الاحرار لا يتطبعون لواقع بائس ابتلوا به مهما كان الأمر، أو بلغت كلفة مقاومته. و يتراءى لي بكل وضوح أحرار اليمن نخبة حاكمة،أو النخب السياسية، أو الشعب بكل فئاته شامخة في مقاومة المشروع السلالي لجماعة الحوثي الإرهابية.
إن مسؤولية تخليص البلاد من هذا الوضع،و تحريرها من مشروع الضلال و الظلام الحوثي،تقع مسؤوليته على كل من سبق،و ما كان لحر في كل مكان و زمان أن يتخلى عن واجباته أو مسؤولياته.
إن مسؤولية التحرير ، هو الهَمّ الأول الذي يحمله و يعمل من أجله مسؤولو الدولة، و الحكومة، و كل السلطات، و الأحزاب،و سائر القوى و المكونات؟
و كل هؤلاء يرون أن من العيب أن يذكّروا أحدا ، أو يذكرهم أحد بأن هناك عاصمة مختطفة، مع أجزاء واسعة من البلاد ، و موارد منهوبة، و شعب يُضطهد من مشروع إمامي كهنوتي مرتهن لإيران.
الجميع يعرف أن أولى الخطوات لإيقاف تدهور العملة ؛ يتوقف على استئناف تصدير النفط ، و تصدير النفط لا يكفيه، و لا يحله ضغط الشارع، وإنما يحله ضغط في الجبهات. و هنا مربط الفرس، فلا نتعامى عن الحقيقة بحركات استعراضية لا تحرر موردا، و لا تسقط انقلابا.
إن هذا الواقع الذي تعيشه اليمن، يجعل الجميع وجها لوجه أمام الخيار الإجباري الذي فرض على البلد عامة ؛ و هو خيار التحرير؟
إن بلدا تعيش هذه الظروف التي تعيشها اليمن سياديا، و عسكريا،و اقتصاديا؛ تجعل المسؤولية حاضرة في أعلى سلم المسؤولية، و لدى أدنى القواعد الشعبية، حيث أن الهم الكبير،و الواجب الأكبر، و المقدم على كل الاهتمامات ؛ هو واجب التحرير.
اليوم تُسجل المواقف لكل الفئات و المناطق ؛ المواقف الرسمية،و الشعبية،و مواقف الحاكم،و المحكوم، و مواقف كل القوى السياسية،و الاجتماعية .. و غدا ستتحول هذه المواقف إلى تاريخ تقرؤه الأجيال؛ المواقف الرسمية، و الشعبية، و مواقف الحاكمين، و المحكومين، و القوى السياسيّة و الاجتماعية، و الفقراء، و الموسرين، و لن يسجل التاريخ الحركات الاستعراضيّة، و المزايدات الإعلامية، و المواقف المصطنعة؛ لأنها جميعها مجرد زَبَد يتلاشى، و يذهب جفاء، بعد سويعات، و لا يبقى إلا ما ينفع الناس، و لا يقبل التاريخ إلا إلا مواقف الصدق، و الوفاء.
فلتنظر كل فئة، أو كل أحد ماذا سيسجل له التاريخ غدا، و ماذا ستقرأ عنه الأجيال القادمة.
الانشغال عن الهم الوطني الأعلى أمر مفزع ، و الحديث الأناني في شأن خاص، أو مشاريع صغيرة و ضيقة ، في ظروفنا الاستثنائيّة جريمة لا تغتفر .
المسؤولية اليوم مسؤولية الجميع : رئاسي، و حكومة ، و نواب ، و أحزاب، و شعب ، و لا بد لهذه المنظومة مجتمعة، أن تتصدر بعزم، و حزم ، و اتحاد " وسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون".
و القيادة الجماعية، و كمسؤولية؛ عليها أن تثبت هذا، و أن تبرز للشعب كفريق واحد يعي خطورة الوضع ، و يعي عظمة مسؤوليته،و يعمل بكل، و سيكون الجميع وراءها بلا تردد.
المسؤولية الذاتية تجعل المرء كبيرا ( رسميا أو شعبيا )، كبيرا بحجم الوطن ، و يفترض أن يُسرّح نظره و بصره، و بصيرته في كل أرجاء الوطن ، مجتهدا في نفعه و خدمته ، حاملا لهمومه، لا لنزعات النفس و أطماعها، التي تخلد به إلى الأرض، و تهوي به الريح في مكان سحيق.
الصغير يعجز أمام الصعاب الصغيرة، و يراها مستحيلة ، فيقنع بما تأتَّى من فُتات ، و يدور حول ذاته ، و ينصرف نحو هموم نفسه ، التي لا تليق بربة بيت فقدت عائلها ، و الكبير يصمد أمام الصعاب و المستحيل، و يراها في متناول اليد ، فيسعى بهمم الرجال ، و طموح الفرسان ؛ للظفر بأكبر غاياته و طيّاته، و أعظم أهدافه.
الكبار ليست معركتهم التجاذبات البينية ، و لكن ميدان معركتهم يبرز في مواجهة التحديات، و ما يهدد الوطن من الأخطار.
يجب اليوم أن تتحاشى القوى السياسيّة ؛ في ان تنجر إلى هوس المناكفات ، أو الاستقطابات الضيقة أو في سوق المزايدات ! و أجزم بأن المزايدة، و الابتزاز لم تكن في أي يوم من الأيام و لن تكون مصدر خير لأي بلد ، و حتى لأي حزب، و هي مجرد سراب يحسبه الظمآن السياسي ماء.
إن الوضع الذي تعيشه اليمن لا تحتاج للعقلية المزايِدة التي تتولد في غرف التنظير ،أو الاستقطابات، أوفي أجواء مسمومة بنزعة تنافسية، لا تميز بين واقع يهدد الوطن حاضرا و مستقبلا، و واجب يجب التمحض له؛ و بين السعي لتسجيل موقف يصطحب فيه شياطين المناكفة و الابتزاز ، و كأن المسكين يَبيْت عشية حملة انتخابية ..!!
الوضع الذي تعيشه اليمن، يتطلب حشد كل الطاقات و الدفع بها بحسب كل مجال نحو التحرير . أما البلبلة و الإرجاف، و التشكيك بالمواقف ، فهي مهمة أبواق الحوثي و مطابخه. و من قد ينجر بسذاجة لهذا الفعل ، فليسأل نفسه : ما الذي أبقاه للحوثي و أبواقه ؟ أو ما الذي يختلفون به عنه ؟!
إن الذين يعيشون همّ البلاد، و همّ تخليصها يجدون ما يملأ عليهم تفكيرهم و وقتهم ، و من يَعِشْ هم إشباع رغباته، و أنانيته، يغرق في وحل المزايدات، و التنقيب و التفتيش عن العيوب، و القصور لدى الآخرين .. و كفى بالحر نبلا أن تُعدّ معايبه.
إن على النخب: الحاكمة،و السياسية، و كل احرار الشعب أن تعي تماما أنه لا خلاص للجميع إلا بالانتصار لمبادئ الحق و العدل، و الحرية و قيم الثورة و الجمهورية في اصطفاف واضح يؤدي إلى التحرر، و التحرير، و أن لا يكون في الصف من يفكر بخط رجعة مع العدو ، على حساب هذه المبادئ، تقوده إليه أنانية نفعية، تبتعد به عن المبدأ ، و مبادئ الثورة اليمنية: سبتمبر و أكتوبر.