظلمة التابعة لجهاز الأمن والمخابرات التابع لميليشيا الحوثي، تُروى حكايات صادمة عن نساء تعرضن لأبشع صنوف التعذيب النفسي والجسدي، فقط لأنهن عبرن عن رأي مخالف أو تجرأن على انتقاد السلطة. تفيد مصادر خاصة ل"الصحوة نت" بأن جهاز الأمن الحوثي يستخدم أكثر من 20 وسيلة تعذيب ممنهجة ضد النساء المعتقلات، تتراوح بين الحبس الانفرادي لشهور طويلة في غرف لا تتجاوز المتر مربع، والضرب المبرح باستخدام الكابلات والأسلاك، مرورًا بالحرمان من النوم والتجويع والإذلال النفسي.
شهادات مؤلمة
"سارة"، ناشطة يمنية في الثلاثين من عمرها (اسم مستعار)، اختُطفت من منزلها بصنعاء عقب مشاركتها في تظاهرة نسوية عام 2019. تقول ل"الصحوة نت":"أجبروني على الوقوف لساعات وأنا معصوبة العينين، وهددوني بقتل أخي إن لم أعترف بالتآمر، ثم ربطوا يديّ إلى السقف وضربوني حتى فقدت الوعي".
أما "نورا"، وهي ربة منزل، فاعتُقلت بوشاية من عناصر ما يُعرف بجهاز "الزينبيات". تروي في شهادتها أنها احتُجزت في زنزانة تحت الأرض، حيث أجبرت على الجلوس على أرضية مبللة لساعات، ثم حقنت بمادة مجهولة تسببت لها بشلل مؤقت.
تقول ل"الصحوة نت": "كنت أتقيأ الدم وهم يضحكون. لكن الأسوأ من كل ما مررت به هو أنني شعرت بأنهم سرقوا إنسانيتي".
وتقول "أمينة"، معلمة ثلاثينية، إن انتقادها البسيط لسلطة الحوثيين فتح عليها أبواب الجحيم، إذ اقتادها عناصر الأمن إلى أحد السجون بصنعاء، حيث تعرضت للتجويع المتعمد، والحرمان من الماء لأيام، بينما كانت تُسمع أصوات صراخ السجينات الأخريات في الزنازين المجاورة.
1750 مختطفة منذ 2014
تشير تقارير حقوقية محلية إلى أن ما لا يقل عن 1750 امرأة تعرضن للاختطاف منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014. وتؤكد هذه التقارير أن نحو 40% من المعتقلات تعرضن لانتهاكات جنسية، من بينها الاغتصاب والتحرش والابتزاز، فيما لا تزال عشرات القاصرات قيد الاحتجاز في ظروف غير إنسانية.
كما سُجلت عدة حالات وفاة في سجون الحوثيين، نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي، في ظل استمرار سياسة التعتيم والتكتم على أوضاع السجينات داخل مراكز الاحتجاز السرية.
استخدام العائلة كسلاح
في السياق، تقول الناشطة الحقوقية "ابتسام" من صنعاء، إن جهاز الأمن الحوثي يُخضع عناصره لتدريب خاص على كسر المرأة نفسيًا قبل إيذائها جسديًا، مؤكدة أن لديهم "ملفات شخصية مفصلة عن كل معتقلة، ويصل الأمر إلى حد استخدام أقاربها كرهائن أو أدوات للابتزاز والضغط النفسي".
وتضيف في تصريحها ل"الصحوة نت": "العالم ينظر إلى الحرب في اليمن كصراع سياسي، لكن الحرب الحقيقية تُشن على كرامة المرأة وروحها. وعلى الرغم من بشاعة الجرائم، تظل معظمها طي الكتمان بفعل الخوف من الانتقام والتشهير، وحتى إذا خرجت المختطفة من السجن، يلاحقها العار المجتمعي، بسبب حملات التشهير الحوثية التي ترافق مدة الاختطاف.