جاءت الوحدة اليمنية بالأمان والحرية والتعددية الحزبية، وكانت التعددية أبرز عنوان للعمل السياسي المقترن بالحدث المبارك. حيث تم إخراج العمل السياسي من الغرف المظلمة إلى تحت الشمس، وتم التخلص من جراثيم الغرف العمياء التحتية والعمل السري المليء بالعاهات والأمراض. لقد تقابل الناس في مجالس مفتوحة، نظر بعضهم إلى بعض، صافح اليمنيون أنفسهم، اكتشفوا بعضهم، تفاهموا بحوار مفتوح فوق الطاولة، وظهر الجانب الإنساني والعلاقات الحميمية. قال الجميع للآخر: "لم أكن أعرفك"، وكانت صورتك سوداء. قامت الوحدة المباركة، فقام معها العمل المشترك الجاد، وبدأت القواسم الوطنية تتقدم اهتمامات الجميع. لقد كان الإصلاح أهم وأبرز تلك اللحظة الوطنية، وذاك الإعلان التاريخي الرائد.
ومن التوفيق أن يختار الإصلاح الشمس شعارًا له، فالحقيقة أن الشمس كانت شعارًا معبرًا لتلك المرحلة الزاهية من تاريخ اليمن التي أعلن فيها الوحدة في 22 مايو. وتحول الإصلاح كمفردة وطنية وعنوان بارز للوحدة اليمنية الممتدة بجذورها إلى الثورات اليمنية والجمهورية والعمل الوطني المشترك الذي يؤمن بالآخر عبر تعاون مثمر وتنافس شريف.
ومن خلال النضال السلمي والحوار الذي لا ينقطع، خاض الإصلاح نضاله السياسي من أجل دولة يمنية قوية تعلي من شأن المواطن صاحب الحق في اختيار الحاكم من خلال انتخابات حرة ومباشرة، وعمل سياسي مرن يؤمن بالآخر كجزء من حقيقة وجود الوطن وتفاعلاته.
ونُفذت برامج وأنشطة سياسية عظيمة تفردت بها اليمن، محسوبة للحكم والمعارضة. وكان المفترض أن تتراكم هذه التجارب التي صنعها الإصلاح وشركاؤه في منظومة العمل السياسي، لولا أن عجلة العربة الوطنية تم تفجيرها قبل أن تصل إلى بر الأمان عبر انقلاب غاشم وتفجير غادر أودى بكل شيء. واليوم ما زال النضال مستمرًا، يتفاعل بقوة عبر جيل إصلاحي جديد أكثر صلابة وأعمق وعيًا للخروج من الحفرة التي وقع فيها اليمنيون، بعزيمة متجددة يرى فيها العدو بتفاصيله ويشخص أصل المرض ليجتثه من أصوله وأعراضه الاستعلائية المعتمدة على خرافة عنصرية سلالية مقيتة، لكي يدخل اليمن مرحلة الجمهورية الجديدة بكل أبنائها وبمشروع جمهوري يتلافى الأخطاء ويتجاوز العثرات الحضارية التي وقع فيها.