الحديث عن 26 سبتمبر إنما هو حديث عن نعمة أنعم الله بها على اليمن أرضا و إنسانا؛ بأن أخرج الله فيه اليمنيين من غياهب سجن الظلم، و الظلام، و العبودية، إلى نعيم الانعتاق، و التحرر و الحرية. إن شخصا واحدا يُسجن ظلما بضع سنين، لا تسع الدنيا فرحته عند إطلاق سراحه ، فكيف بشعب أنعم الله عليه بأن أطلق سراحه من سجن قضى فيه ردحا من الزمن الأغبر يسومهم فيه الطغيان الإمامي كل أنواع التنكيل؟
لقد كان يوم فتح مكةالمكرمة يوم من أيام الله التي جعلها طريقة واضحة المعالم في تحطيم ليل الطغيان ، و كيفية تكسير الأصنام؛ حيث تحررت مكة من العبودية، و انتقلت بالفتح إلى بحبوحة التحرر، و فضاء الحرية، و كان الفتح فتحا مبينا.
لا يزال ذلك الفتح المبين محل قدوة و أسوة ؛ يترسم خطاه الأحرار في كل حين و زمن؛ كسبيل للخلاص و الحرية. ففي كل زمن، و في كل مكان تنتصب أوثان، و أصنام قد تختلف شكلا، و حركة، و مكانا و زمانا، و لكنها تتطابق ظلما و عدوانا.
و كان فجر ال26 من شهر سبتمبر من العام 1962م. فجرا انتشر نوره في كل أرجاء اليمن ، كبّرت له صنعاء ، و عدن ، و هللت له تعز ، و المكلا، و أبين، و سائر بلاد اليمن.
يا له من تاريخ ناصع بالتلاحم و التآخي و الروح الوطنية الواحدة يوم تقاطرت جحافل اليمنيين من كل حدب وصوب يدافعون عن الثورة و الجمهورية، و تحطيم الأغلال و القيود، و السجون، و تدمير موبقات الجهل و التخلف.
نعم الجهل و التخلف،و إلا فاسألوا التاريخ؟ كم كان عدد الجامعات في كل أنحاء اليمن صبيحة يوم السادس و العشرين من سبتمبر؟
لا يستطيع تاريخ الإمامة ، ولا يطيق (أنصار الإمامة) اليوم أن يجيبوا عن هذا السؤال. و حتى سلو أنصار الإمامة اليوم كم أستاذا جامعيا طردتموهم إلى الشارع؟ كم كلية جامعية أغلقتم؟ كم جامعة صادرتم؟ كم جامعة أفرغتموها من رسالتها و حولتموها إلى وكر لخرافاتكم؟
ماذا قدم انقلاب 21 سبتمبر غير النكبة و الدمار، و الارتهان؟ أي بؤس رهيب نزل بالبلاد في ذلك اليوم التعيس؟
فليقل أنصار الإمامة الذين أظهروا لفظ الجلالة و تستروا على مفردة الإمامة ربما على طريقة خرافة الإمام المستور فليقل هؤلاء ، و من على شاكلتهم ما يشاؤون عن 26 سبتمبر و عن أكتوبر، و نوفمبر، و فبراير .. غير أننا في المقابل نريد منهم أن يذكروا لنا حسنة واحدة فقط أتت بها كارثة 21 سبتمبر ؟!!
21 سبتمبر وصمة عار ! حتى تزول من على أرض الجمهورية اليمنية. و مهمة كل اليمنيين الأحرار من غير عكفة الزنابيل و أنصار الإمامة محو ذلك العار.
21 سبتمبر نكبة كبرى قادت اليمن إلى نفق مظلم ، لاتزال جرائمه تتوالى حتى هذه اللحظة، و هذا يوجب على اليمنيين هدم هذا النفق و إنقاذ البلاد منه.
21 سبتمبر كارثة ؛ أودت بكل جميل ؛ و جلبت كل ضار و قبيح يستهدف الحجر و البشر.
فليتضافر الخرافيون من( أنصار الإمامة) ، و الزنابيل المتمسحون بعتبات الخرافيين، و من لَفّ لَفَّهم، و يقدموا إيجابية واحدة فقط جاء بها انقلاب 21 سبتمبر المشؤوم.
أمام اليمنيين أجمعين، حكاما و محكومين، و أحزابا و مكونات؛ مهما اختلفت رؤاهم، أو تباينت أغراضهم أن يعلموا أن الطريق لتحقيق مآربهم، يتمثل في إسقاط الانقلاب التعيس، انقلاب 21 سبتمبر، و إن توهم الاستفادة من مليشيا الحوثي ليست بأحسن من توهم إبليس في أن يدخل الجنة !